رأي

البحرين والقمة العربية في ظل التحديات الإقليمية

البحرين والقمة العربية في ظل التحديات الإقليمي

كتبت د.سعاد ياسين, في “السياسة”:

استضافت مملكة البحرين القمة العربية الـ33 في 16 مايو الجاري، مؤكدة حكمة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد، ومعززة لمكانة المملكة، ودورها الفعال في المشهد العربي.

وجاءت هذه الاستضافة تجسيدا للعلاقات الوطيدة التي تجمع البحرين بأشقائها العرب، وتعزيزا لما تمتلكه المملكة من مقومات كبيرة لإدارة مثل هذا التجمع الأكبر، والأهم في العالم العربي، من كل النواحي اللوجستية والسياسية.

ان استضافة المملكة لهذه القمة لهو دليل على أهميتها الستراتيجية والسياسية، ودورها الأساسي والمحوري في إدارة السلام في المنطقة، ويشكل اضافة للمملكة وإنجازا سياسيا كبيرا، وتاريخها العربي الزاخر بالإنجازات والمبادرات التي تدعم السلام والتنمية المستدامة في الوطن العربي.

وقد جاءت القمة العربية في ظرف استثنائي حرج، وتوقيت صعب، وقد أكد وكيل الوزارة للشؤون السياسية بوزارة خارجية المملكة الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة خلال اجتماع المندوبين الدائمين التحضيري، أن القمة العربية تأتي “في ظرف استثنائي حرج، وتوقيت صعب، بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجه العالم العربي، ويأتي في مقدمتها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما آلت إليه الأوضاع الإنسانية المؤلمة في القطاع، يضاف اليها معاناة الأهالي الأبرياء من عمليات القتل والجوع والحصار، وتدمير البنى التحتية، في ظل ازدواجية المعايير الدولية”.

وفي ظل هذا السياق، برزت قدرة البحرين على توفير بيئة ملائمة لنجاح القمة، وعكست الثقة الكبيرة التي يوليها المجتمع العربي والدولي للمملكة، حيث أثبتت على مر السنين قدرتها على تأدية دور محوري في تعزيز الحوار والتعاون بين الدول العربية، والمساهمة في إيجاد حلول ديبلوماسية للنزاعات الإقليمية، مما يعزز من استقرار المنطقة.

كما شهدت القمة العربية تركيزًا استثنائيًا على القضية الفلسطينية، حيث امتلأ جدول أعمال القمة، وبيانها الختامي بالمحادثات والمقترحات المتعلقة بهذه القضية الحيوية، وهذا التركيز يؤكد الرؤية المتجددة لضرورة التصدي للتحديات الحالية التي تواجه العالم العربي.

وتمثل القضية الفلسطينية نقطة تلاقٍ لمصالح واهتمامات الدول العربية، ويظهر هذا جليا ببيانها الختامية الذي دعا لعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وقد جاء هذا الاقتراح يبرز التوافق العربي على ضرورة التحرك الدولي المشترك لتحقيق السلام في المنطقة.

ويمثل التركيز على الوضع الفلسطيني في القمة دليلاً واضحًا على تفاني الدول العربية في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وتعزيز العدالة وحقوق الإنسان في فلسطين.

كما استند بيان القمة على مجموعة من المطالب الفعّالة، بما في ذلك نشر قوات حفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية، ووقف التهجير القسري، مما يعكس تصميم الدول العربية على مواجهة التحديات الإنسانية والأمنية في المنطقة.

وركز البيان الختامي على التزام القادة بدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وتشجيع المجتمع الدولي على التصدي بجدية لممارسات إسرائيل العدوانية وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين.

وعبرالبيان عن التزام العرب تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وقد تجلى ذلك في التأكيد على ضرورة حل الأزمة السورية وفقا للقرار 2254، دون أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية، وتشجيع الجهود الرامية لتحقيق المصالحة الوطنية في السودان واليمن، ودعم الاستقرار في ليبيا من خلال خروج كل القوات الأجنبية من أراضيها.

فاستمرار الأزمات المتعددة يعزز الحاجة إلى تعزيز التعاون العربي، وتضافر الجهود للتصدي للتحديات الإقليمية، مما يبرز دور القمة كمنبر للتشاور، واتخاذ القرارات الجماعية في سبيل تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.

ورغم تلك الظروف الاقليمية الصعبة، فإن هذه القمة شهدت جهودًا مشتركة لتحقيق التضامن واستعادة وحدة الصف العربي، التي تمثلت بالمباحثات والبيانات، وحملت رسالة قوية للمجتمع الدولي بشأن تعزيز التعاون العربي ودورهم في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

ومن المهم أيضًا أن تكثف الدول العربية الجهود للتفاوض والتفاهم مع القوى العالمية، والمنظمات الدولية، بهدف تنفيذ البيان الختامي للقمة المنامة ومعالجة الأزمات المتعددة في المنطقة.

اما على الصعيد الدولي، ينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يتبنى مواقف تدعم جهود الدول العربية، وتساعدها على تحقيق أهدافها للسلام والاستقرار.

وفي النهاية، فإن نجاح قمة المنامة يكون في القدرة على تحويل هذه البيانات إجراءات فعلية تؤدي إلى تحقيق التقدم والاستقرار في المنطقة العربية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى