
محمد بلوط – الديار
الحديث عن مبادرات حول الاستحقاق الرئاسي مع مطلع العام الجديد، لا يزال حتى الآن مجرد تكهنات اعلامية، ترافقت مع بعض التحركات السياسية في الايام القليلة الماضية، لا سيما اللقاءات المعلنة وغير المعلنة بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
ولم يتضح او يتأكد ما اذا كان باسيل يعتزم الاعلان عن مبادرة محددة في الاسبوعين المقبلين حول انتخاب رئيس الجمهورية. لكن مرجعا سياسيا بارزا ابلغ زواره امس انه لم يتلق اية اشارات او علامات في هذا الصدد، وانه سمع وقرأ عن هذا الموضوع في وسائل الاعلام والصحف .
وفي الحديث عن المبادرات حول الاستحقاق الرئاسي، يقول مصدر سياسي مطلع انه بعد فشل او افشال مبادرة الرئيس بري الحوارية على يد الثنائي المسيحي «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، تشهد الساحة الداخلية بعض اللقاءات الثنائية والاتصالات السياسية بين اطراف سياسية من هذا الفريق وذاك ، لكنها لم ترتق الى حوار مفصل حول الاستحقاق الرئاسي، بقدر ما عبرت عن رغبة مشتركة بين هذه القوى في التواصل وعدم القطيعة في ما بينها . لذلك، فان كل ما حصل مؤخرا لم يرتق الى البحث في مبادرات محددة حول انتخاب رئيس الجمهورية واخراج الاستحقاق الرئاسي من حالة المراوحة والجمود .
ووفقا للمعلومات المتوافرة، فان عملية عض الاصابع حول هذا الاستحقاق لا تزال هي السائدة حتى اشعار آخر، او الى حين بلورة تسوية رئاسية تتشارك او تتقاطع عليها الجهود الداخلية والخارجية .
وبرأي المصدر المطلع ان كلام الرئيس الفرنسي مؤخرا عكس رغبة باريس في الاستمرار بدورها، والسعي الى انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب فرصة ممكنة، لكنه عبّر في الوقت نفسه عن الاستياء من تعاطي الاطراف السياسية اللبنانية مع هذا الاستحقاق، آملا في تغيير المنحى ومواقف هذه القوى لانتخاب رئيس جديد يحظى بثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي ويسرّع في تحقيق الاصلاحات.
ويلفت المصدر ايضا، الى ان ماكرون كان واضحا في استبعاد عقد مؤتمر دولي حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وبالتالي اسقط رهانات البعض على تدويل هذا الاستحقاق او الازمة اللبنانية. وهذا ما يضع الاطراف اللبنانية امام مسؤولياتها مع مطلع العام الجديد .
لذلك تكثر الاسئلة حول ما سيحمله الشهر المقبل من تطورات على هذا الصعيد، خصوصا ان استمرار مسلسل جلسات انتخاب الرئيس على منوال ما جرى في الجلسات العشر السابقة، يزيد من حالة الاحباط ويطيل الازمة .
ويبدو مشهد الاستحقاق الرئاسي معقدا مثلما كان من قبل . ففريق المعارضة الذي لجأ الى ترشيح النائب رينيه معوض وصل الى حائط مسدود، بعد الجلسات العشر التي اظهرت جليا ان هذا الخيار لم يحقق اية نتيجة حتى على مستوى المناورة السياسية . لذلك جرى الحديث والبحث من بعض هذا الفريق بعد الجلسة الاخيرة عن استبدال اسم معوض باسم المرشح صلاح حنين لكسب اصوات نواب «التغيير» بكل الوانهم ، لكن هذه الفكرة اصطدمت برفض «القوات اللبنانية» التي تعتبر ان هذه الخطوة تنازلا من قبلها لصالح «التغييريين» الذين استمروا على رفضهم التصويت لمعوض، عدا عن انها ترغب بالاستمرار في ثباتها على مرشحها المعلن الى حين بلورة التسوية الرئاسية.
ولا يبدو ان المعارضة في صدد خطوة بديلة، لا سيما ان هناك خلافات واضحة بين اطرافها حول التعاطي مع المرحلة المقبلة، او حول المرشحين الجديين الذين يمكن ان ترسي على احدهم التسوية النهائية.
وفي المقلب الآخر، يبدو المشهد ايضا ضبابيا، لا سيما في ظل اصرار النائب جبران باسيل على رفض تأييد سليمان فرنجية، وسعيه الى ان يكون احد العرّابين الاساسيين لخيار ثالث بين فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وتقول مصادر مطلعة، ان باسيل اظهر مؤخرا حيوية سياسية لبعث رسالة للآخرين، مفادها ان انتهاء عهد الرئيس ميشال عون لا يعني ضمور دوره ودور تياره، اكان بالنسبة للاستحقاق الرئاسي ام على صعيد المعادلة السياسية في البلاد بصورة عامة .
وتعتقد المصادر انه ليس بصدد مبادرة تضع النقاط على حروف اسم مرشح الخيار الثالث، وان حصل ذلك، فانه سيكون من باب الاستهلاك السياسي، لانه يعرف ان الخيار الثالث غير مطروح، وان حز/ب الله يؤيد ترشيح فرنجية وليس في صدد الانتقال الى الخطة ب .
ويشار في هذا المجال، الى ان تسريبات متنوعة جرت حول لقائه الاخير الشهير مع الامين العام للحزب السيد حسن نص/ر الله ، لكن ما هو مؤكد ان السيد نص/ رالله كان صريحا في ترشيح فرنجية، وان باسيل حاول الهروب الى الخيار الثالث لكنه فشل في طرق هذا الباب خلال اللقاء.