لينا الحصري زيلع
خاص رأي سياسي
لا يزال موضوع الرسالة الذي وجهها الموفد الفرنسي جان ايف لو دريان الى المجلس النيابي تتفاعل داخليا، وسط تسجيل ملاحظات واعتراضات من قبل عدد كبير من نواب المعارضة، في الوقت الذي تعامل معها “الثنائي الشيعي” بمنتهى الهدوء دون تسجيل اي ضجيج حول هذه الرسالة ومعرفة ما اذا كان سيتم الإجابة عنها من قبله ام لا.
ولكن مهما يكن، فالأكيد ان الأوضاع ليست على ما يرام، وباتت الأمور تتجه الى المزيد من التشنجات والسلبيات، في ظل انقسام كبير واضح في البلد، وتعطيل متواصل لكافة مؤسسات الدولة وفي مقدمها الرئاسة الأولى، واللافت كان وسط الانقسام النيابي الأجواء السلبية التي صدرت عن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على خلفية تعطيل نصاب الجلسة التشريعية يوم الخميس الماضي، والذي كان على جدول اعمالها بنود ذات أهمية متعلقة بالإصلاحات المطلوبة، هذا الامر دفع الى التساؤل حول ما اذا كان الرئيس ميقاتي فعلا بصدد الاعتكاف ام لا، وتشير مصادره الى ان هذه المسألة لا زالت غير مطروحة حتى الان، ولكنه اراد من خلال موقفه الأخير توجيه رسالة تحذيرية لكافة القوى السياسية حول صعوبة الأوضاع، ووجوب مشاركتها في تحمل المسؤولية.
مصادر سياسية رفيعة المستوى أبدت عبر “رأي سياسي” تشاؤما حيال مستقبل الاستحقاق الرئاسي، في ضوء ما أكده رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد للموفد الفرنسي باستمرار التزام الحزب بترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية حتى ” لو جف البحر”، مما يعني ان لا إمكانية للوصول الى توافق حول رئيس، وأشارت المصادر ان كل المعطيات تؤكد بان “الثنائي الشيعي” وتحديدا “حزب الله” لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية حسب الأصول والدستور، مما يعني ان الأجواء لا تبشر بإمكانية التقارب في وجهات النظر بين المعارضة والحزب مع الارتفاع في منسوب الشرخ بينهما.
واستبعدت المصادر وصول الحوار بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” الى اي نتيجة، مشيرة الى ان ليس بإمكان الحزب إعطاء باسيل أيًّا من مطالبه وشروطه، خصوصا انها شبه تعجيزية من خلال ابتزازه ومطالبته بقيادة الجيش، وحاكمية مصرف لبنان، واللامركزية المالية والسيطرة على الصندوق السيادي.
المصادر نعت مسبقا نتائج الزيارة التي سيقوم بها الموفد الفرنسي الى بيروت الشهر المقبل، ولكن في المقابل اثنت على عمل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري من خلال تمسكه بالنصوص القانونية، والحريص على عدم التفريط بالاحتياطي المتبقي والبالغ 7 مليار دولار وهي ودائع الناس ، ولكنها تؤكد ان رواتب القطاع العام والأجهزة العسكرية والأمنية تم تأمينها لهذا الشهر.
من ناحيته، يقول عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب سعيد الاسمر لموقعنا:” الدستور اللبناني واضح جدا بالنسبة لانتخاب رئيس، فهناك مجلس نيابي منتخب من الشعب عليه ان يقوم بواجباته بانتخاب رئيس للجمهورية، ولكن ما نراه اليوم ان هناك فريق سياسي يعطل هذه الانتخابات ويخطف المجلس النيابي لإيصال المرشح الذي يريده ويقول “اما السير في طريقي، او لا طريق”، فكيف يمكن ان يكون هناك حوار طالما يريد من الفريق الاخر التوافق على مرشحه، و تهديده بإقامة الدويلة مكان الدولة، وكي يصبح البديل هو الأصيل رافضا تطبيق القوانين.”
واعتبر الاسمر ان الفراغ الرئاسي افضل من وصول رئيس يكون على صورة الرؤساء الذين تم انتخابهم في السابق، او يكون دمية في يد “حزب الله” يطبق ما يريده الحزب من خلال الدستور، لافتا الى ان وصول مثل هكذا رئيس من شأنه ان يعمق الازمة اكثر على كافة المستويات.
وقال :” اذا اردنا التوجه الى حوار علينا ان نتطرق الى شؤون أساسية تهم الشعب اللبناني بأكمله، فاتفاق الطائف مثلا كان واضحا عندما قال لا سلاح الا بيد الشرعية اللبنانية، وليس بيد المقاومة الإسلامية التابعة لإيران، فسلاح الحزب خارج عن الشرعية و يتسلط على رقاب الشعب والدستور والقضاء والقوى الأمنية”.
وشدد ان الانتخابات في البرلمان حسب الدستور هي التي توصل الى الرئيس وليس الحوار، مؤكدا ان انتخاب الرئيس هو البداية لأي حل ولإعادة انتاج السلطة الدستورية، والا لنذهب الى دستور اخر ونقول انه بلد توافقي وفي هذه الحال نصبح في مزرعة وليس في دولة.
وردا على سؤال أشار الاسمر ان فرنسا كانت دائما الى جانب لبنان، وهي ما زالت تسعى لتقريب وجهات النظر لمصلحة لبنان وشعب، لافتا بان الموفد الفرنسي لمس ان الفريق الاخر غير مستعد للتنازل، بينما فريق المعارضة كان حاضرا دائما في جلسات انتخاب رئيس وعلى استعداد للتفاهم على رئيس ولو بالحد الأدنى من المواصفات السيادية، ولم نقل اننا نتمسك بمرشحنا ولا نقبل بتغييره، من هذا المنطلق رشحنا بداية ميشال معوض ومن ثم جهاد ازعور واذا وجدنا ان هناك افضل يستطيع تأمين الثلثين سنكون الى جانبه.
وفي الختام اكد الاسمر رفض المجيء برئيس يحمي ظهر المقاومة، في الوقت الذي لدينا جيش لبناني واحد، وعليه حماية جميع اللبنانيين كي لا يكون هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد.