محمد حسن الساعدي_ خاص موقع “رأي سياسي”:
مع بداية الحملة الانتخابية للمتنافسين على رئاسة الولايات المتحدة الامريكية أمتلئت وسائل الاعلام الامريكية بتنبؤات وتكهنات عن هذه الانتخابات، إذ صورها البعض بانها الاقوى منذ تأسيس الولايات المتحدة الامريكية، ويتحدث البعض الآخر عن توقعات نتائجها المحتملة، والتأثيرات التي من الممكن أن تفرضها على المشهد السياسي الداخلي وعلى السياسة الخارجية لواشنطن وهي تعتبر الحدث الابرز لهذا العام من بين كل الانتخابات التي جرت في العالم، وبعد الأحداث التي ضربت العالم وأثرت بشكل عكسي، خصوصاً بعد تراجع شعبية “جون بايدن” وعدم قدرته على الصمود أمام خصمه “دونالد ترامب” الذي يعتمد كلياً على فوزه في الانتخابات واعادة هيبته بعد القضايا التي تطارده.
دائماً ما تركز الانتخابات الامريكية على الوضع الداخلي، ومسائل داخلية مثل الهجرة والصحة العامة وتغير المناخ والعمل والجريمة المنظمة والتضخم ونادراً ما تركز على مسائل السياسة الخارجية، ولكنها بالمقابل مهمة للعالم ومدى تأثيرها على الاقتصاد والاستقرار العالمي، بل على العديد من الصراعات التي تضرب العالم وتغير مجرى الاحداث في الكثير من دول العالم بل الاكثر من ذلك تلعب باقتصاديات الدول وتؤثر على ارتفاع وانخفاض العملة لديها.
الصراع الدائر في وسط اوروبا يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على الاوضاع في العالم، ويترك بصمة على الصورة الاجمالية للنظام في العالم ما يعني ان المكاسب السياسية لواشنطن تتلاشى شيئاً فشيئاً، ويمكن القول ان الازمة الاوكرانية أصبحت بمثابة مخدر للولايات المتحدة الامريكية والذي اعطى الفرصة له ان تقف قليلاً عند هذا الالم وتتجاهل الكثير من المشاكل التي عصفت بها منذ عقود مضت، كما هو الحال في الازمة الحالية في اوروبا والتي على الرغم من المكاسب التكتيكية التي تحرزها الادارة الامريكية، الا أنها تعمل على تشويه النظام السياسي الامريكي وتجبره على التركيز أكثر على المشاكل الاوروبية المباشرة، وتأجيل النظر في الخلافات والمشاكل التي تضرب العلاقة مع الصين، والتي هي الاخرى وعلى طول ثلاث سنوات الماضية لم يستطع ساسة البيت الابيض من إيجاد الحلول لها.
الازمة الاوكرانية كشفت القناع امام العالم بان فرضية حكم العالم من احادي القطب أصبحت من الماضي، إذ لم تستطع واشنطن أستعادة ثقة حتى شركائها وحلفائها في العالم، وأنها غير مهتمة تماماً بالدعوة لمناقشة هذه الازمة أو غيرها من الازمات وإيجاد الحلول المتوازنة والطويلة الامد، لذلك لم تنجح السياسات الامريكية في إيجاد الحلول لكل هذه المشاكل في العالم، وهذا ما انعكس بالداخل من إنهيار البنى التحتية في واشنطن وارتفاع المشاكل الاجتماعية والامراض، وبقاء التفاوت الاجتماعي راكد مكانه دون حلول، لذلك يمكن الاستنتاج أن النظام السياسي الامريكي قد أستنفذ امكاناته السابقة في تحريك الوضع الدولي نحو الافضل، لذلك بدأت الاوضاع تتحرك نحو الاقطاب المتعددة والتي من الممكن جداً تحول النظام السياسي العالمي الحكم بالشراكة بين اقطاب العالم.