الانتخابات الأوروبية: مكاسب كبيرة لليمين المتطرف.. وضربة مؤلمة لماكرون وسولتش
حققت الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف، مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي الذي يضم 720 مقعداً، الأحد، مما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدعوة إلى انتخابات مبكرة، فضلاً عن زيادة حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاتجاه السياسي لأوروبا.
ووجهت الانتخابات ضربة مؤلمة في الداخل للرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، مما أثار تساؤلات حول الكيفية التي ستوجه بها القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي العملية السياسية داخل التكتل.
ودعا الرئيس الفرنسي إلى انتخابات برلمانية تُجرى جولتها الأولى في 30 يونيو/ حزيران، في خطوة محفوفة بالمخاطر سعياً لإعادة ترسيخ سلطته.
ومثل ماكرون، واجه المستشار الألماني ليلة مؤلمة، بعد أن سجل حزبه الديمقراطي الاجتماعي أسوأ نتيجة له على الإطلاق، إذ عانى على يد المحافظين وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف.
والتوجه المتوقع للبرلمان الأوروبي نحو اليمين يعني أن المجلس قد يكون أقل حماساً للسياسات الرامية إلى معالجة تغير المناخ، بينما سيكون حريصاً على التدابير الرامية للحد من الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، وهو تكتل يضم 450 مليون مواطن.
وفي المقابل حقق حزب الشعب الأوروبي (PPE) مكاسب ملحوظة بزيادة 10 مقاعد، مما يعزز موقعه كأكبر كتلة في البرلمان، حيث حصل (يمين ووسط) على 186 مقعداً، وتأتي هذه النتيجة في مصلحة أورسولا فون دير لاين العضو بالحزب، حيث تضعها في موقع الصدارة للفوز بولاية ثانية في رئاسة المفوضية الأوروبية.
لكن فون دير لاين قد تحتاج إلى دعم من بعض القوميين اليمينيين مثل حزب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني (إخوة إيطاليا) لضمان الأغلبية البرلمانية، وهو ما يمنح ميلوني وحلفاءها المزيد من النفوذ.
وكان استطلاع للرأي قبيل إعلان النتائج أظهر أن الاشتراكيين والديمقراطيين من يسار الوسط في طريقهم، لأن يصبحوا ثاني أكبر تجمع سياسي في البرلمان الأوروبي حتى مع خسارتهم لستة مقاعد لينتهي بهم المطاف إلى الحصول على 133 مقعداً.
توزيع المقاعد في البرلمان الأوروبي:
حقق حزب الشعب الأوروبي (PPE) مكاسب ملحوظة بزيادة 10 مقاعد، مما يعزز موقعه كأكبر كتلة في البرلمان.
حيث حصل (يمين ووسط) على 186 مقعداً. فيما شهد التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D) خسارة في المقاعد، مما يشير إلى تراجع طفيف في دعمهم. حيث حصل على 133 مقعداً، بنسبة تغيير بلغت -6 مقاعد.
أما حزب تجديد أوروبا (RE) فكان الخاسر الأكبر بفقدان 20 مقعداً، مما قد يؤثر في قدرتهم على تشكيل التحالفات.
وهوى (حزب ماكرون والليبراليين) بحصوله على 82 مقعداً فقط، بنسبة تغيير وصلت إلى -20 مقعداً.
وكان «هوية وديمقراطية» (ID) «اليمين المتطرف» الفائز الأكبر من حيث نسبة الزيادة، حيث أضافوا 11 مقعداً إلى كتلتهم، وحصلوا على 60 مقعداً، بنسبة تغيير بلغت +11 مقعداً.
وشهدت الأحزاب الخضراء واليسارية خسائر في عدد المقاعد، مما قد يؤثر في الأجندات البيئية والاجتماعية. حيث حصل الخضر/التحالف الأوروبي الحر (Verts/ALE) على 53 مقعداً، بنسبة تغيير بلغت -18 مقعداً.
وفاز «المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين» (ECR) بـ 70 مقعداً، بنسبة تغيير +1 مقعد، فيما حصل «غير المنتمين» (NA) على 50 مقعداً بنسبة تغيير -12 مقعداً. وحصل اليسار (The Left) على 36 مقعداً بنسبة تغيير -1 مقعد، وحصل آخرون (Autres) على 50 مقعداً.
ويشير توزيع المقاعد الحالي إلى تغيرات في ميزان القوى داخل البرلمان الأوروبي، مع تقدم ملحوظ للأحزاب اليمينية والمحافظة، وتراجع نسبي للأحزاب الوسطية واليسارية. وبالتالي سيكون من المهم مراقبة كيفية تشكيل التحالفات وتأثيرها في التشريعات والسياسات الأوروبية المستقبلية.
التشكيك في الاتحاد الأوروبي
ومع ذلك فإن حجم النفوذ الذي ستمارسه الأحزاب القومية المتشككة في الاتحاد الأوروبي سيعتمد على قدرتها على التغلب على خلافاتها والعمل معاً. وهذه الأحزاب منقسمة حالياً بين فصيلين مختلفين، كما أن بعض الأحزاب والمشرعين خارج هذين التجمعين في الوقت الراهن.
وكانت الانتخابات قد بدأت الخميس في هولندا وفي دول أخرى الجمعة والسبت، لكن موعد الإدلاء بالجزء الأكبر من الأصوات في الاتحاد الأوروبي كان هو الأحد، حيث فتحت فرنسا وألمانيا وبولندا وإسبانيا مراكز الاقتراع، بينما شهدت إيطاليا يوماً ثانياً من التصويت.
ويصوت البرلمان الأوروبي على تشريعات مهمة للمواطنين والشركات في الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة.
ويشكو الناخبون في أنحاء الاتحاد الأوروبي منذ سنوات من أن عملية صنع القرار في التكتل معقدة ومتباعدة ومنفصلة عن الواقع اليومي، وهو ما يفسر في كثير من الأحيان انخفاض نسبة المشاركة في انتخابات الاتحاد الأوروبي.
ويواجه حزب الخضر الأوروبي الذي كان من بين أكبر الخاسرين في الانتخابات رد فعل عنيفاً من جانب الأسر والمزارعين وقطاع الزراعة الذي يعاني ضغوطاً شديدة بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي باهظة التكاليف التي تحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
دول الشمال
وحققت أحزاب اليسار والخضر مكاسب في دول الشمال في الانتخابات الأوروبية الأحد، في حين تراجعت الأحزاب اليمينية المتطرفة، وفق ما أظهرت النتائج الرسمية واستطلاعات الرأي.
في فنلندا، حقق حزب «تحالف اليسار» تقدماً بحصده 17.3 في المئة من الأصوات، أي أكثر بأربع نقاط مقارنة بعام 2019، وفق النتائج المعلنة بعد فرز 99 في المئة من بطاقات الاقتراع. وقالت زعيمة «تحالف اليسار» لي أندرسون «لم أكن أحلم قط بمثل هذه الأرقام». وسيحصل الحزب على ثلاثة مقاعد من أصل 15 مخصصة لفنلندا في البرلمان الأوروبي، مقارنة بمقعد واحد فقط خلال الانتخابات السابقة.
كما عزّز الائتلاف الوطني (يمين الوسط) بزعامة رئيس الوزراء بيتري أوربو مكاسبه بحصده نحو 25 في المئة من الأصوات، بزيادة أربع نقاط تقريباً.
وتراجعت شعبية «حزب الفنلنديين» اليميني المتطرف المشارك في الائتلاف الحكومي، بحصوله على 7.6 في المئة من الأصوات، أي بانخفاض قدره 6.2 في المئة، ولن يحصل إلا على مقعد واحد.
وقال سيباستيان تينكينن الذي فاز بمقعد الحزب الوحيد لإذاعة «واي إل إي» العامة «هذه دعوة لحزبنا للاستيقاظ».
أما في السويد، فحقق حزب الخضر تقدماً بحصوله على 15.7 في المئة من الأصوات، بزيادة قدرها 4.2 نقطة، وفق استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أجرته قناة «إس في تي» التلفزيونية.
وتقدم «حزب اليسار» أيضاً (+4 نقاط إلى 10.7 في المئة)، بينما سجل اليمين المتطرف الذي يمثله «حزب ديمقراطيي السويد» تراجعاً بمقدار 1.4 نقطة إلى 13.9 في المئة.
وحافظ الاشتراكيون الديمقراطيون على موقعهم في المقدمة بنسبة 23.1 في المئة.
وفي الدنمارك، حيث المشهد السياسي مجزأ للغاية، احتل الحزب الشعبي الاشتراكي الصدارة وحقق تقدماً ملحوظاً بحصوله على 18.4 في المئة من الأصوات، بزيادة قدرها 5.2 في المئة مقارنة بعام 2019، وفق استطلاع لآراء الناخبين عند خروجهم من مراكز الاقتراع أجراه التلفزيون العام «دي آر».
وتراجع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يقود الائتلاف الحكومي إلى 15.4 في المئة.