رأي

الانتخابات الأوروبية ـ هل تعيد الفيضانات المناخ إلى الواجهة؟

كتب ينس توراو, في “DW” :

رصدت منظمات مدافعة عن البيئة والمناخ تراجع اهتمام الناخبين والحملات الانتخابية في انتخابات البرلمان الأوروبي بحماية المناخ مقارنة بالانتخابات السابقة، وبرزت قضايا أخرى. فهل تعيد فيضانات جنوب ألمانيا القضية إلى الواجهة؟

قبل انطلاق الانتخابات الأوروبية لا تبدو لويزا نويباور، الناشطة الألمانية الأكثر شهرة في حركة “Fridays for Future” (أيام جمع من أجل المستقبل) وهي حركة دولية لطلاب وتلاميذ المدارس للدفاع عن المناخ، متفائلة. وقالت في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية: “لقد أصبح خصومنا أقوى، وخاصة المتطرفين اليمينيين والمنكرين للتغير المناخي. وفي الواقع، تراجعت أهمية حماية المناخ بشكل كبير مقارنة بالانتخابات الأخيرة قبل خمس سنوات”.

مؤخراً، نزل آلاف البشر، وخاصة الشباب إلى الشوارع، في ألمانيا وفي العديد من البلدان الأوروبية الأخرى للمطالبة بحماية أفضل للمناخ. واليوم، تربط حركة “أيام جمع من أجل المستقبل” أيضًا بين الحملة الانتخابية الأوروبية وموضوع الشعبوية اليمينية. والشعار هو: “التصويت مثل تنظيف أسنانك، إذا لم تفعل ذلك، سوف يتحول لونها إلى اللون البني!”

تراجع الزخم والاهتمام

تجري المعركة ضد ظاهرة الاحتباس الحراري اليوم في بيئة مختلفة بالكامل عما كانت عليه قبل خمس سنوات. ويتضح ذلك من المظاهرة الكبيرة التي قام بها نشطاء المناخ في برلين يوم الجمعة الماضي: لبى آلاف الأشخاص نداءات حركة “Fridays for Future” في جميع أنحاء العالم. وجرت مظاهرات في 100 مدينة ألمانية. وبلغ عدد المحتجين في برلين 13 ألف شخص، وفي هامبورغ وصل العدد إلى 4700 مشارك، حسب المنظمين.

العدد ليس بالقليل، لكنه لم يصل للمستوى القياسي في عزّ الحركة قبل جائحة كورونا، وتحديداً في عامي 2018 و2019. وقد طالب متظاهرو 2024 بالخروج من عصر الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2035، ومضاعفة الدعم للطاقات المتجددة.

ماذا عن الملصقات الانتخابية؟

كشف استطلاع للرأي لمركز أبحاث الرأي “infratest-dimap” الألماني تراجع اهتمام الناخبين بموضوع حماية المناخ. تعود الأرقام إلى الأسبوع الماضي، أي قبل الفيضانات الكارثية في جنوب ألمانيا. وبيّن الاستطلاع قلق المستطلع آراؤهم بشأن الحروب في أوكرانيا والحرب في الشرق الأوسط والتدهور الاقتصادي. وبعدها تأتي حماية المناخ على سل أولويات الناخبين.

إلقاء نظرة على الملصقات الانتخابية للأحزاب تظهر أيضاً أن القضايا السياسية الداخلية هي المهيمنة، وليس القضايا الأوروبية. يركز الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يقود الائتلاف الحاكم في ألمانيا على مواضيع شتى كالسلام والحد الأدنى للأجور. وموضوع السلام لم يطرح من قبل في انتخابات البرلمان الأوروبي.

نقرأ على ملصق انتخابي للحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ: “أوروبا من أجل السلام والازدهار”. لا كلام عن حماية المناخ.

بين التشاؤم والتفاؤل

وقد رصدت ذلك كذلك المجموعات المدافعة عن البيئة في ألمانيا. يقول مارتن كايزر، خبير المناخ في منظمة السلام الأخضر، لـDW: “يلعب تصعيد خطاب اليمين المتطرف دوراً حاسماً في انتخابات الاتحاد الأوروبي الحالية؛ إذ لا يحاول الشعبويون تقويض ديمقراطية مجتمعنا التعددي فحسب، بل يحاولون أيضاً تصوير القوانين اللازمة لحماية المناخ والتمويل اللازم لذلك على أنها غير ضرورية على الإطلاق وضد مصالح الشعب”.

ولكن ربما، كما يقول مارتن كايزر، يمكن لصور الفيضانات في جنوب ألمانيا قبل وقت قصير من الانتخابات الأوروبية أن تعيد القضية إلى الواجهة مرة أخرى. ويستشهد مارتن كايزر باستطلاع رأي على مستوى البلاد لألف شابة وشاب بين 16 و23 عاماً ينتخبون للمرة الأولى في حياتهم: أبدى 55% منهم اهتماماً أكبر بالسياسة البيئية.

يبدو ماتياس مايسنر من المنظمة الدولية غير الحكومية “الصندوق العالمي للطبيعة” WWF أقل تفاؤلاً بعض الشيء. ويقول لـ DW: “نلاحظ بقلق بالغ أن حماية المناخ والبيئة والطبيعة لم تلعب أي دور يذكر في الحملة الانتخابية الأوروبية حتى الآن. ولا نرى أي حلول سياسية مطروحة للعديد من القضايا المهمة”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى