الاقتصاد البريطاني مهدد بالركود رغم النمو
الصورة غائمة بين الآمال والتشاؤم
نما الاقتصاد البريطاني بقوة أكبر قليلاً من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه لا يزال معرضاً بشدة لخطر الانزلاق إلى الركود بما قد يشكل ضربة محتملة لرئيس الوزراء ريشي سوناك قبل الانتخابات المتوقعة في 2024.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني يوم الجمعة أن الناتج المحلي الإجمالي البريطاني نما 0.3 في المائة في نوفمبر الماضي، بعد انخفاض 0.3 في المائة في الشهر السابق عليه، وهو ما يفوق قليلاً توقعات الاقتصاديين التي أشارت إلى نمو 0.2 في المائة في استطلاع أجرته «رويترز»، لكن الإنتاج انكمش بنسبة 0.2 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى نهاية نوفمبر، وهو ما يزيد على الانخفاض بنسبة 0.1 في المائة الذي توقعه الاستطلاع.
وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن الانكماش أو حتى الإنتاج الثابت في ديسمبر (كانون الأول) قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج في ربع ثانٍ، وهو ما سيدخل الاقتصاد في «ركود فني» وإن كان معتدلاً.
وواجه الاقتصاد البريطاني صعوبات جمة في اكتساب الزخم في 2023 مع ضغط التضخم المتسارع على الأسر، ومع رفع بنك إنجلترا لأسعار الفائدة لأعلى مستوى في 15 عاماً.
وأظهرت بيانات يوم الجمعة أن الناتج الاقتصادي في نوفمبر كان أعلى بنسبة 0.2 في المائة عن العام السابق، ونما بنسبة 2.5 في المائة فقط منذ عام 2019.
وقال غرانت فيتزنر، كبير الاقتصاديين في مكتب الإحصاءات الوطني، إن «الصورة على المدى الأطول تظل صورة لاقتصاد لم يظهر نمواً يذكر خلال العام الماضي». وتابع قائلاً: «لكن الناتج المحلي الإجمالي انتعش في شهر نوفمبر بقيادة قطاع الخدمات، مثل شركات البيع بالتجزئة وتأجير السيارات وألعاب الكمبيوتر التي شهدت جميعها شهراً مزدهراً».
وفي نوفمبر الماضي، توقع مكتب مسؤولية الميزانية التابع للحكومة نمواً بنسبة 0.6 في المائة لعام 2023 و0.7 في المائة لعام 2024، وهي خلفية ضعيفة للانتخابات التي اقترح سوناك أنه سيجريها في النصف الثاني من هذا العام.
وقالت ساندرا هورسفيلد، الخبيرة الاقتصادية في «إنفيستيك»: «لا يزال الأمر على المحك فيما إذا كان الاقتصاد سينزلق إلى الركود الفني في النصف الثاني من عام 2023… في كلتا الحالتين، قد يكون الركود هو الوصف الأفضل لهذا الاتجاه. ويبدو أن الركود، إذا حدث بالفعل، كان معتدلاً بقدر ما حدث».
ولم يتغير الجنيه الإسترليني كثيراً مقابل الدولار الأميركي بعد البيانات، لكن عوائد السندات الحكومية انخفضت مع تسعير الأسواق لفرصة أعلى قليلاً أن يبدأ بنك إنجلترا (المركزي) في مراجعة أسعار الفائدة في مايو (أيار).
ووصف صامويل تومبس، كبير الاقتصاديين البريطانيين في شركة «بانثيون» للاقتصاد الكلي، ما إذا كان الإنتاج سينخفض في الربع الرابع، بأنه بمثابة «ضربة حظ». وقال إنه في حين أشارت الدراسات الاستقصائية إلى مزيد من التعافي في النشاط التجاري في ديسمبر، فإن تجدد إضرابات الأطباء من شأنه أن يقلل من توفير الرعاية الصحية وتبدو مبيعات التجزئة غير منتظمة.
ويرى بعض الاقتصاديين أن هناك مجالاً أكبر لانتعاش النمو هذا العام مقارنة بمكتب مسؤولية الموازنة أو بنك إنجلترا الأكثر كآبة. وانخفض التضخم إلى أقل من 4 في المائة، وانخفضت أسعار الفائدة على الرهن العقاري؛ إذ يتوقع المقرضون أن يخفض البنك المركزي تكاليف الاقتراض في وقت لاحق من هذا العام.
وقال تومبس: «يجب أن يتخلص الاقتصاد من سباته في عام 2024»، متوقعاً أن يؤدي نمو الأجور وانخفاض التضخم وأسعار الفائدة إلى تعزيز الدخل الحقيقي المتاح للأسر بنسبة 2 في المائة.
وقال وزير المالية جيريمي هانت، رداً على بيانات يوم الجمعة، إن التضخم لا يزال يؤثر على النمو، لكن التخفيضات الضريبية للشركات والعمال التي أعلن عنها في نوفمبر ستعزز آفاق بريطانيا على المدى الطويل، لكن راشيل ريفز، وزيرة مالية الظل في حزب «العمال» المعارض، قالت إن النمو الضعيف يعني أن العبء الضريبي الإجمالي في بريطانيا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يظل الأعلى منذ 70 عاماً.