الاعتذار للبنانيين القادمين من بلاد الانتشار..!
كتب صلاح سلام في “اللواء”:
على الدولة اللبنانية أن تعتذر للبنانيين القادمين من بلدان الإنتشار، جماعات وأفواجاً وبأعداد ضربت أرقاماً قياسية، لأنها لم تفعل شيئاً لتأمين متطلبات الإقامة الهادئة، وتوفير الخدمات الأساسية، في بلد كان حتى الأمس القريب يتميّز بمستوى الخدمات السياحية والإجتماعية لزواره من المغتربين والسياح والمصطافين.
لم يكلف أحد من كبار المسؤولين، أو حتى الوزراء المعنيين نفسه عناء العمل الجدّي لتحسين ساعات تغذية الكهرباء مثلاً، أو توظيف الإمكانيات اللازمة لتأمين المياه لبيروت ومناطق الإصطياف، ولا حتى السعي لتأمين الخبز والدواء بكميات أكبر في الأفران والصيدليات.
لقد تركوا الأوضاع والأزمات تفلت على غاربها، واستقالوا من مسؤولياتهم الرسمية والوطنية، بل وتواروا عن مسرح إدارة شؤون البلاد والعباد، وكأن التردي المتفاقم في مختلف المجالات الحياتية، وما يُفجّر من غضب ونقمة في الشارع، لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد، طالما أن الوزراء المستقيلين متسمرون على كراسي الوجاهة، وكبار القوم يتعاندون حول تركيبة الحكومة العتيدة، على طريقة « الملائكة ذكور أم أناث»، دون أن يتواضع أحد منهم ويُلاقي الآخر في منتصف الطريق، رأفة بالعباد، ولتجنب المزيد من الإنهيارات وبئس المصير.
لقد طبّل أهل الحكم وزمّروا لموسم سياحي واعد، على إيقاع الحماس اللافت الذي أبداه اللبنانيون في الخارج في القدوم إلى أرض الوطن، والمساهمة، قدر الإمكان وكلٍ حسب إمكانياته، في تحريك العجلة السياحية والتجارية، من خلال ما يتوفر معهم من العملات الأجنبية، تساعد على دعم غير مباشر لليرة التي إنهارت معها معيشة اللبنانيين المقيمين في دوامة الأزمات المتلاحقة.
ولكن من المحزن القول أن أصحاب القرار لم يفعلوا أكثر من الضرب على طبول الوعود الجوفاء، التي بقيت مجرد كلام بكلام، فيما الألوف من اللبنانيين يصلون مطار بيروت كل يوم، ويستقبلهم مسلسل المفاجآت الصادمة منذ أن تطأ أقدامهم أرض الوطن.
المفارقة القاتلة، أن البلد يغرق كل يوم بمزيد من الكوارث والأزمات، وأهل الحكم يمعنون في العبث بمقومات الدولة، ..دون وازع من ضمير، لأن « إلّلي إستحوا ماتوا»!