أبرزرأي

الإمارات والصين تزرعان الأمل

بين دولة الإمارات والصين الشعبية قصة ودّ وتعاون واحترام تاريخية، تمتد لأكثر من أربعين عاماً قبيل إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1984، فالروابط بينهما تعود إلى الأيام الأولى لتأسيس الإمارات، حيث اعترفت الصين بها بعد أيام قليلة من إعلان قيامها، ثم تمّ تتويج هذه العلاقات بالزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إلى بكين في مايو 1990. يومها قدم منحة قيمتها 1.35 مليون دولار لجامعة الدراسات الأجنبية لإنشاء مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، الذي افتتح عام 1994، وتحوّل إلى صرح علمي لنشر الثقافة الإسلامية، ومؤسسة تعليمية حجزت مكانها في الصفوف الأولى بين المراكز العلمية العالمية، بعدها تواصلت العلاقات على أعلى مستوى من خلال الزيارات المتبادلة، وإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

ثم كانت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التي انتهت أمس، وشارك فيها بمنتدى العلاقات العربية – الصينية، ثم الاجتماع بالرئيس الصيني شي جين بينغ، والذي تم خلاله بحث العلاقات الثنائية، والأوضاع الدولية، والتطورات المتعلقة بالحرب الإسرائيلية على غزة، حيث تم التأكيد على عمق العلاقات بين البلدين، والعمل على تنميتها. كما تم التأكيد على أن الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تمثل مناسبة للاعتزاز بالتطور الكبير الذي شهدته هذه العلاقات، على مدى العقود الماضية، في مختلف المجالات، ثم تم تتويج الزيارة بتوقيع وتبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين شملت العديد من مجالات التعاون، من بينها صياغة خطة مشتركة للتعاون في بناء الحزام والطريق، وتأسيس لجنة عليا للتعاون الاستثماري، والتعاون في مجال الإعلام، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتعاون في العلوم والتكنولوجيا، والملكية الفكرية، والاستثمار في مجال التنمية الخضراء، والتعاون في مجال التعايش والتسامح، وغيرها.

كانت زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، إلى الصين ناجحة بكل المقاييس، إذ رسمت مسارات جديدة للتعاون، والعمل المشترك، وتوسيع آفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، بما يعزز مصالحهما المشتركة، وهي كثيرة، ويدعم السلام والتنمية والازدهار بين الشعبين والعالم.

الإمارات والصين تشكلان نموذجاً فريداً في العلاقات الدولية، فهما تزرعان الأمل في حقول الأشواك التي تمتد على مساحة العالم ليقينهما بأن الأمل سوف يهزم اليأس، وأن الأشواك سوف تذروها رياح السلام والتعاون. وكما يقول المثل الصيني «إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحاً، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة، أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنساناً»، والإمارات والصين يزرعان للمستقبل لأنهما يعتبران الإنسان والإنسانية قيمتين كبريين يجب الرهان عليهما لكسب الحرب في المعركة من أجل التنمية.

الإمارات والصين تشعلان شمعة وسط هذا الظلام والظلم الذي يعم العالم لأنهما تعلمان أن الشمس سوف تشرق حتماً، وأن الغرابيل لن تحجب شعاع الشمس والأمل.

لقد أعرب صاحب السمو رئيس الدولة، عن سعادته بهذه الزيارة، وشكر الرئيس الصيني على حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، مؤكداً ثقته بأن الزيارة ستمثل دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

لا شك في أن لهذه الزيارة ما بعدها من اتساع آفاق التعاون والعمل المشترك في المستقبل، خصوصاً أن الصين دولة كبرى تتميز بأنها تعمل من أجل السلام، والتعاون مع جميع دول العالم من دون شروط سياسية، أو تدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى