كتب أحمد محمد الشحي في صحيفة البيان
تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971 على يد الآباء المؤسسين، الذين شيدوا بنيانها على أسس متينة، وقيم أصيلة، جوهرها الوحدة والتلاحم بين أبناء الوطن، ليبدأ بذلك عهد جديد، يبث إشراقاته في كل الأرجاء، عهد من التلاحم والتكاتف والوحدة، شعب واحد تحت راية واحدة، ينطلق في ظل قيادته الحكيمة لتحقيق أرفع الطموحات والتطلعات في بناء حياة هانئة كريمة ومستقبل مزهر مشرق.
لقد شقت الدولة الوليدة طريقها بكل عزم واقتدار، ليتغير وجه هذه الأرض، وينتقل الناس من حال إلى حال، وفي زمن قياسي حققت دولة الإمارات إنجازات نوعية في مختلف الميادين، في مجال البنية التحتية والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والتعليم والاقتصاد والتنمية والأمن والاستقرار، وغير ذلك، وأضحت من أكثر الدول نجاحاً وازدهاراً في المنطقة وعلى مستوى العالم أجمع، محققة نهضة شاملة وتنمية مستدامة على الأصعدة كافة، حتى أضحى المواطن الإماراتي من أسعد شعوب الأرض، وأضحت دولة الإمارات مركزاً عالمياً، وميدان جذب للباحثين عن الحياة الكريمة وللمستثمرين من شتى بقاع الأرض، بفضل ما تتمتع به من بيئة اقتصادية مزدهرة وتشريعات محكمة ومناخ مستقر من التعايش والانسجام والوئام.
وهكذا أضحى الاتحاد شجرة باسقة، تثمر في كل وقت وحين، واستمرت دولة الإمارات بتلاحم أبنائها وتكاتفهم في حصد الإنجازات المتواصلة، وامتدت طموحاتها حتى وصلت إلى عنان الفضاء، عبر الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية ورواد الفضاء الذين أدوا مهام استثنائية، وغدت دولة الإمارات عضواً فاعلاً في المجتمع الدولي، سواء في المجال السياسي أو العسكري أو التنموي أو العلمي أو الإنساني أو غير ذلك.
وخلال كل هذه المحطات وطوال تلك العقود وعبر عمر الاتحاد الذي بلغ 52 عاماً فإن من أبرز المظاهر والسمات المستدامة التي لازمت هذه المسيرة كلها هي التلاحم الوطني، التلاحم بين الشعب والقيادة، هذا التلاحم الممتد منذ تأسيس الاتحاد على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسين، رحمهم الله، والذي استمر قوة وصلابة في ظل القيادة الحكيمة الذين حملوا الراية من بعدهم، فأضحى الجميع قيادةً وشعباً كالجسد الواحد والبنيان المتماسك، ليقدموا للعالم نموذجاً باهراً من الانتماء والولاء والتلاحم قلَّ أن تجد له نظيراً، إيماناً بأن هذا الاتحاد هو أغلى الإنجازات، وجوهر الهوية الوطنية، وفي ذلك قال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «الاتحاد هو سبيلنا الوحيد لحياة أفضل، واستقرار أمكن، ومكانة دولية أرفع».
وفي ضوء ذلك أصبحت العلاقة الوطيدة بين القيادة والشعب طوال مسيرة الاتحاد نموذجاً ملهماً، علاقة تقوم على الحب والاحترام، وعلى التعاون والتآزر، يحرص الحاكم كل الحرص على العناية بشعبه، وتوفير أرقى مقومات الحياة السعيدة لهم، ويحرص المحكومون على الاصطفاف مع قيادتهم، والتعاون معهم في كل ما فيه خير العباد والبلاد، لتكون هذه العلاقة الوثيقة عنواناً بارزاً في السراء والضراء، وقيمة حضارية مستدامة في قمة الإنجازات وفي أوج التحديات.
وبفضل هذا التلاحم الوطني تحقق كل ذلك التقدم والازدهار حتى أحرزت دولة الإمارات المراكز الأولى في الكثير من مؤشرات التنافسية العالمية، وغدت في مصاف الدول المتقدمة، وأصبحت دولة ملهمة وجاذبة، يعيش على أرضها أكثر من مئتي جنسية من مختلف دول العالم وقاراته، وهم يتفيأون ظلال الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار.
وما أحوج المجتمعات اليوم إلى أن تسير على هذا النهج المضيء، وأن تستفيد من مدرسة الإمارات، مدرسة الوحدة والتلاحم والاتحاد، فيتحلى أبناؤها بروح التكاتف والانسجام، وتترسخ العلاقة بين قياداتها وشعوبها على المحبة والتآزر، وعلى تلاقي القلوب والرؤى لتحقيق المصالح العليا لأوطانهم، ونبذ الخلافات والصراعات، لتبقى المجتمعات متماسكة، عصية على الفوضى والتفكك والتخلف، ينخرط جميع أبنائه في مسيرة البناء والتنمية والازدهار.
إن دولة الإمارات مدرسة للتلاحم الوطني، وهي تزداد قوة وصلابة مع مرور الأيام والأعوام، لتمتد جذورها عميقة في ثرى هذا الوطن، وتتفرع أغصانها عالية في الآفاق تعانق النجوم مجداً وعزاً، تستلهم منها شعوب الأرض قيم الوحدة والتلاحم والانتماء.