رأي

الإمارات في قمة «البريكس»

زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الرسمية إلى روسيا للاجتماع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمشاركة في قمة «البريكس» التي تعقد في مدينة قازان الروسية، هي زيارة استثنائية وذات معنى من حيث أهدافها الاقتصادية والسياسية، لأنها تكرّس دور الإمارات من جديد كقوة إقليمية مؤثرة في مجرى التحولات العالمية والبيئة الجيوسياسية للمنطقة والعالم.

في هذه الزيارة يبحث سموه مع الرئيس الروسي مختلف أوجه العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها في مختلف الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة وغيرها، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وخصوصاً ما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط ومخاطر توسعه وتأثيره في الأمن والسلام الدوليين، ذلك أن العلاقات بين الزعيمين هي علاقات متميزة ترتكز على الثقة المتبادلة والصدق في العلاقات، ما يجعل الرئيس الروسي ينصت إلى صوت الإمارات في قضايا الشرق الأوسط، إذ أكد في إحاطة إعلامية على هامش منتدى أعمال دول «البريكس» بالقول «نعم لدينا علاقات طيبة جداً مع الإمارات العربية المتحدة، ولديّ علاقات ثقة مع الشيخ محمد بن زايد، وأنا على ثقة بأن زيارته ستكون مثمرة جداً، وأود أن أدعوه إلى البيت كي نتناول العشاء ونقضي المساء معاً في بحث القضايا الحالية».
وأضاف بوتين: «بالفعل رئيس الإمارات ينجح في الحفاظ على علاقات جيدة وعملية مع الشركاء وهذا أمر ثمين، ولذلك نتطلع إلى المزيد»، كما أشاد الرئيس الروسي بالجهود التي بذلتها الإمارات في ملف تبادل السرى.
مشاركة صاحب السمو رئيس الدولة في أعمال القمة ال16 لقادة دول مجموعة «البريكس» التي تستضيفها مدينة قازان الروسية خلال الفترة من 22 إلى 24 من الشهر الحالي، هي المشاركة الأولى لدولة الإمارات في القمة باعتبارها عضواً في المجموعة، تحمل دلالات ذات مغزى، إذ انها إقرار بالدور المؤثر الاقتصادي والسياسي الذي تلعبه الإمارات على الساحة الدولية من خلال مساهماتها الفاعلة في مواجهة التحديات العالمية وسعيها المتواصل لبناء الجسور للتقريب بين مختلف دول العالم من أجل بناء عالم يسوده السلام.
إن انضمام دولة الإمارات إلى مجموعة «البريكس» يشكل في الواقع إضافة نوعية إلى المجموعة نظراً لما تتمتع به من موثوقية عالمية، ودور ريادي في حل الأزمات الدولية، ودبلوماسية ناجحة، وثقل سياسي دولي، واقتصاد متنامٍ، وموقع جغرافي كطريق تجاري مميز يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، إضافة إلى الشراكات الاقتصادية التي تربطها بالعديد من دول العالم.
ومن خلال مشاركتها في قمة «البريكس» تأمل الإمارات أن تنقل تجربتها الناجحة في قيام سياسة متوازنة في علاقاتها بما يخدم مصالحها ومصالح الدول الأخرى بعيداً عن الاستقطاب، وبما يخدم احتياجات دول الجنوب العالمي التي تتطلع إلى أن يكون لها دور في مجريات التحولات العالمية الراهنة بعيداً عن استئثار الدول الكبرى المهيمنة، بما يحقق الاستقرار والتنمية والنمو لهذه الدول.
لا شك في أن مجموعة «البريكس» بعد توسعتها، باتت تشكل ثقلاً اقتصادياً وبشرياً وازناً ومؤثراً، إذ إن اقتصادها يصل إلى 29 تريليون دولار، وعدد سكانها يقترب من نصف سكان الأرض، وهي بهذا المعنى تكتب فصلاً جديداً في الاقتصادات النامية القادرة على التنافس ورسم خريطة جديدة للاقتصاد العالمي بعيداً عن هيمنة النظام المالي الراهن الذي يهمش الدول النامية ويخضعها لشروطه القاسية.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى