رأي

الإمارات تنجح في التهام «تورتة» الساحل الشمالي… ومطالب بالتحقيق في ثروات ملاك فيلات مراسي

كتب حسام عبد البصير في ” القدس  العربي “:

بينما كان موضوع خطبة الجمعة أمس 5 أغسطس/آب في عموم مدن مصر وقراها حول “”الدروس من الهجرة النبوية”. وأبرزها بالتأكيد الصبر على الصعاب كان المصريون يخوضون مزيدا من المعاناة، بعد أن استيقظوا على مزيد من الأخبار السيئة بشأن ارتفاع جديد في أسعار السلة الغذائية من بينها منتجات الألبان.. وفيما تواصل الآلة الإعلامية دق طبول الفرح بشأن فرج مقبل، مستشهدة بالفيلات التي باعتها “إعمار” الإماراتية بقيمة 115 مليون جنيه للفيلا الواحدة في الساحل الشمالي، بادر كثير من العقلاء لإسداء النصح للحكومة كي تتراجع عن منح الأراضي المميزة، التي تعد ثروة لا تعوض للأجيال المقبلة للإمارات، وغيرها من البلدان الخليجية بينما القطاع الوطني يعاني الكساد.

وأمس الجمعة اقتحم كثير من الكتاب جدار الصمت متسائلين عن الأسباب التي مكنت أبو ظبي من التهام “تورتة الساحل الشمالي” لتحقق أرباح خرافية، فيما الكساد يضرب قطاع التشييد والبناء الذي قام على أكتاف المصريين، وقفز كتاب خطوات للأمام مطالبين بالحفاظ على ما تبقى من ثروات لا تعوض والنظر في التسهيلات التي منحت خلال الفترة الماضية. ومن أخبار المساجد: افتتح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة مسجد فاطمة النبوية في الدرب الأحمر في محافظة القاهرة أمس الجمعة. ويأتي ذلك في إطار افتتاح وزارة الأوقاف (12) مسجدا، منها (10) مساجد جديدة أو إحلالا وتجديدا، ومسجدان صيانة وتطويرا، ليصل إجمالي ما تم افتتاحه من 1/7/2022 حتى تاريخه (77) مسجدا، منها (64) مسجدا جديدا أو إحلالا وتجديدا،

و(13) مسجدا صيانة وتطويرا.. ومن أخبار الرياضة: أكد اتحاد الكرة أن تعاقده مع الإنكليزي مارك كلاتنبرغ ينص على توليه مقعد رئيس لجنة الحكام، ما يعني أن دور عصام عبدالفتاح مع اتحاد الكرة كرئيس لجنة الحكام انتهى رسميا بقدوم الإنكليزي إلى القاهرة. ومن المفترض وصول كلاتنبرغ لبدء عمله رسميا يوم السبت، ويأتي القرار في سياق تهدئة غضب القلعة الحمراء، حيث كان أول قرار للنادي الأهلي هو المطالبة بإقالة لجنة الحكام التي فقدت نزاهتها ومصداقيتها برئاسة عصام عبدالفتاح. والمطالبة بإيقاف حكم الـ«VAR» في مباراة الأهلي الأخيرة لحين التحقيق معه عما بدر منه.. ومن أخبار التائبين: نجح المنشد الشاب فارس حميدة، في تصدر تريند اليوتيوب، لأول مرة بعد إعلانه اعتزال الغناء والتوقف عن تقديم أغاني “المهرجانات”، بتقديمه أنشودة “العليل.. فكيف السبيل إلى أن أتوب”، التي وصلت إلى ربع مليون مشاهدة.

أموال بلا فن

اشتدت المواجهة بين حشود المال وقوى الفن وارتفعت حرارة المنافسة بين تجارة العقارات وتجارة الفن ولم يستطع طرف، كما أوضح فاروق جويدة في “الأهرام”، أن يحسم المعركة لصالحه.. أمام ضخامة الأرقام وحشود المواطنين، وما بين مزادات الفن وصفقات القصور والفيلات كانت النتيجة مليارات تتطاير هنا وهناك.. شهد الساحل الشمالي هذا العام وفي أغنى وأجمل شواطئه أضخم الحفلات الغنائية، التي تنافس فيها أشهر نجوم الغناء في مصر.. ولم تكن حشود الحاضرين هي المفاجأة الوحيدة، حيث تجاوزت عشرات الآلاف أمام بعض النجوم، ولكن كانت أسعار التذاكر وموائد الطعام وتوابعها أرقاما وصلت إلى عشرات الآلاف من الجنيهات، ثم كان تقليد الزي الموحد في اللون الأبيض كشرط لحضور الحفل كانت هذه صورة حفل الصفوة أو النخبة.. على جانب آخر كان حفل البسطاء والمهمشين ولم يكن أقل في أعداد الحضور، أو أسعار التذاكر، ولكن مستوى الغناء والكلمات والأصوات كان شيئا مختلفا.. وسط هذا كانت هناك عودة للفن الأصيل في مفاجأة وسط هذا الصراع الدامي بين أساطير الغناء، وسط كل هذه الحشود كان الشباب هو الأكثر حضورا في كل الحفلات واختلفت الأعمار والمستوى الاجتماعي والاقتصادي، حسب كل نجم وجمهوره.. الشيء المؤكد أن الأموال كثيرة والفن قليل فنحن أمام كلمات غريبة لا معنى لها وألحان صاخبة وأصوات لا أحد يعلم كيف تسللت إلى ساحة الغناء وتغيرت معها أذواق الناس وتراجع مستوى الغناء كلاما ولحنا وجمهورا.. بعض ما نشاهده الآن ليس غناء ولا فنا وليس هذا جمهور الغناء المصري بأذواقه ورقيه، وما نراه ونسمعه الآن لا يمت للفن المصري بصلة.. وأخطر ما في هذه الظاهرة أن الغناء أعرق فنون مصر حوله البعض إلى تجارة أفسدت أذواق الناس وأصبح هدفها جمع المال وإفساد الأذواق.. كان هناك مزاد آخر أخطر، فقد شهد أحد الشواطئ الشهيرة في الساحل الشمالي مزادا عقاريا عرضت فيه مئات الفيلات.. كانت المفاجأة الكبرى هي الأسعار التي زادت على 115 مليون جنيه للفيلا التي تبلغ مساحتها ألف متر، وكانت أقل الأسعار أربعين مليون جنيه لأقل الفيلات مساحة.. في ساعات قليلة تم بيع 300 فيلا بمبلغ 8 مليارات جنيه كانت المنافسة عنيفة في المزاد الذي لم يستغرق وقتا طويلا، وانتهى تقريبا ببيع جميع الفيلات المعروضة. توقفت عند المزادين مزاد الفن ومزاد الفيلات أن أخطر ما في مزاد الغناء أنه اعتمد على أذواق الناس أمام التراجع الشديد في السلوك والإحساس والمشاعر.. وأن هذا الغناء قد نجح بالفعل في أن يغير أذواق المصريين وجعلهم يتقبلون أنواعا من الغناء الهابط كلاما ولحنا وأداء.. هذا النوع من الفن نجح في أن يحقق مكاسب هائلة جعلته من أسرع أنواع الاستثمار.. وكان أخطر وأسوأ ما فيه أنه جمع حشودا من الشباب المصري، بل العربي وصاغ وجدانها كما أراد.. وقد وجد هذا الفن من تحمس له وشجعه وأصبح تجارة رابحة. على الجانب الآخر فإن مزاد العقارات يعكس خللا اجتماعيا لا ينكره أحد ولم يكن هذا المزاد عملا وحيدا ولكن سبقته صفقات أخرى في مناطق كثيرة بلغت الأسعار فيها الأرقام نفسها.. ولكن أخطر ما فيها إنها لم تترك فرصة لما كان يسمى الطبقة المتوسطة التي لا تتجاوز أحلامها بيتا صغيرا يلم أشلاء الأسرة..

لن يستقيم الحال

إن أرقام المئة مليون شيء يصفه فاروق جويدة بأنه مزعج للغاية، خاصة إذا كان في مكان نقضي فيه الإجازة. الشيء المؤكد أنه لا أحد ضد الاستثمار والنجاح، ولكن يجب أن يكون مالا حلالا، وأن يعطي للمجتمع حقه وألا تتعارض أهداف الربح مع ثوابت الناس وأخلاقياتهم. إذا كان الاستثمار حقا، فالعدالة واجب ولا أحد يرفض أن يستمتع الإنسان بماله ونجاحه ولكن ينبغي أن لا يكون ذلك على حساب واقع اجتماعي يجب أن تراعى ثوابته.. وإذا كان من حق الأغنياء أن ينعموا بما لديهم فإن عليهم واجبات ومسؤوليات تجاه مجتمعهم، خاصة في هذه الظروف الصعبة. كانت مصر دائما تتمتع بقدر من التوازن في واقعها الاجتماعي، فكيف نشأ هذا التفاوت الطبقي الذي ترك آثاره في الناس في كل شيء، ابتداء بالغناء الهابط وانتهاء بالقصور والفيلات.. لا أرى مبررات لهذه الأعمال في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة، كما أرى أنها أعمال استعراضية ليس هذا وقتها وحياة الناس لا تحتمل مثل هذه الضغوط، فهناك ملايين تسعى الدولة لأن توفر لهم الضروريات والأسعار في العالم كله ترتفع كل ساعة وليس كل يوم.. هذه المظاهر المستفزة تكون عادة على حساب الناس والحياة ليست في حاجة إلى المزيد من المتاعب. رفقا بالبسطاء في هذا الوطن.

من هؤلاء؟

الناس يتابعون ما يجرى في الساحل الشمالي ويتفرجون، ربما وفق ما يعتقد سليمان جودة في “المصري اليوم” لأنهم لا يملكون غير الفرجة والمتابعة، ولكن الدولة التي تتابع معهم لا يجوز أن تكون متفرجة مثلهم، وإنما عليها أن تكون حاضرة وفاعلة، ولا يزال الحديث عن شركة التطوير العقاري العربية التي باعت الڤيلا بأكثر من مئة مليون هو الحديث الأعلى صوتا، ولا يزال الناس يتساءلون عمن تزاحموا واشتروا ويقولون: مَنْ هؤلاء؟ والسؤال بهذا الشكل سؤال مشروع.. وسبب مشروعيته أنه لا يقصد أن يحاسب الذين اشتروا على ثرائهم، ولكنه يتحرى أولا عما إذا كانوا من المصريين، أم أنهم من العرب الواقعين تحت إغراء الساحل؟ ثم يتحرى السؤال ثانيا عما إذا كانوا جميعا من بين دافعي الضرائب؟ فالثراء في حد ذاته ليس تهمة، ويجب أن لا يكون، ولكنه يتحول إلى تهمة إذا لم يكن له مصدر معروف أمام الناس، وإذا لم يدفع صاحبه حق الخزانة العامة. إننا نسمع عن دول كثيرة يحاصر فيها المواطن أكبر المسؤولين بالأسئلة وهو يقول: أنا أملك حق السؤال لأني دافع ضرائب. والسؤال المشروع عما إذا كان الذين اشتروا من دافعي الضرائب، ينطبق بالدرجة نفسها على الشركة التي باعت وتبيع.. هل سددت ضرائبها عن أرباحها، ومتى، وكَمْ؟ هذه الضرائب بالنسبة لهذه الشركة وبالنسبة لغيرها ليست من الأسرار، ويجب أن لا تكون.. وإذا كان المستثمر يأتي ليكسب فهذا حقه الذي لا شك فيه، ولكن في مقابل هذا الحق هناك واجب يقع عليه، وهذا الواجب هو أداء الضريبة عن كل جنيه يكسبه، ثم الإعلان عن ذلك على مرأى من الجميع ليس من صالح الدولة أن تتابع ما ينقله الإعلام عن الساحل، ثم تكتفي بالفرجة مثل سائر المواطنين، وإنما عليها أن تتقدمهم بخطوة، وأن تكون هذه الخطوة هي حضورها كدولة تؤسس لمبادئ، وتضع قواعد، وتتصرف وفق أصول لا بد أن تكون مرعية. لا تتركوا أحاديث الساحل دون وضع «نقطة نظام» وسط هذا الصخب والهرج، لأنها أحاديث تعطى انطباعا كاذبا عن حجم الثراء في المجتمع عموما، ثم إنها تؤجج مشاعر الناس.

ثرواتهم مجهولة

نبقى مع فيلات الإمارات بصحبة عبد المحسن سلامة في “الأهرام”: لا تزال قصص «فيلات» الساحل، التي وصل سعرها إلى 115 مليون جنيه، حديث المجتمع، والسوشيال ميديا، ووسائل الإعلام. أؤمن بمبدأ الحرية الاقتصادية، وأتمنى لو أن نصف عدد سكان مصر مليارديرات، لأن هذا سوف ينعكس، بالطبع، على قوة مصر الاقتصادية، وحياة شعبها، ومستوى دخولهم. في الوقت ذاته، من المهم تدقيق مصادر الثروة لكل أفراد المجتمع، والتأكد من طرق تكوينها، مع الالتزام بسداد مستحقات الدولة بكل أشكالها. المشكلة أن هناك فئة قليلة من المجتمع تملك ثروة طائلة معظمها غير معلوم المصدر، ولا تقوم بسداد التزامات، ومستحقات الدولة، وتسهم في خلقْ حالة من التوتر الاجتماعي، والثرثرة، والبلبلة دون داعٍ.

إذا تحدثنا عن مستحقات الضرائب، على سبيل المثال، فسنجد أنه رغم كل الجهود الهائلة التي قامت بها وزارة المالية مؤخرا، وأسفرت عن تحسن هائل في هذا المجال، فإن هناك قطاعا ضخما من الاقتصاد «الهامشي»، يصل إلى ما يقرب من 50% من إجمالي الناتج القومي، لا يزال خارج المنظومة الضريبية، ويلجأ إلى كل أشكال التلاعب للتهرب من مستحقات الدولة. أكثر النماذج «فجاجة» في هذا الإطار أن معظمهم يعمل في مجال تجارة العقارات، والأراضي، وقطاعات تجارية أخرى كثيرة، ومتنوعة.

من يملك 115 مليون جنيه لحجز «فيلا» من الطبيعي أن تتجاوز ثروته مليار جنيه، لأنها «فيلا» «للمصيف» وليست «للسكن»، فهي تدخل في الإنفاق الترفيهي، وليس الأساسي، وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون مليارديرا، أو نصف ملياردير على الأقل، بغض النظر عن تلك «الفرضيات» التي قد تكون صحيحة أو غير صحيحة، فإنه من الضروري معرفة مصادر ثروات هؤلاء، ومدى التزامهم بحقوق الدولة، فهذا هو المهم، وهذا هو حق المجتمع، وليس له علاقة بمبدأ الحرية الاقتصادية أو الشيوعية، لأن كل المجتمعات الرأسمالية والشيوعية تفعل ذلك. المهم التأكد من «نظافة أموالهم» أولا، وبعد ذلك لهم الحق في أن يفعلوا بأموالهم ما يشاؤون.

أثرياء الأمس وأثرياء اليوم

فرق كبير بين أغنياء الماضي.. ومليارديرات الحاضر، على حد رأي صفية مصطفى أمين في “المصري اليوم”: كان الشخص إذا اغتنى أو وجد أن لديه مالا يزيد عن حاجته، يفكر أن يبني مدرسة أو يتبرع لبناء جامعة أهلية، أو مستشفى، أما الغني في هذه الأيام أول ما يفكر فيه أن يضع أمواله في بنك في الخارج. مصطفى كامل الغمراوي – أحد أثرياء عصره – هو أول من أطلق مبادرة لإنشاء جامعة مصرية أهلية عام 1906، داعيا القادرين إلى إنشائها، وتبرع بـ31 فدانا من أجود الأراضي، بالإضافة إلى 500 جنيه ذهب. ودخل في معارك ضارية مع المعتمد البريطاني اللورد كرومر، الذي عارض بناء جامعة مصرية، بحجة أن الحالة الاقتصادية لا تسمح.. فاجتمع الموسرون في بيت سعد زغلول واكتتبوا لإنشاء الجامعة الأهلية. لم يكتفِ الغمراوي بذلك، لكنه بنى العديد من المساجد في بني سويف على نفقته الخاصة. وفى عام 1913 خصصت الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل، 6 أفدنة، أوقفتها لبناء مبنى جامعة القاهرة، بالإضافة إلى 4000 جنيه سنويا لميزانية الجامعة، كما تحملت مصاريف حفل وضع حجر الأساس، رغم أنها لم تحضر الحفل بسبب التقاليد التي كانت تمنع مشاركة المرأة في الاحتفالات العامة. وتبرع الشيخ عبدالرحيم الدمرداش بأرضه ليُقام عليها مستشفى الدمرداش، الذي أصبح كلية طب عين شمس. وأنشأ يوسف صيدناوي صاحب محلات صيدناوي، مستشفى دار الشفاء، وبنى رجل الصناعة سيد جلال مستشفى سيد جلال في باب الشعرية، وعندما اغتنى حافظ عفيفي وعبود وسيد ياسين، أنشأوا المصانع والشركات وأدخلوا صناعة السينما وبنوا المسارح. مليارديرات اليوم يفكرون بطريقة مختلفة، يحولون أموالهم إلى حسابات في الخارج، أو يبنون عمارات ضخمة، ليبيعوا الشقق بأسعار خيالية. نادرا ما تجد مليارديرا يفكر في هذا الشعب، أو يحاول أن يعينه على الحياة الصعبة التي يعيشها. أصبح كل واحد يفكر في نفسه فقط، ويصرف الملايين على إقامة الفيلات والأفراح وشراء الجهاز والشبكة. المهم المنظرة والمظاهر لكي تحكي الناس عنه وتتحاكى.

دون ملاحقة

عبر محمد بركات عن تذمره في “الأخبار” بسبب جشع بعض التجار الذين يتعمدون رفع الأسعار دون مبرر ودون مقتضى، سوى انتهاز الفرص لزيادة أرباحهم دون حق، وعلى حساب زيادة معاناة المواطنين واستنزاف مواردهم المحدودة. وكنا نأمل أن يدرك هؤلاء التجار أن الظروف الدولية الحالية، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وما تسببت فيه من معاناة لكل الدول والشعوب، تفرض عليهم مراعاة الظروف والتخلي عن الجشع والنأي بأنفسهم عن الاستغلال للمواطنين. ولكن للأسف رأينا عكس ذلك في تجارة البيض على سبيل المثال، حيث مارس البعض من التجار الجشعين أبشع أنواع الاستغلال واتفقوا معا على رفع أسعار السلع التي يتاجرون فيها ويحتكرونها إلى مستويات غير مسبوقة، وهو ما يمثل جريمة اقتصادية متكاملة الأركان، تستدعي الجزاء الرادع والعقاب الشديد. واللافت للانتباه في هذه الظاهرة، تجاوزها لكل الحدود المعلومة والمتوافق عليها. وأن ارتفاع أو انخفاض الأسعار في كل الدول وعلى مستوى العالم كله تقريبا يعود في أساسه إلى عاملين رئيسيين؛ أولهما كم وحجم المتاح من السلع والمنتجات في الأسواق، وثانيهما سعر التكلفة لهذه السلع وتلك المنتجات. وفي هذه الحالة تحدث الاضطرابات في الأسواق وهو ما يتطلب رقابة فاعلة من الأجهزة المخولة بذلك، خاصة جهاز حماية المستهلك، وخاصة أن الدولة تقوم بجهد كبير لتوفير السلع في الأسواق بما يزيد عن حاجة الاستهلاك، ولكن جشع التجار يفسد ما تقوم به الدولة.

المشكلة

المشكلة التي تواجه المزارعين من وجهة نظر عمرو هاشم ربيع في “الشروق” تكمن في الموردين الذين يستغلون الفلاحين البسطاء بشكل كبير. فعلاوة على الغرامات التي تفرضها بعض المحافظات على الفلاحين الذين حصلوا على الكيميائي لأنهم سجلوا أرضهم قمحا، وزرعوها برسيما مثلا، يقوم الموردون بداية بشراء القمح من الفلاحين بما يعادل 155 كغم للإردب، أي أن أول هضم لحق الفلاح في هذا الشأن، هو خسارة 5 كغم ينهبها غالبية الموردين من صغار الفلاحين لكل إردب قمح. المشكلة الثانية، أن الموردين يتسلمون الأقماح من صغار الفلاحين بافتراض أدنى درجات النقاوة. فمثلا إذا كانت الدولة قد حددت سعرا يتراوح بين 860ــ880 جنيها للإردب الواحد، حسب درجة النقاوة، ودرجة الرطوبة، فإن المورد يتسلم القمح من الفلاح، باعتبار أن درجة الرطوبة فيه عالية، فيدفع له فور تسلمه المبلغ من الدولة 860 جنيها للإردب، في حين أن كثيرا من الأقماح يتسلم المورد لها من الدولة مبلغ 880 جنيها للإردب الواحد بسبب نسبة الرطوبة المعدومة تقريبا في القمح المورد في أغلب الأحوال. المشكلة الثالثة تتمثل في الردة، والردة هي أحد مكونات حبة القمح، فالحبة تتألف من ثلاث طبقات رئيسية تشمل النخالة والسويداء والبذرة، بحيث تعد النخالة الطبقة الصلبة الخارجية المليئة بالعناصر الغذائية والألياف. وخلال عملية الطحن يتم نزع النخالة عن الحبة، بحيث تصبح ناتجا ثانويا عن عملية إنتاج طحين القمح، تمتلك مذاقا حلوا ويمكن استخدامها لإضافة قوام وطعم كامل للمخبوزات على اختلاف أنواعها.

بيد الحكومة

يحصل المورد كما يجزم عمرو هاشم ربيع، سواء كان الفلاح الكبير أو المورد المستغل على نحو 12 كغم ردة لكل إردب من شركة المطاحن، ويدفع نظير ذلك نحو 30 جنيها إجمالا، ولا يسلم المورد للفلاح المزارع كمية الردة التي حصل عليها على الإطلاق، إذ أن طول المدة التي تفرق بين تسليم المورد القمح للمطاحن والشون، ووقت استلام المستحقات من مبالغ مالية وردة، علاوة على قلة الكمية التي ستوزع وتقسم على المزارعين، كل حسبما باعه للمورد، تجعل الفلاح يمل من السؤال على حقه في الردة مكتفيا بحقه من بيع القمح. وبالمقابل يقوم المورد ببيع الردة بالجملة إلى المخابز بسعر 8 جنيهات للكيلو الواحد. من هنا فإن المطلوب للخلاص من كل ذلك أن تقوم الحكومة باستلام القمح مباشرة من الفلاحين، وأن تفتح العديد من أماكن التوريد، بدلا من فتح منافذ محدودة وبعيدة، تكون مكلفة للفلاح في نقل القمح. كما أن فتح العديد من منافذ وأماكن التوريد التابعة لشركة الشون والمطاحن والصوامع تقلل من الإجراءات البيروقراطية، وكل ذلك تبين بسبب عدم وجوده هو ملل الفلاح من كثرة الانتظار أمام إدارة الشون والمطاحن والصوامع، حيث يستسهل التوريد للموردين المستغلين في أوزان القمح ودرجة النقاوة، ثم تختتم الصورة بنهب الردة. هذا الحل إضافة إلى رفع سعر الإردب من القمح حتى لا ندعم الفلاح الأجنبي في مواجهة الفلاح المصري، سيجعل الفلاح مقبلا على زراعة القمح، ما يساهم في تقليل الفجوة في بين كمِّ المنتج وكمِّ المستهلك.

مصير واحد

نتوجه نحو ارض الجهاد وشعب الجبارين بصحبة جيهان فوزي في “الوطن”: لا نستطيع الجزم بما يمكن حدوثه في الأيام القليلة المقبلة على صعيد التوتر الحاصل بين حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني وإسرائيل، على خلفية اعتقال بسام السعدي أحد قيادات الجهاد الإسلامي النافذة في مخيم جنين، الاستعدادات الاستباقية الإسرائيلية على أوجها، تأمين المستوطنين والمستوطنات المحاذية لقطاع غزة، رفع درجة الاستنفار في الجيش، إغلاق الطرق المؤدية إلى قطاع غزة ومحاصرتها بالحواجز، إغلاق الشواطئ القريبة من القطاع وإيقاف حركة القطارات، إغلاق المعابر ومنع العمال من دخول إسرائيل، إرسال صور للسعدي بعد الاعتقال تطمئن به الوسطاء بأنه لم يتعرض لأذى أثناء الاعتقال أو التحقيق، إرسال رسائل للفصائل الفلسطينية عبر الوسطاء مفادها، أن إسرائيل لا تسعى للتصعيد، لكنها سترد بقوة على أي محاولة لشن هجوم عليها؟ والسؤال: هل هناك اعتداء أكثر مما تفعله إسرائيل يوميا مع الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة؟ ورغم أنها لم تعلن صراحة عن ماهية ردها، فإن قيادات حركة الجهاد في الداخل والخارج أغلقوا هواتفهم وتجاهلوا الرد على الوسطاء. ويبدو واضحا أن الجيش الإسرائيلي يتخوف من قيام عناصر من حركة الجهاد الإسلامي بعمل انتقامي بعد اعتقال السعدي، فسارع وقام بخطوة غير مسبوقة لنشر صور له بعد اعتقاله، ليظهر أنه بصحة جيدة، رغم الإصابة الطفيفة التي ظهرت على أنفه وفمه والتي بررها جيش الاحتلال بأنها نتيجة مهاجمة كلب بوليسي له خلال عملية الاعتقال.

منكوبون لكنهم أعزة

ماذا ينتظر سكان القطاع في ظل التوتر المتصاعد الآن؟ تجيب جيهان فوزي: هناك حالة استنفار ميدانية، وإخلاء للمواقع العسكرية تحسبا لأي تصعيد مقبل، وتحركات مباشرة للوسطاء بين إسرائيل والفصائل، على أمل التهدئة قبل اشتعال فتيل حرب جديدة، لا أحد يتوقع مفاجآتها؟ فالطريقة الهمجية التي تعاملت بها قوات الاحتلال مع المسن السعدي، ومع المواطنين الفلسطينيين أثناء اعتقالهم، إنما تعبر عن مدى تفشي ثقافة العنف والكراهية والعنصرية والانحطاط الأخلاقي في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ومراكز صنع القرار وإصدار التعليمات والأوامر في دولة الاحتلال، وهي شكل آخر من أشكال التعامل الوحشي لقوات الاحتلال مع المواطنين الفلسطينيين، في استباحة غير مسبوقة لحياتهم. فقد تعودت إسرائيل على العدوان ثم الصراخ والتباكي أمام العالم بأنها الضحية والمعتدَى عليها، عملا بالمثل القائل: «ضربني وبكى وسبقني واشتكى» الغريب أن إسرائيل تحذر «لا تبادروا إلى تصعيد الوضع في غزة، بسبب عملية اعتقال في جنين»، وهو ما يؤكد خشية إسرائيل من عمليات انتقامية قاسية، فالاستعدادات التي تقوم بها إسرائيل وحالة الاستنفار غير العادي في منطقة غلاف غزة، لم تحدث منذ حرب «سيف القدس» الأخيرة على القطاع باعتراف الإعلام الإسرائيلي. ربما تبيّت إسرائيل النية لمواجهة عسكرية تحاول استبعاد أنها مَن بدأها، بل اضطرت لها، بدليل الرسائل التي بعثتها عبر الوسطاء للفصائل الفلسطينية، غير أن الأحداث الأخيرة لأي مراقب تبدو مترابطة ومتشابكة ببعضها، منها إعلان جيش الاحتلال مؤخرا عن تبريره قصف أماكن سكنية في الحرب الرابعة لاستهداف الإحداثيات العسكرية الخاصة بحماس، متهما المقاومة الفلسطينية بأنها تمارس العمل العسكري بين المدنيين، ثم بعد أيام إعلان المقاومة بغموض عن استهداف إسرائيل لمكان أسراها في الحرب الأخيرة دون تفاصيل، إن كانوا لا يزالون أحياء أم قُتلوا؟ ثم تقوم إسرائيل بالتصعيد باعتقال قائد الجهاد بسام السعدي في جنين بطريقة مهينة، ما استدعى استنفار سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، وأوصل الوضع العسكري إلى حالة من التوتر الشديد، الذي قد تعقبه حرب جديدة، يبدو أن هدف إسرائيل منها لم يتكشف بعد، لكن المؤكد أن مَن سيدفع الثمن هو قطاع غزة المنكوب.

«القاعدة» وشقيقاتها

بعد مقتل أيمن الظواهري، هناك توقعات لمصير خلايا أو بقايا تنظيم “القاعدة”، في أفغانستان وأيضا في الدول والمناطق التي انتقل إليها أعضاء وقيادات التنظيم للبحث عن ملاذات آمنة، بالطبع والكلام لأكرم القصاص في “اليوم السابع: فإن التنظيم منذ مقتل أسامة بن لادن، وربما قبله فقد الكثير من قوته، وأيضا تمويله، ودخل في مرحلة من الضعف، خاصة أن كثيرا من أعضائه غادروا ملاذاتهم في تورا بورا وجبال أفغانستان وباكستان، بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان بعد 11 سبتمبر/أيلول، كما انضم بعضهم إلى تنظيمات أخرى خاصة “داعش”، الذي شهد فترة قوة مع تدفقات وتمويلات من دول وأجهزة قبل أن يواجه انكسارا منذ 2016. بعد غزو العراق 2003 تدفق أعضاء التنظيم إلى العراق وبرز التنظيم بقيادة أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتل في عام 2006، لتبدأ مرحلة بناء تنظيم “داعش”، وبعد مقتل أسامة بن لادن في مايو/ايار 2011، حاول الظواهري وقف تدفق مقاتلي “القاعدة” على “داعش”، لكن إمكانات “داعش” المادية والقتالية، والتمويلات التي تدفقت عليه بعد غزو العراق وحتى إعلان الخلافة بقيادة أبو بكر البغدادي، مثلت إغراءات لمقاتلي القاعدة لينضموا إلى داعش، لكن أسامة بن لادن ومن بعده الظواهري أصدرا فتاوى تكفر “داعش” وتعتبرهم خوارج تنظيم “القاعدة” الذي نشأ في ظل الحرب الباردة، ودعمته الولايات المتحدة، لمواجهة الاتحاد السوفييتي، فقد الكثير من مميزاته والدعم الذي حصل عليه من أجهزة ودول، وتخلت عنه الولايات المتحدة بعد انتهاء دوره، لكن بقاء أعداد كبيرة من المقاتلين والأموال والأسلحة، دفعته للتحول تجاه الولايات المتحدة، وكانت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، بداية حرب شنتها الولايات المتحدة على التنظيم، ما تسبب في تفكيكه، وإضعافه، وزاد التراجع بعد مقتل أسامة بن لادن، وتولي الظواهري قيادة تنظيم مفكك، فقد الدعم والملاذات الآمنة، واكتفى ببيانات وفيديوهات، مختبئا حتى تم اصطياده بصاروخ أمريكي، ليواجه بقايا التنظيم مصيرا مجهولا، قد ينضم ما تبقى منهم لـ”داعش”، وهو أيضا فقد الكثير من قدراته خلال السنوات الماضية، ليتركز في غرب افريقيا وبعض مناطق الشام والعراق، دون قيادات كبيرة، وهو ما يدفعهم للبحث عن ملاذات أو تنظيمات صغيرة.

ماذا طرأ على المصريين

هناك مثل شعبي استدعاه عبد القادر شهيب في “فيتو” يقول: كثرة الحزن تعلم البكاء.. هذا المثل ربما يفسر لنا لماذا صار المصريون أكثر قسوة في مخاطبة وتعامل بعضهم مع بعض.. هذه القسوة يمكن الاستدلال عليها من تحليل مضمون ما يقال وينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن متابعة بعض أحداث العنف المجتمعي التي صدمتنا مؤخرا، والتي شاهدنا فيها قتلا ونحرا على قارعة الطريق وأمام جميع المارة، بل اهتمام بعضهم بتصوير عمليات القتل والنحر تفصيلا بدلا من الاهتمام بإنقاذ الضحية. هناك ما يشير إلى أن ثمة تغيرا طرأ على المصريين، تغيرا في التفكير والسلوك.. تغيرا يثير القلق والانزعاج لأنه يُبين أننا صرنا أكثر عنفا وأشد قسوة وأقل تسامحا وطيبة مما كان يقال في دراسات اجتماعية، إنه معروف عنا.. وهذه القسوة قد تكون نتاجا للضغوط شديدة القسوة التي تعرض لها المصريون في غضون السنوات الماضية، خاصة الضغوط الاقتصادية التي تعيد صياغة سلوك وأفكار البشر، وتجعلهم قساة القلوب يتصرفون بعنف، ولعل مشاهد غرق السفينة الشهيرة تايتنك تؤكد ذلك، حينما تدافع ركابها وتسابقوا للنجاة غير مكترثين بسقوط ركاب آخرين في البحر وغرقهم. إن لكل فعل رد فعل كما تقول النظرية الشهيرة مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.. وما تعرض له المصريون في عقد سابق من ظروف قاسية وضغوط شديدة، لا بد أن تترك آثارها غائرة في المجتمع.. الإبداع لا يتحقق بالتعليمات لقد أدت هذه الظروف لأن تتزايد مساحة القسوة في المجتمع، بل تتحول هذه القسوة إلى كراهية يعبر عنها أحيانا بغلبة السب والقذف على الحوار بين بعضنا بعضا، وأحيانا أخرى باللجوء إلى العنف. هذا تحليل أولي لما حدث لمجتمعنا في السنوات الأخيرة يحتاج أن يخضع لدراسة موضوعية متعمقة حتى نسارع لحماية مجتمعا من القسوة والكراهية والعنف.

الأزمة والعلاج

هل أزمة الشباب العربي معنوية مرتبطة بالتنشئة والتعليم، أم مادية مرتبطة بالدخل ورغيف الخبز؟ يرى محمد الأنصاري في “البوابة” أن أصل الأزمة هو العامل النفسي التربوي المعنوي. وكما يقول المثل الصيني بدلا من أن تعطيني سمكة علمني الصيد. التعليم يأتي برغيف الخبز. ولا يوفر رغيف الخبز تعليما. لا بد من المواجهة. هناك خلل عميق في التكوين النفسي والمعرفي للشاب العربي على امتداد بلاد العروبة، أيا كان انتماؤه العرقي أو الطائفي. هذا الخلل الضارب في جذور شخصية الشاب العربي يعيقه من أن يحيا حياة كريمة متحققة ذاتيا. وإصلاح هذا الخلل على ما يتطلبه من جهود جبارة هو الذي يكفل له مواجهة أعباء الحياة بما فيه عبء مواجهة الفساد السياسي والاقتصادي والفقر والجهل والمرض. حين نتحدث عن العطب والشرخ في التكوين النفسي، فنحن لا نقصد إجراء اختبارات فرويدية للشباب العربي بتمديده على ” الشيزلونج”، تكفي الإشارة إلى أزمة “الحرية” في المسار التربوي في الأسرة والمدرسة. لا يمكن خلق النضج النفسي دون حرية. والحرية في العالم العربي مطروحة فقط في الشارع وليس في البيت ولا في المدرسة، لذلك هي أقرب للفوضى. رفوف مكتباتنا العامة والخاصة ممتلئة بكتب ودراسات حول مناهج التربية خاصة في القرآن الكريم. بيد أن كل هذا لا قيمة له في واقع الأمر دون “تفعيل” قيمة “الحرية” في المناهج التربوية. وكل ما قيل حول التكوين النفسي والحرية يمكن أن يقال حول التكوين المعرفي مع إضافتين مهمتين. أولا وكما تشير بالفعل الكثير من الدراسات، يجب أن تتحول مناهجنا الدراسية والمعرفية من مفهوم “تغذية” المعرفة إلى تنمية مفهوم “الحصول” على المعرفة وذلك منذ نعومة الأظفار مع تنمية روح النقد. أيضا يجب أن يترسخ لدى الشباب أن الثورة المعرفية هي أساس الثورة السياسية وليس العكس. إذن قبل كل شيء يجب علاج الخلل النفسي والخلل المعرفي الناتجين عن غياب الحرية، دون ذلك لا يمكن تلافي اضطراب وضعف شخصية الشاب العربي الذي لن ينفعه التحلي بكل الفضائل الواردة في الكتب المنزلة ما لم يشعر بأنه فرد حر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى