الإمارات: السودان مسرح للفظائع ويجب وقف الصراع

ردت دولة الإمارات بقوة على افتراءات سلطة بورتسودان في جلسة الإحاطة المشتركة الرفيعة التي نظمها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بمقر الأمم المتحدة بجنيف، وأكدت مجدداً موقفها الداعي إلى وقف القتال فوراً وحماية المدنيين دون أي وصاية خارجية.
وقالت دولة الإمارات، في بيان ألقته شهد مطر، نائبة المندوب الدائم والقائم بالأعمال بالإنابة في البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى في جنيف، إن السودان أصبح أرضاً للفظائع والمآسي الإنسانية تنتهك فيها أبسط المبادئ الأساسية يومياً. وشددت على أنه لا ينبغي لأحد من أطراف النزاع أن يلقي المحاضرات أو أن يملي على وكالات الأمم المتحدة المبادئ الإنسانية الأساسية التي يفترض أن يتم الالتزام بها. وأكد البيان أن الإمارات تظل مركزة على ما هو أهم حقاً، وهو تخفيف معاناة الشعب السوداني من خلال مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية، ودعم الجهود المنقذة للحياة التي يبذلها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وأشادت بأهمية عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مجال الحماية الدولية والنزوح. كما شددت على الحاجة الملحّة إلى تعزيز التعاون الدولي لمعالجة المستويات غير المسبوقة من النزوح، وتلبية احتياجات الحماية التي ما زالت تتزايد اليوم. وفي ظل المجالات المتعددة التي تسهم فيها المفوضية لمواجهة هذا الوضع المملوء بالشكوك، أعربت دولة الإمارات مجدداً عن قلقها العميق إزاء التأثير المدمر للصراع على شعب السودان، وما نتج عن هذا الوضع من أزمة إنسانية مستمرة وانتهاكات متكررة للقانون الإنساني الدولي من قِبل أطراف النزاع، أي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
المستقبل بيد السودانيين
وبصفتها عضواً في «الرباعية الخاصة بالسودان»، أكدت الإمارات أنها ستواصل العمل بشكل بنّاء مع الشركاء الدوليين لضمان استمرار عمليات الإغاثة. كما تؤكد مجدداً أن مستقبل حكم السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة وشفافة، لا تخضع لسيطرة أي طرف من أطراف النزاع.
وأشار بيان الإمارات إلى أن أطراف النزاع، ولاسيما ممثلي سلطة بورتسودان، لا يهتمون سوى بتسييس الأعمال الإنسانية ونشر الروايات المضللة بدلاً من تحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية. وبسبب هذا السلوك، فإن الصراع يخلّف عواقب إنسانية مدمّرة على السكان المدنيين، حيث يُحرم الآلاف من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، من الحصول على الغذاء والمياه والإمدادات الطبية، ويُجبرون على مغادرة منازلهم، وما يسمع باستمرار هو تجاهل تام للظروف التي يواجهها شعب السودان، الذي يعاني باستمرار المجاعة الواسعة النطاق بسبب القتال الدائر. وأكدت بيان الإمارات أيضاً أن السودان أصبح مسرحاً للفظائع، حيث تُنتهك أبسط المبادئ الأساسية يومياً، بينما المطلوب واضح وهو يجب أن يتوقف القتال، ويجب حماية المدنيين.
رفض للوصاية الخارجية
ويأتي هذا البيان للرد على الادعاءات الكاذبة التي تروج لها «سلطة بورتسودان» عبر حملات إعلامية وسياسية ممنهجة تستهدف الإمارات ودورها الإنساني في الوقوف مع الشعب السوداني الشقيق، وهو موقف تعبر عنه الدولة في سياستها انطلاقاً من إيمان راسخ بضرورة العمل على إنهاء المعاناة التي يعيشها السودانيون، مع التأكيد على الرفض القاطع لأي محاولات لفرض حلول أو أجندات خارجية على السودانيين، وأن الحل لا يكون إلا سياسياً بمسار سوداني خالص بعيداً عن الوصاية.
ورغم محاولات التشويه وتحريف الحقائق، تواصل الإمارات تقديم مساعداتها الإنسانية العاجلة عبر قنوات أممية وشراكات دولية، مركزة على تخفيف المعاناة وإنقاذ الأرواح، دون أي مقابل سياسي. كما تستمر في تقديم الدعم الفعّال للشعب السوداني والمجتمعات المستضيفة في المنطقة، عبر برامج إغاثية وتنموية تركّز على تلبية الاحتياجات العاجلة، وتحسين الظروف المعيشية للمتضررين.
مساعدات لا تتوقف
وقد بلغت قيمة المساعدات الإماراتية المقدّمة إلى السودان بين عامي 2014 و2025 نحو 3.95 مليار دولار أمريكي، شملت مشاريع ومبادرات إغاثية وتنموية داخل السودان وفي عدد من الدول المجاورة. كما قدمت الإمارات، منذ اندلاع النزاع في عام 2023,681.8 مليون دولار أمريكي مساعدات إنسانية مباشرة استفاد منها أكثر من مليوني شخص، إلى جانب تعهدها بتقديم 200 مليون دولار أمريكي خلال المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان الذي انعقد في أديس أبابا في 14 فبراير/شباط 2025.
وضمن الدعم الإنساني، الذي لا يتوقف، سيرت الإمارات 162 طائرة وسفينة واحدة نقلت 12,710 أطنان من المواد الغذائية والطبية والإغاثية، وتم توزيع 6,388 طناً من المساعدات الغذائية و280 طناً من الإمدادات الطبية داخل السودان لدعم المتضررين من النزاع، بينما وصلت 5,542 طناً من المساعدات إلى تشاد دعماً للاجئين السودانيين، و200 طن إلى أوغندا لتوفير الغذاء والإغاثة وحفر 3 آبار وإنشاء 10 مرافق صحية، إضافة إلى 300 طن من المساعدات إلى جنوب السودان لتلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين. كما شملت جهود الإمارات تشييد مستشفيين ميدانيين في مدينتي أمدجراس وأبشي في تشاد قدّما خدمات طبية لأكثر من 90.889 حالة، إلى جانب افتتاح مستشفى في منطقة مادهول بولاية بحر الغزال في جنوب السودان، كما قدّمت الإمارات دعماً مباشراً ل127 منشأة صحية في 14 ولاية سودانية.
دعم للجهود الإنسانية
وخصصت الإمارات أيضاً 70 مليون دولار أمريكي لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في السودان، و30 مليون دولار لدعم اللاجئين في دول الجوار، منها 25 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي، و20 مليون دولار للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، و8 ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية، و5 ملايين دولار لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، و5 ملايين دولار لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، و7 ملايين دولار لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). كما أعلنت الإمارات عن مساهمة بقيمة 10.25 مليون دولار أمريكي لدعم اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة المستمرة، موزعة على منظمة الصحة العالمية (3 ملايين دولار)، وصندوق الأمم المتحدة للسكان (مليوني دولار)، وبرنامج الاستجابة بناء على النوع الاجتماعي في تشاد (250 ألف دولار)، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (3 ملايين دولار)، وصندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني (مليوني دولار). وقدمت الإمارات أيضاً 4 ملايين دولار أمريكي لدعم تعليم اللاجئين السودانيين في تشاد بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، تعزيزاً لفرص التعليم والحماية للأطفال المتأثرين بالنزاع.