رأي

الإعلام في زمن الحروب

كتب عبدالله مغرم في صحيفة الرياض.

دور وسائل الإعلام في الحرب متعدد الأوجه، ويلعب تنفيذ نظريات الاتصال بشكل احترافي دورا حاسما في الحروب، ففهم هذه الديناميكية أمر بالغ الأهمية، حيث تعتبر نظرية التأطير أحد أهم النظريات التي تستخدم في توجيه الرأي العام. توضح هذه النظرية كيف تسلط وسائل الإعلام الضوء على أجزاء محددة وتركز عليها بشكل كبير لصناعة التصورات العامة للجمهور وردود الفعل لإضفاء الشرعية على الجهات الفاعلة داخل الصراع، ومن ثم التأثير على كل من الرأي العام والأجندات السياسية.

وعلى سبيل المثال، أدت التقارير المصورة خلال حرب فيتنام، إلى ميل الرأي العام تدريجيًا ضد الحرب. على العكس من ذلك، خلال حرب الخليج الثانية، عرضت وسائل الإعلام في الغالب روايات حول التقنيات العسكرية ومدى تطورها مما عزز دعم الرأي العام.

ومع ذلك، تذكرنا نظرية وضع الأجندة بأن وسائل الإعلام لا تضع القضايا فحسب، بل تؤثر أيضا على ما يعتبره الجمهور مهم. فالتغطية الواسعة لبعض الصراعات يمكن أن تحفز الخطاب العام، في حين أن الاهتمام الضئيل يمكن أن يقلل من اهتمام الرأي العام، بينما نظرية الغرس الثقافي تشير إلى أن وسائل الإعلام تشكل واقع الرأي العام بشكل تدريجي مع مرور الوقت، حيث يمكن للروايات الإعلامية المستمرة تطبيع عنف النزاع وتشكيل تصورات طويلة الأجل.

لا يشكل تأثير هذه النظريات والاستراتيجيات الإعلامية الرأي العام فحسب، بل يشكل أيضًا تأثيرا في الذاكرة الجماعية للصراع، مما يؤثر بشكل كبير على انطباع الرأي العام وتبرير القرارات السياسية والعسكرية.

وإذا ما شهدنا تبرير مجمل وسائل الإعلام الغربية لحصار وحرب إسرائيل ضد قطاع غزة، نرى إعلامياً استخدام مزيج من النظريات والمفاهيم السابقة، فبرغم عدد الضحايا الضخم، نجد أن وسائل الإعلام تركز بشكل كبير على إدانة حماس وأنها من بدأت الصراع وتتجاهل بشكل تام ما تقوم به إسرائيل، ويتم تبريره إعلامياً بأنها حالة دفاع عن النفس، وفي المقابل عند مشاهدة تغطية وسائل الإعلام الغربية لجهود دعم الشرعية في اليمن كان التركيز بشكل رئيس على آثار الحرب وتبرئة ضمنية للحوثي برغم حجم الدمار الذي تسبب به.

لمواجهة آلة الحرب الإعلامية لا بد من العمل على مسارين الأول تكتيكي قصير الأجل ويتمثل في تثقيف الرأي العام المستهدف على تفنيد الادعاءات بشكل غير مباشر للتأثير على العقل الجمعي، ومن الناحية الاستراتيجية العمل على التأطير المضاد والذي يمكن من خلال تعزيز الروايات التي تفند الحقائق أو تعزز حقائق مستهدفة بوسائط إعلامية مناسبة تحقق الأهداف المرجوة، وتبنى بشكل استراتيجي ومستمر لتشكيل تصورات للرأي العام المستهدف.

الخلاصة: تتداخل الأجندات السياسية مع محتوى العديد من وسائل الإعلام وتؤثران وتتأثران ببعض، والحرب غير المعلنة هي كيفية التأثير على الرأي العام لتمرير بعض القرارات السياسية أو التأثير عليها بما يساهم في تحقيق المصالح العليا للدول.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى