حسين زلغوط, خاص – رأي سياسي:
على الرغم من التفاؤل الذي يبديه رئيس مجلس النواب، والتحرك الذي يقوم به تكتل “الاعتدال الوطني” ، والتواصل المستمر بين أعضاء اللجنة الخماسية، ما زال الاستحقاق الرئاسي تائهاً ، وسط دوران سعاة الخير في حلقة مفرغة، حيث لم تبرز في الايام الماضية أي معطى يفيد بإمكانية حصول خرق جوهري في جدار الأزمة.
وجديد التحركات بهذا الشأن، هو إيفاد الرئيس بري معاونه السياسي النائب على حسن خليل الى قطر للبحث مع المسؤولين في الدوحة في مستجدات المنطقة، مع التركيز على الملف الرئاسي، وفهم أن الدعوة القطرية كانت في الأساس موجهة لرئيس المجلس، وهي ربما تشمل في الأيام المقبلة عدد من الشخصيات السياسية في دلالة واضحة عن استمرار اهتمام قطر في الملف اللبناني من مختلف جوانبه.
وتزامنت زيارة النائب خليل للدوحة مع اتصال هاتفي أجراه أمس الموفد الفرنسي جان إيف لودريان بالرئيس بري، حيث تم التشاور في آخر المستجدات الرئاسية، من دون أن يكشف عن تفاصيل ما دار من نقاش، لكن فهم أن لودريان ليس في صدد القيام بزيارة قريبة الى لبنان كما كان متوقعاً، وهذا يشي بأن الأجواء ما تزال غير مؤاتية لمثل هذه الزيارة التي ترغب فرنسا بأن تكون الأخيرة قبل التفاهم على انتخاب رئيس.
في هذا الوقت علم أن سفراء “الخماسية” سيعقدون اجتماعاً في وقت قريب بغية تقييم الوضع في اعقاب اجتماعهم الأخير، قبل أن يعودوا لعقد اجتماعات موسعة مع العديد من الأفرقاء اللبنانيين لمواصلة البحث في الخيارات التي من شأنها وضع حد للشغور الرئاسي وبالتالي انتخاب رئيس. غير أن أوساط سياسية قالت لموقع “رأي سياسي” أن ما يحصل رئاسياً على كافة الصعد، لا يعدو كونه ملء للفراغ، بانتظار نضوج التسوية في المنطقة، كاشفة عن أن “الخماسية” ما تزال على غير قلب واحد، وأن هناك تباعد في وجهات النظر بين أعضائها، وهو ما جعل كل اجتماعاتها الى الآن غير منتجة.
أما لناحية مبادرة كتلة “الاعتدال الوطني” الرئاسية، فإنها تلقت جرعة دعم من رئيس المجلس الذي ينظر الى بنود هذه المبادرة على أنه تكملة لمبادرته الحوارية، وهو ابدى خلال لقائه الأخير مع أعضاء “التكتل” استعداده للمساعدة في وضع الألية التنفيذية لهذه المبادرة في حال حظيت بتأييد القوى السياسية، التي سيعاود “تكتل الاعتدال” التواصل معها والبحث بما استجد حول المبادرة التي يطرحونها، بعد أن يكون “حزب الله” قد اعطاهم جوابه عليها، حيث علم أن ذلك سيكون خلال اجتماع كتلة “الوفاء للمقاومة” هذا الأسبوع.
وتؤكد هذه الأوساط أن كل ما يقال عن أن مسعى “الاعتدال” تلقى في الايام الأخيرة قوة دفع داخليا وخارجياً، بشكل شجعه على المضي في مسعاه، ليس كافياً لكي نقول ان الملف الرئاسي وضع على السكة، على اعتبار أن العوامل المطلوبة لتسهيل العملية الانتخابية ما تزال غير متوافرة، ومن السذاجة القول أن لا علاقة للاستحقاق الرئاسي بالتطورات الموجودة في المنطقة لا سيما في غزة ، فلبنان ليس معزولاً عما يجري حوله وبالتالي فان اي مستجدات في المنطقة سرعان ما يتأثر بها لبنان.
وتجزم الاوساط بأن القوى السياسية في لبنان لا تملك القدرة على انتخاب رئيس بفعل الإنشطار السياسي الموجود، أضف الى ذلك أن العامل الخارجي ما زال غائباً ، حيث أن الملف اللبناني ما زال الى الآن مكانه في آخر سطر على الأجندة الدولية ، وبالتالي فإن الرهان اليوم هو على تسوية تحصل بين واشنطن وايران ، وهذا ليس ممكناً أن يحصل قبل الانتخابات الأميركية في الخريف المقبل، وهذا يعني أن مسار الأمور لن تكون واضحة ومريحة على مدى الأشهر المقبلة.