
نائلة حمزة.
خاص رأي سياسي …
بعد ثلاثين عاماً في منصب حاكم المصرف المركزي ، هل يغادر رياض سلامة ؟ سؤال لا بد من الإشارة إليه في ظل ما يشاع اليوم على الساحة اللبنانية خصوصاً في خضم التحقيقات المحلية والاوروبية مع سلامة الذي يبدو انه مقتنع ببراءته ويتابع أعماله في المصرف المركزي كالمعتاد ولن يستقيل قبل انتهاء ولايته.
وبعد سلسلة من التحقيقات التي استمرت لأشهر، أصدرت قاضية التحقيق الفرنسية أودي بوروزي، مذكرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في الساعات الماضية ، بسبب تغيّبه عن جلسة استجواب حددت له في باريس في السادس عشر من الجاري، وذلك في إطار تحقيقات تجريها فرنسا، حول مصدر ثروته وشبهات غسيل أموال قام بها على أراضيها ، وذلك بعد خضوعه لاستجواب دقيق ومركّز في بيروت في شهر من قبل قضاة أوروبيين وتحت إشراف القضاء اللبناني، حيث وجّهت إليه مئات الأسئلة التي تركّزت معظمها حول عمليات تبييض أموال في مصارف أوروبية . ويشتبه المحققون الفرنسيون في أنّ سلامة راكم أصولاً عقارية ومصرفية، عبر مخطط مالي احتيالي معقّد، وأساء استخدام أموال عامة لبنانية على نطاق واسع، خلال توليه إدارة مصرف لبنان طيلة ثلاثة عقود.
الا ان الخطوة التي قام بها القضاء الفرنسي تعيد خلط الأوراق المتعلقة بهذا الملف، وذلك وسط مخاوف من أن تدفع هذه المذكرة المصارف المراسلة، إلى الامتناع عن إجراء أي تحويلات أو معاملات مالية مع مصرف لبنان المركزي، الأمر الذي يحتم تنحيه عن منصبه فوراً.
سلامة الذي رد على مذكرة التوقيف التي أصدرها القضاء الفرنسي، بالتأكيد على أنه سيعمد إلى الطعن بهذا القرار الذي يشكل مخالفة للقوانين، مشيراً إلى أن التحقيق الفرنسي ضرب مبدأً جوهرياً يتعلق بسرية التحقيقات ، ويرجع غيابه عن جلسة التحقيق إلى عدم تبليغه بوجوب المثول أمام القضاء الفرنسي وفق الأصول، وهذا الأمر أكده القضاء اللبناني الذي أعلن أنّ السلطات فشلت في إبلاغ سلامة بالاستدعاء .
وفي اطار متصل، يرى مراقبون قانونيون ان لدى لبنان الحق بعدم تسليم حاكم مصرف لبنان ، وان المتوقع في حال تعميم اسم رياض سلامة عبر الإنتربول هو عبر قيام سلامة بالتنحي عن منصبه بطلب من السلطات اللبنانية، لتقوم بعدها السلطات القضائية اللبنانية، بالإعلان أنها ستحاكم سلامة على أراضيها بعد مصادرة جواز سفره ومنعه من السفر ، وهنا تكمن الخطورة…
وفيما يشكّل ادعاء القضاء الفرنسي على حاكم مصرف لبنان، انتصاراً معنوياً للكثير من اللبنانيين، الا انه بمثابة تهديد للكثير من السياسيين والاقتصاديين .ولكن هل من عواقب لمذكرة التوقيف الدولية ؟
يرى أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الدكتور جاسم عجاقة ، الى أن هذه الخطوة من الممكن أن تدفع ،البنوك المراسلة إلى التوقف عن التعامل مع لبنان وتأثر عميلات الاستيراد والتصدير وتحويل الأموال من الداخل والخارج، وهو الأمر الذي ستكون له ارتدادات كبيرة، خصوصاً أن اقتصاد لبنان بات “مدولراً” وبالتالي فإن أي خطوة في هذا الاتجاه قد تعزل لبنان عن النظام المالي العالمي، وهو أمر لا يمكن لأحد تحمل تبعاته، مشيراً إلى أن الساعات أو الأيام المقبلة، ستكون حاسمة بالنسبة للخيار الذي سيلجأ إليه حاكم مصرف لبنان، أو حتى السلطات اللبنانية، مع وجود احتمال ضعيف بأن تقوم الحكومة اللبنانية بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
قد يغادر سلامة منصبه بالفعل ،لكن النظام المالي اللبناني لن يغادر موقعه الحالي المُنازع بين الفشل والخوف من الآتي …