«الأونروا».. أكثر من عمل إنساني وأعمق من سعي إغاثي
كتبت نيفين عبدالهادي, في “الدستور” :
تفرض المرحلة وظروفها المتعددة الكثير من الأسئلة، على الرغم من عدم رغبتي بأن تنتهي جملي بعلامات استفهام، لكنها باتت مفروضة على لغتنا فكل ما حولنا من ظروف غاية في السلبية بل الأكثر سلبية على المنطقة منذ سنين، يفرض التساؤلات التي تجرّ خلفها علامات استفهام تزيد من ضبابية الحقيقة، وتعقيد الموقف، فماذا ينتظر غزة؟ وإلى متى غزة؟ وماذا ينتظر الضفة الغربية المحتلة والقدس المحتلة؟ ما هو مصير الأونروا؟ وما هو مصير اللاجئ الفلسطيني إذا ما تم انهاء الأونروا؟ كلها أسئلة جزء من كلّ، كلّ معقد متشابك تحيطه إسرائيل بانتهاكات وجرائم مستمرة بل ومتجددة!!! أقول متجددة وليست مفاجئة، فما عادت إسرائيل تفاجئنا بما تقوم به!!!.
من الواضح أن إسرائيل، بل الاحتلال الإسرائيلي يضع تحديدا الجانب الإنساني خلف جدران من التناسي، والتجاهل، واضعا لنفسه حالة خاصة في عدم الاكتراث بكل ما هو إنساني، وفي الإجراءات التي يُعلن عنها بشأن الأونروا وحظر عملها، أو الحديث عن قرارات بوقف التعامل والاعتراف بها، لذلك أبعاد إنسانية خطيرة كون الأونروا الذراع الإنساني الأساسي الداعم للأهل في غزة والضفة الغربية، والقدس، متجاهلا هذا الدور الهام، والمتفرّد، بإصرار على بقاء الجانب الإنساني والإغاثي للفلسطينيين في غياهب النسيان والتجاهل.
ما يحدث من إجراءات إسرائيلية ضد الأونروا هو جزء لا يتجزأ من جرائمها المتتالية، ما يعيد التساؤل : ما هو مصير الأونروا ومصير اللاجئين الفلسطينيين ؟، سيما وأن الأونروا شاهد على اللجوء الفلسطيني، وهي المنظمة العالمية الوحيدة التي تورّث حق اللجوء، على خلاف غيرها من المنظمات الدولية المعنية باللجوء، ففي وجودها حق اللجوء الفلسطيني مكفول إلى حين حل القضية الفلسطينية بإقامة دولتهم على ترابهم وعاصمتها القدس الشرقية، ربما في كل هذه الحقائق السبب الرئيسي لعداء إسرائيل للأونروا منذ تأسيسها، لكن هذا لا يعطيها أي حق بإنهاء هذه المنظمة الدولية من وجودها الذي هو وجود لأهم أركان القضية الفلسطينية المتمثل باللاجئين، ذلك أن بقاء الأونروا واستمرارية دورها هو ثبات للحق الفلسطيني بحق العودة والتعويض، علاوة على حقه في الحصول على خدمات لا يُمكن لأي جهة أن تقدمها غير الأونروا.
يتعدا السؤال عن مصير الأونروا، حدود القول بمن يقوم بهذا الدور، وماذا بعد وغيرها من الأسئلة التي تبقى بعيدة عن عمق إنهاء جسم دولي شاهد على اللجوء الفلسطيني، وبقاؤه بقاء لهذا الحق، حتى الوصول للحل القانوني وفقا للشرعية الدولية، ما يجعل من الإجابة على هذا التساؤل أساس مرحلة، وجوهر قضية، يضاف لهذه الرمزية والجانب السياسي الهام، الخدمات التي تقدمها الأونروا وتركز على ثلاث هامة صحية وتعليمية وإغاثية، يضاف لكل ذلك وضع الدول المستضيفة للاجئين والتي أكبرها الأردن، كل ذلك سيجعل من الإجراءات الإسرائيلية بحق الأونروا حقيقة جريمة حرب جديدة.
الأردن يقدّم للاجئين خدمات وموازنة أكبر بكثير مما تقدمه الأونروا، لكن ما يتقدم من دعم مالي مهم، إضافة لرمزية وجودها وعملها، وكثيرا ما رفض الأردن القيام بمهام محددة من أي جهة أو دولة لحرصه على بقائها ضمن مهام الأونروا وحتى تبقى بيدها هذه المهام، وفي ذلك رسالة لأهمية بقاء الأونروا، ناهيك عن الجهود التي يقوم بها بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني للحفاظ على بقاء الأونروا واستمرارية عملها، وفي ذلك الموقف الصحيح بل الأكثر صحة وسلامة وعلى الجميع أن يتشبّث به، فإسرائيل ترفض الأونروا كونها حقيقة اللجوء الفلسطيني.
بقاء الحقائق في فلك الأسئلة، مع إسرائيل، أمر خطير على الجميع التنبه له ، وتحديدا المجتمع الدولي، حتى لا تمرر سياسات وجرائم وانتهاكات واعتداءات وصولا لمرحلة لن ينفع بها البحث عن حلول وهذا يحتاج جهودا دولية.