«الأصفر» ملاذ آمن … و«الأسود» إلى التعافي
كتب كامل عبدالله الحرمي في صحيفة الراي.
توهج «الأصفر الرنان»… الذهب، لمعاناً في ارتفاع سعره على وقع الطلب المتزايد عليه كـ«ملاذ آمن»، في ظل التوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، وانعكاسها على الإمدادات النفطية والأسعار المتجهة صعوداً.
وسمي بالملاذ الآمن نظراً للطلب العالمي عليه وما عزّز من قيمته السوقية بمعدلات مرتفعة غير مسبوقة وبدأ يتجاوز أكثر من 23.500 ألف دينار للكيلو الواحد. وتكمن الطمأنينة للاستثمار في الذهب بحكم قابلية البيع والشراء في أي مكان أو محل في العالم وبالقيمة السوقية ذاتها، وبكل شفافية وصدقية. وما على المرء سوى النظر والمتابعة عبر شاشات التلفاز أو الصحف والمجلات والنشرات الإخبارية، ليدرك ذلك.
وعن سبب هذا الارتفاع المفاجئ وبهذا القدر خلال الأسابيع القليلة الماضية بأكثر من 15 %، فإن هناك عوامل كثيرة في مقدمتها التوتر السياسي أو الجيوسياسي، وحرب السفن في البحر الأحمر، والتدخل الإيراني في الحرب، بالإضافة إلى تخفيض سعر الفوائد البنكية.
وتزامن ذلك، مع مشتريات قوية من البنوك العالمية للذهب، سواءً من البنك المركزي الصيني وتحول تركيا من البيع إلى الشراء، ومع ترك العملات والمضاربات أو حتى الأسهم جانباً.
الآن، التركيز الوحيد على الذهب وارتفاع قيمته، ولأنه بدأ يحقق مستوى تاريخياً تقريباً يومياً، ما يجعل الكل بأن يحقق دخلاً مادياً بقدر ما يملك من الذهب. وهو يعرف في النهاية ان الذهب لن يفقد بريقه ولا قيمته. وببيعه في أي وقت ومكان وزمان بسعر السوق العالمي عند الحاجة، أو من تحقيق عوائد وأرباح في الوقت الحالي وفي سوق الذهب.
أما عن «الذهب الأسود»… نفط الكويت، هو الآن في معدل مناسب لا يغطي العجز المحتمل لكن في طريقه إلى هناك حيث ما زال ما دون السعر المطلوب، وقد يكون من الصعب أن نصل إلى 95 دولاراً ليغطي المصاريف لكن الآمال تبقى معلقة، ولدينا أكثر من 11 شهراً للوصول إلى الهدف والتعافي.
لكن مع التزام (أوبك +) وبكامل أعضائه وروسيا والعراق ونيجيريا بالخفض الطوعي للإنتاج، فإن المنظمة البترولية فعلاً أثبتت تماسكها وقوتها لتستعيد مكانتها وتتسيد الموقف خاصة مع موسم زيادة الطلب على وقود الطائرات والسيارات.
وفي ضوء ذلك، تتزايد الضغوط العالمية على منتجي النفط وتوجيه أصابع الاتهام لـ «المنظمة البترولية» بأنها وراء التضخم المالي والعالمي، وأنها وراء ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بجميع أشكالها نتيجة ضيق في الإمدادات من النفط الخام.
وبالرغم من قوة وقيمة الذهب الأصفر، إلا أن الدول النفطية لا تمتلك كميات يمكن قياسها كقيمة مضافة أو احتياطي مالي كبير. وأكبر دولة عربية تمتك كمية من الذهب هي السعودية بمقدار 323 طناً، ولبنان بمقدار 287 طناً مقارنة بأميركا التي تحوز 8100 طن، وتليها المانيا وروسيا بالمركز الخامس بـ2296، والصين بـ1948 طناً. في حين تمتلك تركيا 458 طناً من الذهب وهي أيضاً تتفوق على جميع الدول العربية والإسلامية.
وفي وقت يبقى سعر النفط متقلباً وعند المضاربات اليومية، يحافظ الذهب الأصفر على شموخه واستقراره ومن الاستحالة التلاعب في معدله اليومي.
ومن يمتلك كمية مناسبة من السبائك لا مانع من بيع جزء منها، أو من يمتلك من المصوغات الذهبية ولمَ لا يبيع فالسعر في قمته أو يبيع على مراحل إذ ما زال الذهب مواصلاً في ارتفاعه، وما عليه سوى الذهاب إلى سوق الذهب ليرى بأم عينيه، ويقارن سعر الذهب ما بين عامين وأكثر.
اليوم، هو الخيار للذهب، وللاستثمار فيه. وعليه، لماذا لا تملك الكويت الذهب أسوة بمن يملكه من الدول كإحتياط؟ ولماذا لا تشتريه بحكم انه «ملاذ آمن»؟ علما أن قوتها اليومي من الذهب الأسود واحتياطها النفطي كبير، وفي المراكز المتقدمة، وعليها زيادة إنتاجها.