اقتصاد ومال

الأسواق تحت الضغط… هل يقترب الركود الاقتصادي؟

هزّت بيانات الوظائف الأميركية المخيبة للآمال الثقة في هبوط سلس للاقتصاد الأكبر في العالم، مما أدى إلى هبوط أسواق الأسهم العالمية وارتفاع الرهانات على خفض أسعار الفائدة.

ولعب تخلي المستثمرين الجماعي عن استراتيجية «تجارة الفائدة بالين» دوراً حاسماً في تعزيز موجة البيع، مما ألقى بظلال من الشك على دلالات أسعار الأصول في تقييم التوقعات الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وتظل احتمالية حدوث ركود موضع تكهنات. وقد رفع بنك «غولدمان ساكس» تقديراته لاحتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة إلى 25 في المائة، بينما يرى بنك «جيه بي مورغان» أن هناك احتمالاً بنسبة 35 في المائة لبدء ركود قبل نهاية العام.

وفي ما يلي استعراض لأبرز 5 مؤشرات اقتصادية تعكس المخاطر المحتملة لحدوث ركود عالمي:

1- لغز البيانات

ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى نحو 4.3 في المائة في يوليو (تموز)، وهو أعلى مستوى له منذ 3 أعوام، وسط تباطؤ كبير في التوظيف.

وقد زادت هذه البيانات من المخاوف بشأن حدوث ركود اقتصادي، حيث تجاوز معدل البطالة عتبة «قاعدة ساهم»، وهي مؤشر تاريخي يشير إلى بداية الركود عندما يرتفع متوسط معدل البطالة المتداول لمدة 3 أشهر بنسبة 0.5 في المائة عن أدنى مستوى له خلال العام السابق.

ومع ذلك، يعتقد عديد من الاقتصاديين بأن رد الفعل على البيانات كانت مبالغاً فيها بالنظر إلى أن الأرقام قد تكون مشوهة بسبب الهجرة وإعصار «بيريل». ودعّمت بيانات طلبات إعانة البطالة، التي جاءت أفضل من المتوقع يوم الخميس، هذا الرأي أيضاً؛ مما دفع الأسهم إلى الارتفاع.

وأعرب المدير العام للاقتصاد العالمي في شركة «تي إس لومبارد» الاستشارية، داريو بيركنز، عن تحفظه على المخاوف المتزايدة بشأن الركود، مشيراً إلى استمرار نمو الأجور. وأضاف: «لا يزال من المبكر الحديث عن ركود حقيقي، إلا إذا شهدنا انخفاضاً في مستوى الأجور».

لكن خارج الولايات المتحدة، تشير مؤشرات النشاط الاقتصادي إلى تراجع نمو منطقة اليورو، بينما لا يزال تعافي الصين هشّاً.

وتشير البيانات الاقتصادية العالمية إلى تزايد وتيرة المفاجآت السلبية، حيث اقتربت من أعلى مستوياتها منذ منتصف عام 2022، وذلك وفقاً لمؤشر المفاجآت الذي يصدره بنك «سيتي».

2- انهيار الشركات

انخفض مؤشر «إم إس سي آي» للأسهم العالمية أكثر من 6 في المائة عن أعلى مستوياته في يوليو، بينما خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأميركي أكثر من 4 في المائة حتى الآن في أغسطس (آب).

ومع ذلك، يعتقد المحللون بأن الأسهم، التي لا تزال مرتفعة بنحو 7 في المائة على مستوى العالم هذا العام، بعيدة عن الإشارة إلى ركود.

ويقدر «غولدمان ساكس» أن كل انخفاض بنسبة 10 في المائة إضافية في الأسهم الأميركية سيقلل النمو خلال العام المقبل بنحو نصف نقطة مئوية.

ويقول المحللون إن الظروف الائتمانية قد تكون أكثر أهمية.

ويشيرون إلى أنه على الرغم من اتساع علاوة المخاطر التي تدفعها سندات الشركات على السندات الحكومية في أوروبا والولايات المتحدة، فإنها كانت تصحح من مستويات ضيقة تاريخياً ولم تكن التحركات واضحة بما يكفي للإشارة إلى أن مخاطر الركود كانت عالية.

وتشير توقعات الركود الضمنية من الفارق بين سندات الاستثمار الأميركية وعوائد سندات الخزانة إلى أنها أقل بنحو النصف عمّا كانت عليه في عامَي 2022 و2023، وفقاً لـ«بنك أوف أميركا».

3- خفض الفائدة

بسبب بيانات الوظائف الأميركية وتصريحات بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تبدو متشائمة، يسعر المتداولون الآن نحو 100 نقطة أساس من تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية بحلول نهاية العام.

وهذا أقل من أكثر من 130 نقطة أساس في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكنه ضعف نحو 50 نقطة أساس متوقعة في 29 يوليو. كما تسعر الأسواق أكثر من 50 في المائة من فرصة خفض كبير بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول).

كما أضافت المصارف الكبرى إلى التخفيضات التي يتوقعها بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وقال مدير المحفظة في «أفيفا إنفستمنتس»، ستيف رايدر، إن «الفيدرالي» من المرجح أن يخفّض أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ولكن بالنظر إلى عدم اليقين بشأن كيفية تطور البيانات الاقتصادية، فمن المفهوم أن الأسواق كانت تسعر احتمالية اضطراره إلى خفض المزيد.

وفي مكان آخر، يرى المتداولون فرصة كبيرة لخفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي» 3 مرات أخرى هذا العام، بعد أن رأوا أقل من فرصة كاملة لخفض ثانٍ في منتصف يوليو.

4- منحنى العائد

أدّت رهانات المصارف المركزية على خفض أسعار الفائدة إلى انخفاض حاد في عوائد سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل، مما أدى إلى انعكاس منحنى العائد لأجل 10 سنوات مقابل عامين، وتحوله إلى منطقة «الإيجابية» لأول مرة منذ يوليو 2022.

وفي حين أن انعكاس منحنى العائد كان يُنظر إليه تاريخياً على أنه مؤشر جيد على الركود في الأفق، فإن المنحنى يميل إلى العودة إلى طبيعته مع اقتراب الركود.

ومع ذلك، مع انعكاس المنحنى لفترة قياسية هذا الدورة دون حدوث ركود، فإن غالبية الاستراتيجيين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم في وقت سابق من هذا العام لا يرون أنه مؤشر موثوق للركود.

وقد انعكس المنحنى مرة أخرى منذ ذلك الحين، حيث بلغ سالب 5 نقاط أساس يوم الخميس.

5- النحاس «Doctor Copper»

يُعرف هذا المعدن باسم «Doctor Copper» نظراً لسجله الحافل بوصفه مؤشراً على الازدهار والكساد، وقد أدى هبوطه إلى أدنى مستوياته في 4.5 شهر هذا الأسبوع إلى وضعه بقوة على قائمة مراقبة الركود.

وشهدت أسعار النحاس في بورصة لندن للمعادن انخفاضاً حاداً بنسبة 20 في المائة عن أعلى مستوى تاريخي سجلته في شهر مايو (أيار)، لتصل إلى نحو 8750 دولاراً للطن، مما يعكس تدهوراً ملحوظاً في التوقعات الاقتصادية العالمية.

وتقترب أسعار النفط، وهي مقياس آخر لصحة الطلب العالمي، من أدنى مستوياتها منذ أشهر عدة. لكن هبوطها كان محدوداً بسبب المخاوف من أن تؤدي التوترات في الشرق الأوسط إلى ضغط الإمدادات من أكبر منطقة منتجة للنفط.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى