ستيفاني حداد.
خاص رأي سياسي..
موائد الإفطار الرمضانية في المنطقة العربية تغيرت بشكل كبير بسبب الإشكالية التي تعترض قدرتها على توفير السلع خلال شهر رمضان المبارك؛ بطبيعة الحال الطلب يرتفع على معظم السلع الغذائية أبرزها القمح واللحوم والخضروات بأشكالها المختلفة ، مقابل قدرة إنفاق محدودة تختلف بين بلد عربي وآخر على اختلاف الأزمات الإقتصادية ، بالإضافة إلى تأثير الحرب الأوكرانية-الروسية على وفرة المنتجات ، خصوصا البقوليات والحبوب ، إذ لطالما اعتمد العالم على اوكرانيا كمصدر أولي للحبوب والزيوت.
ضعَّفت الإصلاحات وتقلبات العملات العربية إمكانات الإنفاق على المائدة العربية كما اعتاد المواطن العربي منذ القدم لتأتي الأزمات الأمنية ، السياسية، الإقتصادية وحتى الطبيعية أخيراً في البلدان العربية لتفاقم الوضع وتزيده سوءا.
ووفقا للتقديرات، يسجل شهر رمضان المبارك للعام الحالي تراجعا ملحوظا في الإنفاق من دولة لأخرى في الإقليم العربي مقارنة بمواسم ماضية، خصوصاً في الدول التي تسجل نقصا في المعروض مع عدم وجود البدائل وتراجع قيمة صرف العملة لتلك الدول، إضافة إلى الإشكالات الموجودة من قلة الموارد.
ودعمت قوة اقتصادات دول الخليج بلدان منطقة الخليج على تخطي الأزمات المتتالية أولها جائحة كورونا وتلتها الحرب الروسية الأوكرانية والحفاظ على الإمدادات الغذائية لدول الخليج، إضافة إلى مواجهة عدد كبير من الدول العربية صعوبات أمنية وسياسية تمنعها من استغلال مواردها التي يُهدرُ جزءٌ كبير منها على القضايا الأمنية ، بهدف دفع استحقاقات القضايا السياسية أكثر من تسييرها في مسار الخدمات والإنتاج والصحة العامة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، أكثر من نصف السوريين مثلاً ، يعانون انعدام الأمن الغذائي ليأتي زلزال شباط ويدهور الوضع الإقتصادي المهترىء اساساً وسط إنهيار العملة السورية وغياب المواد الأولية.
فالازمة انسحبت أيضا على الليرة في لبنان التي سجلت انهيارا تاريخيا وباتت السلع تُسعّر إما بالدولار أو يصعب الحصول عليها. فيما يعاني الأردن نسبة بطالة حادة.
على الرغم من غياب الكثير من الأطباق الشهيرة والمشروبات التقليدية الرمضانية التي أصبح وجودها على الموائد أمرا صعبا ، إلا أن أحاديث الناس لم تخل منها وما زالوا متمسكين بعادات تبادل الطعام في ما بينهم .
مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية في جامعة الدول العربية ، البروفيسور إبراهيم الدخيري ،يعتبر أن المملكة العربية السعودية الأقرب إلى الأمن الغذائي الكامل.اذ انها قادرة على تأمين إحتياجاتها الغذائية لأكثر من عام ، في حين تواجه دول المنطقة تحديات كبيرة.
وإعتبر أن الدول التي تمتلك اقتصادا قويا ،تستطيع توفير احتياجات شعبها وتفادي إشكاليات سلاسل الإمداد والمخزونات المتوفرة وبكميات كبيرة.
المملكة العربية السعودية كمثال، حرصت أن تكون المخزونات متوفرة من جميع السلع الغذائية، لذلك ستبقى السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في أفضل حالها.
وبهدف ضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل رصدت المملكة مبالغ مالية فاقت الـ24 مليار دولار للاستثمار في الإقليم العربي كالسودان والأردن بهدف دعم التوجه العربي لرفع الإنتاج المحلي للدول الزراعية.
آليات ومدة التخزين التي لطالما اعتمدتها البلدان العربية كانت تتراوح بين 3 و 6 أشهر من المخزونات الاساسية لكن الحديث عن زيادة فترة الأمان ليكون الإمداد خلال عام أو يزيد ، أسهم بشكل كبير في استقرار السوق المحلية لكل دولة لذلك تتجه معظم دول العالم وفي طليعتها البلدان العربية إلى تخزين مواد غذائية تكفي سنة وأكثر.
ويبدو أن الإجراءات التحفيزية لقضايا الإنتاج بهدف تسهيل العملية الإنتاجية ورفع معدلات المحصول الزراعي بالإضافة إلى وجود خطة تشجيعية للتوسع في الإنتاج المحلي ، هي المخطط التي تسعى معظم دول التعاون الخليجي إلى تحقيقه والذي سينعكس إيجابا على واقع الاستثمار المحلي والتجارة المحلية.
يمكن لفجوة العرض والطلب التي يعاني منها الشعب العربي طيلة أيام السنة، أن تخف حدتها خلال شهر رمضان المبارك نتيجة ارتفاع الحس الإنساني في هذا الشهر الذي تتسابق فيه الجمعيات ورجال الأعمال والميسورين على تقديم السلال الغذائية التي تحتوي على المواد الرئيسية.
ومن هنا ، فإن الأمن الغذائي العالمي سيواجه مشكلات جمّة ، أبرزها مشكلة إرتفاع الأسعار التي لن تُحل في العاجل القريب، طالما أن الأزمات الإقتصادية مقترنة مباشرة بالأزمات السياسية.