رأي

الأردن تجاه غزة.. عظمة الموقف والعطاء

كتبت نيفين عبد الهادي في صحيفة الدستور.

الموقف الأردني من الأهل في غزة، تستوقفني الكثير من الأصوات التي تتساءل عن تفاصيله، وتبحث عن تعداد لما قدّمه الأردن تجاه قضية مركزية بالنسبة له ليس منذ السابع من تشرين الأول الماضي، إنما تاريخيا فلم تكن غزة وفلسطين يوما للأردن والأردنيين سوى أولوية تتقدّم كافة القضايا، ما يجعل من أي صوت يدعو لموقف أردني واضح او أي موقف ما هي إلاّ أصوات نشاز بعيدة كل البُعد عن واقع الحال.

موقف الأردن من أهلنا في غزة كان الأوضح منذ بدء معركة طوفان الأقصى، والأكثر جرأة وحسما، والأكثر فاعلية بشكل واقعي وعملي، ما يجعله الموقف الوحيد وبتأكيد من الغزيين أنفسهم ما يجعله الأهم بالنسبة لهم، والأكثر عملية ويرون تفاصيله على أرض الواقع ويلمسون تبعاته، على جوانب مختلفة سياسيا ودبلوماسيا وإنسانيا وإغاثيا وطبيا، وفي كل هذه التفاصيل لا يحتاج الأردن لسرد هذه التفاصيل كونه يقوم بها وأكثر ولا ينتظر أي رد أو حتى موقف وردة فعل، يقوم بها بحبّ ووفاء لعهد قطعه لحماية الأهل في غزة والضفة الغربية.

لم يقف الأردن منذ اليوم الأول من الحرب على أهلنا في غزة مكتوف الأيدي، إنما بذل جهودا على كافة الأصعدة لوقف الحرب، ومن ثم إيصال المساعدات، إضافة لما هو غاية في الأهمية بوجود مستشفيين ميدانيين في غزة، أحدهما تم إنشاؤه خلال الحرب في خان يونس، ليكون سابقة صحية وطبية في غزة لم تُقدم عليها أي دولة، ليسجل سابقة أخرى في إيصال المساعدات للأهل في غزة عن طريق الإنزالات الجوية فكانت سماء غزة مكانا ليوصل الأردن العون لأهلها، وفيما بدأ هذه الإنزالات بمفرده لتصبح اليوم بمشاركة عدد من الدول العربية والعالمية.

ليس عرضا للجهود الأردنية بقدر ما هي حقائق يكتبها قلمي، وحتما في سردي الكثير من عدم القدرة على كتابة حجم ما يقدمه الأردن، ما يجعلني عمليا أردد ذات التساؤل لماذا يبقى هناك تساؤلات عن الموقف الأردني الذي كان سباقا ومبادرا في الكثير من الإجراءات الداعمة لأهلنا في غزة، ناهيك عن كونه من أوائل الدول التي منعت عودة السفير الإسرائيلي لعمان، فهو موقف انفرادي بكافة تفاصيله، وفي كل يوم يزداد عمقا وأثرا وحضورا في الشارع الغزي الذي يردد دوما أن «صنع في الأردن» الأكثر حضورا في حياتهم، والأهم ما يمنحه الأردن من دعم معنوي لأهلنا في غزة ليبقيهم على قيد الأمل بأن القادم يحمل فرجا.

الحديث عن الموقف الأردني يحتاج مساحات واسعة، في القلوب قبل صفحات الكتب وأوراق الصحف، يحتاج زخما لغويا نستجمع به كلمات البشرية حتى نضع الحقائق كاملة، فمن عاش يوما مع نشامى القوات المسلحة وصقور سلاح الجو الملكي في الإنزالات التي تنفذ يدرك جيدا ما هو الأردن وماذا يقدم لغزة من تضحيات وبطولات يصعب وصفها، ما يجعل من الحديث عن الأردن وما يقوم به للغزيين حالة وطنية أخوية ومشاعر حب وإنسانية أردنية خاصة واستثنائية، تحكي عن نفسها يصعب وصفها والكتابة عنها، فهي عظمة الموقف والعطاء.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى