الأردن الرسمي
كتب سهم محمد العبادي في صحيفة الدستور.
لم أقرأ يوما في تاريخ الأردن العظيم المجيد تصنيفات تفتت وحدة الدولة الأردنية، وتحولها إلى جزر منفصلة، لم أسمع في تاريخ المعارك التي خاضها الأردن أنها كانت بين الأردن الرسمي ودول أو عصابات وضمن رايات وهوية متعددة التسميات، لم ننشأ في قرانا وبوادينا على تسميات أشبه ما تكون اليوم طعنة في خاصرة الوطن وسما زعافا يوضع في الدسم على موائد الأردنيين، لم أسمع وصفي التل، وحابس المجالي أن نطقا اسم الأردن بتصنيفات التجزئة، وكنت من الذين يحبون اسم الأردن كما ينطقها حابس المجالي -رحمه الله- وما تحدث إلا واتبعها قائلا الأردن العظيم، لم أسمع سليمان المشيني يكتب شعرا عن الأردن الرسمي أو الأردن الشعبي، بل كتب أنا الأردن، وما زلت أرددها بصوت إسماعيل خضر، وحبيب الزيودي كذلك وفارس عوض وتوفيق النمري وغيرهم.
المعارضة سابقا كانت تقول في خطاباتها الأردن، والسعي لازدهار الأردن ورفعته، وأن يكون رمح الأمة النضالي والمدافع عن قضاياها، لم يرتضوا يوما أن تكون التسمية أقرب إلى تفتيت الدولة والمجتمع وقطع أواصر العلاقات بين مكونات الدولة وضرب وحدته وتقسيم الجسد الواحد.
الأردن تنطق وحدها كاملة شاملة بكل فخامتها، دون أن تُمَزَّق بحسب أهواء خارجية أو داخلية كما هو الآن، فقد بدأت هذه المسميات والمصطلحات منذ ما يسمى بالربيع العربي، وازدادت في حرب الاحتلال على غزة حاليا، وأصبحنا نسمع ونقرأ مسميات تفتيت الدولة، فما بين خطاب يُسْتَعَاد في بعض الخطابات كما يقال «على الأردن الرسمي كذا، وكذا» ويعاد الحديث أن «الأردن الشعبي والأهلي مازال كذا وكذا»، وهناك من يخاطبنا عبر وسائل الإعلام أو حتى في الندوات وبقوله «النظام الأردني» ونحن الذين نُخَاطَب دوما من الملك بأهله وعشيرته والشعب الأردني العظيم، فنحن أهل الملك وعشيرته وسيفه الذين لن يكسر بإذن الله تعالى، نصون العهد دائما كما أسسه الأجداد والآباء.
هذه التسميات الممجوجة لا أرتضيها لوطني تحت أي ذريعة كانت، ولا أقبل تقسيم الأردن العظيم تحت أي أساس، فنحن الأردن العظيم قول وفعل، مثلما ظهرت قبل فترة وجيزة ندوات طافت كل جامعاتنا، كان لدي تحفظ عليها، وعلى عنوانها الذي انطلقت به «دور الأردن والهاشميين في الدفاع عن القضية الفلسطينية»، وهذا عنوان لا أعلم كيف أُجِيز، وكيف لمن وافق عليه أن يفصل دور الأردن عن الهاشميين، فمنذ الثورة العربية الكبرى والدور واحد له قيادة أردنية هاشمية، عمل تحت رايتها الجميع، وسطرنا تاريخا مجيدا تليدا، وكان الأردن العظيم واحدا بقيادته وأهله.
ثم ظهرت تسميات أخرى تدعو إلى هوية أردنية عابرة للحدود والقارات، ولكن برؤية وأهداف وأجندة ليست أردنية، ولا تراعي مصالح الأردن العظيم، بل وتريد التعامل مع الأردن العظيم أنه مجرد أرض جرداء يجتمع فيها الناس لخدمة الآخرين، وليس لخدمة وطنهم.
في الأردن العظيم وقيادته وأهله وهويته لا أقبل التقسيم، ولو بالمصطلحات، ولا أقبل أن تنحرف بوصلتنا الوطنية الأردنية الأصيلة، ولا أقبل أن أكون محايدا أو مجاملا على حساب الأردن العظيم، وعلى الدولة الأردنية الانتباه لهذه التسميات، ومن يقف خلفها، فلا نريد ترسيخ هذه المصطلحات بأذهان الجميع، حتى لا ندفع الثمن لاحقا، فنحن الأردن العظيم وكفى.