الأرثوذكسي الأول في نيابة لبنان… لماذا يُحرم من نيابة رئاسة البرلمان؟
كتب الان سركيس في “نداء الوطن”:
يُعتبر إنتخاب رئيس مجلس نواب ونائبه الإستحقاق الأول الذي يواجه المجلس النيابي الجديد عموماً وقوى المعارضة خصوصاً.
فرزت الإنتخابات النيابية أكثرية للقوى المعارضة على اختلاف تلاوينها، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الأكثرية ليست ممسوكة مثل أقلّية «حزب الله» وحلفائه، لذلك فإن الإستحقاقات تتطلّب المزيد من التنسيق بين القوى الجديدة كي لا تستفيد السلطة التي كانت قائمة من الخلافات والتناقضات التي قد تظهر.
وإذا كان انتخاب رئيس مجلس النواب محسوماً بفعل عدم قدرة المعارضة على خرق لوائح «الثنائي الشيعي»، إلا أن انتخاب نائب الرئيس يطرح أكثر من سؤال بعد سقوط نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي في الإنتخابات النيابية وفتح الباب أمام طرح عدد من الأسماء الجديدة. وحتى لو فاز لكانت هذه المسألة مطروحة بحدّية أكبر. وفي السياق، تبرز عدّة أسماء أهمها النواب: غسان حاصباني والياس بو صعب وملحم خلف، وهنا تكثر التحليلات والسيناريوات، فعلى سبيل المثال إذا ترشّح الثلاثة فإن الأفضلية قد تبقى لبو صعب إذا دعمه «الثنائي الشيعي» مع «التيار» وإذا تشتّتت قوى المعارضة، الأمر الذي سيطيح بإنجاز النتائج.
ومن جهة ثانية، هناك أخبار متداولة عن أن بري يرتاح إلى النائب المنتخب ملحم خلف لأنه صديقه ويستطيع التعامل معه، لكن الأخير لا يستطيع الوصول إذا لم يحظَ بدعم «الثنائي الشيعي» أو إذا لم تجمع عليه قوى الأكثرية الجديدة. والسؤال هنا هو عما إذا كان خلف في بداية الطريق سيذهب في اتجاه المساومة مع قوى السلطة التي خاض معركته ضدها.
وإذا كان الأمر يحتاج إلى العمل وفق رغبة الناس وإحترام نتائج الإنتخابات، فان حاصباني يعتبر المرشّح الأوفر حظاً لأنه أثبت أنه الأرثوذكسي الأول في الأشرفية التي تعتبر عقر دار الأرثوذكس، فقد نال 7080 صوتاً في حين كان الحاصل في دائرته 5512 صوتاً، أي إنه حصد لوحده نحو حاصل ونصف، واقترع في دائرته 42504 أصوات وحصل على نسبة 16.657 بالمئة من اصوات الدائرة التي لا يوجد فيها اقضية. أما خلف الذي ترشح في بيروت الثانية فقد حصد 7141 صوتاً وكان الحاصل 13103 أصوات، واقترع 137716 صوتاً، وبالتالي فقد نال ما نسبته 5.185 بالمئة من إجمالي المقترعين.
ولا يختلف الوضع كثيراً بين خلف وبو صعب الذي حاز على 4050 صوتاً في المتن وسجّل الحاصل 10115 صوتاً، واقترع 78123 متنياً وكانت نسبته 5.184 بالمئة من إجمالي المقترعين.
ولا يقتصر الأمر على الأصوات، بل إن حاصباني ينتمي إلى تكتل هو الأكبر مسيحياً، وقد حقق مرشحوه في الأقضية التي فيها مقاعد أرثوذكسية أرقاماً مدوّية، فعلى سبيل المثال فقد نال زميله فادي كرم في الكورة 9226 صوتاً من أصوات القضاء ذات الصبغة الأرثوذكسية، في حين حقق مرشح «القوات» عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه نزيه متى رقماً كبيراً هو 9191 صوتاً تفضيلياً، ونال مرشح «القوات» عن المقعد الأرثوذكسي في زحلة إيلي إسطفان 6758 صوتاً تفضيلياً. ولكن ما يجدر التوقف عنده هو أن ترشيح حاصباني لهذا المنصب يخضع لقرار حزب القوات اللبنانية وللتنسيق مع قوى الأكثرية الجديدة بموجب ما قاله رئيس الحزب سمير جعجع بعد اجتماع تكتل الجمهورية القوية أمس، وذلك بالإتفاق عليه أو على خيار آخر غيره. وهنا يطرح بعض الأرثوذكس سؤالاً مهماً وهو لماذا يتمّ تهميش المواقع الأرثوذكسية وعدم الأخذ برغبة من انتخبتهم الطائفة ممثلين لها، فكل مكوّن في نظامنا يختار من يريده، ونتائج الإنتخابات لا تزال «طازجة»، لذلك فإنه لا لبس في الأرقام، وهل ستتجاهل القوى الثورية نتائج الإنتخابات، والتي منحت «القوات» أكبر كتلة مسيحية أرقاماً ومقاعد؟
ومن جهة ثانية، يتساءل البعض كيف سيصل خلف المدعوم من بعض قوى المجتمع المدني إلى نيابة الرئاسة إذا لم يحصل توافق الأكثرية الجديدة عليه؟ لذلك إن هذه الأكثرية أمام تحدي هذا الإستحقاق بجدارة لتثبت أنها قادرة على المبادرة في الإستحقاقات الأخرى الآتية، فهل يذهب بعض هذه الأكثرية إلى التفاهم مع ما بقي من الأكثرية السابقة؟ وبالتالي هل يمكن ان يضيّع الإنتصار ويذهب بالمعارضة نحو التشرذم في أول إستحقاق ويمنح هدية للسلطة؟
أسئلة كثيرة يبقى الجواب عليها رهن تطورات ما قبل جلسة إنتخاب رئيس المجلس ونائبه.