افتتاحية اليوم: هل يُعلَّق مؤتمر دعم الجيش؟

أعادت باريس طرح مؤتمر دعم الجيش اللبناني في لحظة سياسية شديدة الحساسية، زادتها تعقيدًا الزيارة الأخيرة للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت.
ورغم أن هدف فرنسا المُعلَن هو حماية المؤسسة العسكرية من الانهيار، فإنّ الأسئلة البديهية تظل مطروحة: هل يمكن فعلًا المضيّ في هذا المؤتمر قبل بتّ ملف حصرية السلاح، أم أنّ المبادرة محكومة بسقف التوازنات الداخلية والإقليمية؟
تؤشّر حركة لودريان الأخيرة إلى محاولة فرنسية لإعادة وصل ما انقطع في الحوار اللبناني، وفتح نافذة مشتركة بين القوى السياسية حول الاستحقاقات الدستورية والأمنية. فالجيش، بالنسبة لباريس، هو الركيزة المتبقية لضبط الاستقرار، فيما يرى الفرنسيون أنّ انهياره سيُسقِط أي إمكانية لمعالجة الملفات الكبرى، بما فيها حصرية السلاح. لذلك تميل باريس إلى فصل المسارين: دعم الجيش كضرورة عاجلة، والنقاش حول السلاح كمسار طويل يتطلّب توافقًا داخليًا لا تملك أي دولة فرضه.
لكن هذه المقاربة ليست مُحصَّنة من الضغوط، فبعض القوى اللبنانية يعتبر أنّ مؤتمر الدعم يفقد قيمته السياسية إذا لم يُقارَب ضمن رؤية شاملة تعالج دور الدولة وسلطتها على كامل أراضيها، بينما يرى آخرون أنّ ربط الدعم بملف السلاح سيُعطِّل المساعدات ويُعرِّض الاستقرار الأمني إلى اهتزازات خطرة.
وبفعل هذا التباين، حاول لودريان أن يقدّم مبادرة مرنة تجمع بين الواقعية السياسية وحاجة الجيش الملحّة للدعم.
عمليًا، يبدو أنّ المؤتمر ممكن قبل حسم ملف السلاح، بشرط أن تُظهر الدولة اللبنانية قدرة على مواكبة التحرك الفرنسي بخريطة طريق سياسية تُطمئن الداعمين بأن مسألة السلاح ليست خارج النقاش، بل إنّ الحكومة ماضية في تنفيذ قرارها بحصرية السلاح إلى حين توافر ظروفها.
في المحصلة، إنّ زيارة لودريان تعكس رغبة فرنسية في منع انهيار ما تبقّى من بنية الدولة، فيما يبقى نجاح المؤتمر مرهونًا بمدى استعداد القوى اللبنانية لالتقاط الفرصة، وفهم أنّ دعم الجيش ليس بديلًا عن الحلول السياسية، بل خطوة اضطرارية على طريق طويل نحو استعادة الدولة دورها وقرارها.




