افتتاحية اليوم: هجرة الشباب تتسبب بتحويل لبنان إلى مجتمع هرم

في خضم الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يمر بها لبنان منذ سنوات، يُلاحظ أن هجرة الشباب اللبناني تتكاثر يوماً بعد يوم، حيث تشهد أبواب السفارات على تنوعها طوابيراً من الذين قرروا الهرب خارج البلاد لتأمين مستقبلهم.
ولا شك أن هناك أسباباً ودوافع كثيرة تحمل اللبنانيين على توضيب حقائبهم استعداداً لمغادرة البلد، ومن بين هذه الأسباب السعي إلى بلاد آمنة، أو الانتقال من شظف العيش إلى رغد الحياة، فضلاً عن الهجرة سعياً في طلب العلم أو الجنسية أو فرصة العمل أو غيرها من الأسباب التي تدفع المرء لترك مسقط رأسه.
وللأسف، تظهر الإحصاءات المتعلقة بهذا الشأن أنه خلال إحدى عشرة سنة هاجر من لبنان 626 ألف مواطن، أي ما يعادل 12% من مجموع السكان، 70% منهم من فئة الشباب تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عاماً.
منذ أربع سنوات، وبسبب أزمات متعددة تمثلت في انهيار المداخيل، وتلاشي الوظائف، وفقدان المدّخرات، هاجر الكثير، غالبيتهم من الشباب وأصحاب الكفاءات، للبحث عن إكمال دراساتهم الجامعية، أو بحثاً عن فرص عمل تنقذ مستقبلهم وتحقق طموحاتهم.
وأمام هذا المشهد، فإننا سنكون مع قابل الأيام وسط حقائق خطيرة لجهة إمكانية أن يتحوّل لبنان إلى مجتمع هرِم، بعد أن يغادره جيل كبير من الشباب الذين سرعان ما يأخذون القرار في البقاء حيث أخذتهم عواصف الهجرة، وتصبح زيارة البلد والأهل في المناسبات. علماً أن الأزمة الأخيرة التي شهدها لبنان منذ تفجير المرفأ إلى اليوم، غادر على إثرها المئات من الأطباء والمحامين والأكاديميين، وهو أمر يؤثر كثيراً على مستقبل لبنان بأكمله، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يغادرون، زاد فقدان لبنان لمواهبه وللفاعلين الأساسيين في صياغة المستقبل وعملية صنع القرار.