افتتاحية اليوم: موجة النزوح الجديدة تزيد الطين بلة اقتصاديًا

وكأن لبنان لا يكفيه ما يعاني من أزمات متعددة ابرزها الأزمة الإقتصادية التي زادت تفاقماً في السنوات الماضية بفعل النزوح السوري الأول ، لتأتي موجة النزوح الجديدة الناجمة عن الأحداث الأمنية التي حصلت في الآونة الأخيرة في مناطق الساحل السوري، لتزيد الطين بلة.
هذا النزوح الذي ما زال محصوراً في منطقة الشمال وتحديداً عكار طرح العديد من التساؤلات حول مدى قدرة لبنان على استيعاب هذا العدد المتزايد من النازحين، وأثره على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في لبنان، الذي يعاني أساساً من أزمات لا تُعد ولا تحصى، في ظل عدم قدرة الدولة اللبنانية في اتخاذ تدابير فعالة لتنظيم عملية النزوح هذه ، ما يزيد من صعوبة التعامل مع الموقف هو عدم الضبط الكافي للحدود التي يتسرب من خلالها أعداد كبيرة من النازحين وغير النازحين القادمين من الناحية السورية.
وبحسب الأرقام غير الدقيقة، فقد تجاوز عدد النازحين السوريين في لبنان مليوني شخص، وهو يعادل عدد اللبنانيين تقريباً في بعض المناطق، واستمرار تدفق اللاجئين قد يزيد من الضغوط على البنية التحتية اللبنانية، من مدارس ومستشفيات وشبكات مياه وكهرباء، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، في ظل تقاعس فاضح من مفوضية اللاجئين التي لا تقوم بدور فعال في إحصاء الداخلين الجدد الى لبنان، ولا تتوافر المساعدات اللازمة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
من هنا فإن الحلول تكمن في تحمل المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، مسؤولياتهما في التعامل مع أزمة النزوح هذه، لأن لبنان، بموارده المحدودة، لا يمكنه تحمل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن هذه الأزمة، وقد يؤدي زيادة أعداد النازحين إلى تغييرات ديموغرافية قد تؤثر على استقرار لبنان على المدى الطويل.
مع التذكير هنا ان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي كان قد دفع ملف العودة قدماً من خلال زيارته إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري، حيث تم الاتفاق على التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية لتسهيل عودة النازحين السوريين. ولكن الى الآن لم يطرأ أي تقدم ملموس في هذا المجال، ويبقى الوضع كما هو عليه دون حلول.