افتتاحية اليوم: مصادرة “الكبتاغون” وعودة الثقة بلبنان

تحوّل لبنان في السنوات الأخيرة إلى محور اهتمام دولي بسبب تزايد عمليات تهريب المخدرات، وعلى رأسها حبوب الكبتاغون التي باتت تُشكّل تهديدًا حقيقيًا لصورة لبنان وعلاقاته مع الدول الخليجية والمجتمع الدولي.
غير أن التحركات الأمنية الأخيرة، لا سيما العمليات التي قامت بها القوى الأمنية اللبنانية بمصادرة كميات ضخمة من الكبتاغون، شكّلت خطوة بالغة الأهمية في استعادة الثقة بالدولة اللبنانية. ففي أكثر من مناسبة، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن إحباط محاولات تهريب تُقدَّر بملايين الحبوب، كان بعضها موجَّهًا إلى دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية.
هذا التحوّل الإيجابي لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة ضغوط سياسية واقتصادية دفعت الدولة اللبنانية إلى تكثيف جهودها الأمنية والتعاون الوثيق مع الأجهزة الدولية لمكافحة تهريب المخدرات، توازيًا مع عملية الإصلاحات التي بدأتها على أكثر من صعيد. كما أن عودة التنسيق مع الدول العربية، ورفع بعض القيود المفروضة على الاستيراد اللبناني، يعكسان أن هذه الإجراءات بدأت تؤتي ثمارها.
وتُعدّ مكافحة الكبتاغون اليوم اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية الدولة اللبنانية في فرض سيادتها وتعزيز حكم القانون، ونجاحها في هذا الملف ليس فقط استجابة لمتطلبات الخارج، بل أيضًا حماية لمجتمعها الداخلي من آفة بدأت تتسلل إلى الشباب اللبناني، لا سيما في بعض المدارس والجامعات والمقاهي.
ولا بد من الإشارة إلى أن مصادرة الكبتاغون لا تُمثّل مجرد إنجاز أمني، بل مؤشرًا واضحًا إلى أن لبنان قادر، إذا ما توفرت الإرادة السياسية، على استعادة ثقة العالم به، وإعادة ترسيخ مكانته كدولة تحترم القانون.