أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: لا مساعدات مجانية

في بادرة سياسية تحمل رسائل دعم دولية واضحة لرئاسة الجمهورية، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره اللبناني العماد جوزاف عون، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما منذ ثلاثة أيام، استعداد فرنسا لتنظيم مؤتمرين دوليين لمساعدة لبنان، أحدهما إنساني اقتصادي، والآخر مخصص لدعم المؤسسة العسكرية.

وتأتي الخطوة الفرنسية، في لحظة مفصلية يعيشها لبنان، بين أزماته الداخلية المتراكمة وتوتراته الإقليمية المتصاعدة. ويبدو أن باريس قررت استثمار فرصة التغيير الحاصلة في الدولة لدفع عجلة الدعم الدولي، شرط أن يقترن ذلك بمزيد من الإصلاحات الجدية التي تقودها الحكومة.

المبادرة الفرنسية تنطلق من إدراك عميق لحجم الانهيار في لبنان، لكنها في الوقت نفسه تأتي ضمن مقاربة واقعية تعترف بأن الدعم لا يمكن أن يكون شيكًا على بياض. ولذلك، تؤكد مصادر سياسية أن المؤتمرين المرتقبين سيرتبطان بخارطة طريق واضحة للإصلاح، وبمشاركة فعّالة من الدول المانحة، ومؤسسات التمويل الدولية.

المؤتمر الأول، بحسب المعلومات المتداولة، سيركّز على إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية الطارئة، ودعم القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والطاقة، بينما سيُخصَّص الثاني لدعم المؤسسة العسكرية، بما يضمن استمرار قدرتها على الحفاظ على الأمن والاستقرار، خاصة في ظل التحديات الأمنية في العديد من المناطق.

وتأتي المحادثة بين الرئيس عون والرئيس ماكرون، كترجمة مباشرة لتمتين العلاقات بين البلدين، خصوصًا أن فرنسا كانت دائمًا لاعبًا أساسيًا في المشهد اللبناني، سواء في لحظات الانفراج أو الأزمات.

من هنا، لا تُخفي باريس أن أولوياتها في لبنان هي الحفاظ على الأمن والاستقرار، ومنع الانهيار الاجتماعي الكامل. لذلك، لا عجب أن يكون الدعم موجّهًا بشكل مزدوج: للمؤسسة العسكرية التي تُشكّل عماد الأمن، وللقطاعات الحيوية التي تمسّ حياة المواطنين اليومية. وقد يُشكّل المؤتمر الخاص بالجيش رسالة سياسية مزدوجة: تأكيد ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسة العسكرية، وتشجيع العهد الجديد على البناء على إرث الانضباط والمهنية التي ميّزت قيادة الرئيس عون للجيش، قبل وصوله إلى الرئاسة.

إنّ استعداد فرنسا لعقد مؤتمرين دوليين للبنان هو أكثر من مجرد دعم تقني أو مالي. إنه اختبار للعهد الحالي، ورسالة دعم مشروطة إلى اللبنانيين: هناك من لا يزال مستعدًا للمساعدة، لكن لا مساعدات مجانية بعد اليوم.


أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى