أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: رسالة دعم واختبار

يشهد لبنان خلال الأيام المقبلة زيارةً لوفدٍ سعوديّ رفيع المستوى يحمل طابعاً اقتصادياً ـ أمنياً، في خطوة تعكس تقدّماً ملموساً في مسار إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين وفتح آفاق تعاونٍ أوسع، خصوصاً في ملفّ عودة الصادرات اللبنانية إلى الأسواق السعودية.هذه الزيارة تكتسب زخماً سياسياً واقتصادياً لافتاً، كونها تأتي في لحظة يحتاج فيها لبنان إلى توسيع منافذه التجارية واستعادة علاقاته التقليدية مع محيطه العربي، بينما تواصل المملكة اعتماد مقارباتٍ عملية لدعم الاستقرار في المنطقة عبر دعم المؤسسات الرسمية وتثبيت معايير التبادل التجاري الآمن.وبحسب المعلومات، هناك اهتمامٌ سعوديّ حقيقيّ بدراسة الآليات الكفيلة بإعادة تدفّق المنتجات اللبنانية، ولا سيما الزراعية والصناعية، إلى السوق السعودية ضمن إطارٍ يضمن الجودة والرقابة، خصوصاً وأنّ المملكة أبدت ارتياحها للإجراءات الأمنية والرقابية التي اتخذتها الأجهزة اللبنانية في الأشهر الأخيرة، معتبرةً أنّ هذه الخطوات تعكس جدّية الدولة في معالجة الثغرات التي أدّت سابقاً إلى تعليق بعض الصادرات، ولا سيما موضوع تهريب المخدرات.

في المقابل، عبّر الرئيس نواف سلام عن تقدير لبنان للموقف السعودي، مشدّداً على أنّ المملكة كانت ولا تزال سنداً أساسياً للبنان في محطاتٍ مفصلية، وأنّ الانفتاح الحالي يشكل فرصةً لإحياء الشراكة الاقتصادية وإعادة الثقة بالسوق اللبنانية. كما أكّد سلام أنّ لبنان ملتزم بمتابعة تطوير البنية الرقابية وتأمين أعلى مستويات السلامة في مسار التصدير بما يتوافق مع المعايير الدولية ومع متطلبات السوق الخليجية.

لا شكّ أنّ هذه الزيارة ستفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاطي بين بيروت والرياض، قوامها التعاون الواقعي بعيداً عن الضجيج السياسي. فإعادة الصادرات ليست مجرد مسألة اقتصادية فحسب، بل مؤشرٌ على عودة الثقة بين دولتين تربطهما علاقات تاريخية عميقة. وإذا أحسن لبنان استثمار هذا المناخ الإيجابي، فقد يشهد اقتصاده دفعاً ملموساً عبر انتعاش قطاعاته الإنتاجية وفتح أبواب رزقٍ جديدة للآلاف من العاملين فيها.

إنّ الزيارة المرتقبة للوفد السعودي هي بمثابة رسالة دعمٍ ورسالة اختبارٍ في آنٍ واحد: دعمٌ لإرادة الدولة اللبنانية في إصلاح مؤسساتها، واختبارٌ لقدرتها على الاستمرار في تنفيذ الإجراءات التي تعيد وضع لبنان في موقعه الطبيعي ضمن محيطه العربي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى