افتتاحية اليوم: رسائل دعم مشروطة

يشهد لبنان هذا الأسبوع حراكًا دبلوماسيًّا لافتًا مع وصول موفدين دوليين، في مقدمتهم الوفد الأميركي الذي يضمّ الموفد الخاص توم براك، ونائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى مورغان أورتاغوس، في زيارة تهدف إلى تثبيت الاستقرار ومتابعة تطورات الجنوب، إضافة إلى الدفع باتجاه تنفيذ الاستحقاقات العالقة.
وتكتسب حركة الموفدين هذه دلالاتٍ استثنائية، نظرًا إلى ما ستحمله الأيام الفاصلة عن نهاية آب الحالي من استحقاقات داخلية وخارجية، من شأنها رسم الخط البياني لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المتخذ في 5 آب بخصوص حصرية السلاح في يد الدولة، وفي الوقت نفسه تعكس صورة التشابك القوي بين الأوضاع الداخلية المعقّدة والحساسة، بل والخطيرة في بعض جوانبها، والاهتمامات الدولية والإقليمية بهذه الاستحقاقات اللبنانية ذات الصلة بالأمن الإقليمي برمّته.
بالطبع، الوفد الأميركي سيعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، تتناول مجمل التطورات السياسية والأمنية، مع تركيز على مسألتين أساسيتين: أوّلًا، تعزيز التعاون بين الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل”، وثانيًا، ضرورة بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها عبر حصر السلاح بيد المؤسسات الشرعية. وسيؤكد الوفد الأميركي خلال لقاءاته أن بلاده لا تزال ملتزمة بدعم لبنان ومؤسساته الأمنية، وفي مقدّمها الجيش، لكنها ستربط استمرار هذا الدعم بخطوات سياسية وإصلاحية واضحة، أبرزها: حصرية السلاح، تفعيل المؤسسات، والالتزام الجدي بالإصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي.
لكن، في المقابل، سيبلغ الجانب اللبناني الوفد الأميركي حرصه على الاستقرار الداخلي، ورفضه لأي ضغوط خارجية تمسّ بالسيادة الوطنية، وهو سيؤكد أن الحلول للأزمة الراهنة يجب أن تقوم على الحوار والتوافق الداخلي.
نخلص لنقول إنّ زيارة براك وأورتاغوس تأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث تزداد المخاوف من انفلات الأوضاع العسكرية مجددًا، وإنما هذه المرة بصورة أكثر حدّة ممّا سبق، في حال لم يسلك ملف حصرية السلاح طريق الحوار والتفاهم الداخلي.




