افتتاحية اليوم: العين على اجتماع واشنطن

يحبس لبنان أنفاسه على إيقاع ما قد يحمله اجتماع واشنطن المرتقب بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، نهاية هذا الشهر باعتباره محطة مفصلية قد تعيد رسم هوامش الحركة السياسية والعسكرية بين لبنان وإسرائيل.
فوسط تعقّد الوقائع الميدانية وتداخل الحسابات الإقليمية، يبرز هذا اللقاء كعنصر ضغط محتمل على مسار لجنة «الميكانيزم» التي تتولى متابعة تنفيذ القرار 1701، وسط شكوك واسعة بقدرتها على تحقيق اختراق حقيقي من دون غطاء سياسي أميركي مباشر.
في هذا السياق، برز طرح يدعو إلى مقاربة مختلفة، قوامها استخدام النفوذ الأميركي للضغط على إسرائيل من أجل الانسحاب من النقاط المتنازع عليها وإطلاق سراح الأسرى، بما يوفّر مناخاً أكثر ملاءمة لانتشار الجيش اللبناني وتعزيز حضوره جنوب الليطاني.
هذه المقاربة تنطلق من قناعة بأن أي حديث عن تطبيق القرار 1701 يبقى منقوصاً ما دامت إسرائيل تحتفظ بأوراق ميدانية وأمنية تستخدمها لتعطيل التنفيذ أو تفريغه من مضمونه.
غير أن الرهان على واشنطن لا يخلو من مخاطر. فالتجربة أثبتت أن الضغوط الأميركية غالباً ما تُدار وفق أولويات إسرائيل الأمنية، لا وفق متطلبات الاستقرار اللبناني، كما أن إدخال ملف الجنوب في بازار التفاهمات الأميركية – الإسرائيلية قد يحوّله إلى ورقة مساومة أوسع، تتجاوز حدود القرار 1701 لتلامس ملفات إقليمية أشد تعقيداً، من غزة إلى إيران.
في المقابل، يرى أصحاب هذا الطرح أن غياب أي ضغط خارجي فعّال يعني بقاء الوضع على حاله: خروقات يومية، انتشار دولي محدود الفاعلية، وجيش لبناني مقيّد بإمكانات سياسية وميدانية لا تسمح له بفرض وقائع جديدة. وعليه، فإن انتزاع التزام إسرائيلي، ولو جزئياً، قد يشكّل مدخلاً لكسر حلقة الجمود.
وبين التفاؤل الحذر والتشكيك الواقعي، يبقى اجتماع واشنطن اختباراً لنوايا الإدارة الأميركية الجديدة وحدود استعدادها للانتقال من إدارة الأزمة إلى محاولة حلّها. أما لبنان، فيجد نفسه مرة أخرى في موقع المنتظر، مترقباً نتائج تفاهمات تُصاغ خارج حدوده، فيما يظل تنفيذ القرار 1701 رهناً بتوازنات أكبر من نصّه، وأثقل من قدرة الآليات القائمة على فرضه.




