أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: العفو العام بين الضرورة والتحديات القانونية

يُعد موضوع العفو العام في لبنان من أكثر القضايا الجدلية التي تطفو إلى السطح في الأوقات الحساسة، لا سيما في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد. فالعفو العام، بوصفه إجراءً استثنائيًا تصدره السلطة التشريعية، يهدف إلى طي صفحة من صفحات الماضي من خلال إسقاط العقوبات عن فئة من المحكومين أو المطلوبين، إلا أن تطبيقه يثير دائمًا نقاشًا حادًا بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني، مما يحول دون التوصل الى المصادقة عليه، كما حصل أمس حيث كان مدرجا على جدول اعمال الجلسة إقتراح معجل مكرر يرمي الى منح العفو العام وتخفيض مدة بعض العقوبات بشكل استثنائي، غير ان هذا الاقتراح سقط عند طرحه على التصويت بصفة العجلة، مما أعاده الى أدراج المجلس الى وقت غير محدد.
وترتبط الدعوات إلى إصدار عفو عام في لبنان بعدة عوامل، منها: الازدحام في السجون حيث يعاني النظام السجني اللبناني من اكتظاظ كبير، وهو ما يضع ضغوطًا على الدولة ويؤثر سلبًا على ظروف السجناء، ويقال انه ما زال هناك العديد من المطلوبين بجرائم تعود لفترة الحرب الأهلية 1975-1990 دون محاكمة أو تسوية قانونية.
ورغم بعض المبررات الإنسانية والسياسية، يواجه العفو العام معارضة شديدة من جهات حقوقية وقانونية، لأسباب عدة، منها: تهديد مبدأ العدالة، إذ يُنظر إلى العفو العام على أنه تمييع للمحاسبة وتفلت من العقاب، وغالبًا ما يُستخدم العفو العام كأداة سياسية لترسيخ نفوذ بعض القوى أو إرضاء جماعات معينة.
ومن أبرز المخاوف التي تؤدي الى عدم اقرار هذا الموضوع هي شمول العفو لمتورطين في قضايا إرهاب، اتجار بالمخدرات، أو جرائم قتل.
وقد شهد مجلس النواب عدة محاولات لإقرار قانون عفو عام، خاصة بعد عام 2019، إلا أن الخلافات الطائفية والسياسية حالت دون التوصل إلى صيغة توافقية، وقد تراوحت الاقتراحات بين شمول العفو لقضايا المخدرات، الجنح البسيطة، والموقوفين الإسلاميين، بينما استثنت الجرائم الكبرى والجرائم المالية.
ان كل المعطيات تؤكد أن العفو العام يحتاج الى بيئة سياسية ملائمة، اذ انه طالما الانقسام السياسي موجود فمن الصعب التوافق على هذا الأمر، اللهم الا إذا تقاطعت المصالح التي عادة ما تحدث المعجزات.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى