أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: السباق الانتخابي المبكر

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية العام المقبل، بدأت بعض الأحزاب السياسية، ومن أبرزها حركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي، والقوات اللبنانية، بتحريك ماكيناتها الانتخابية بوتيرة متصاعدة، وكأن الاستحقاق بات أمراً محسوماً لا رجعة عنه.
هذا الحراك المبكر لا يقتصر على التحضيرات التقنية فحسب، بل يتجاوزها إلى إعادة تموضع سياسي وتنظيمي، يعكس إدراك القوى المختلفة لحساسية المرحلة المقبلة ودقتها.

ففي الكواليس، تُعاد هيكلة الماكينات الانتخابية، ويُستأنف التواصل مع القواعد الشعبية، وتُحدَّث لوائح الناخبين، فيما تنشط اللقاءات المناطقية والاجتماعات الحزبية المغلقة لرسم خريطة التحالفات المحتملة.

بعض الأحزاب يركّز على شدّ العصب الداخلي واستنهاض جمهوره التقليدي، بينما تسعى أخرى إلى توسيع هامشها عبر خطاب أكثر مرونة، يراعي التحولات التي فرضتها السنوات الأخيرة على أكثر من صعيد.

واللافت أن هذا الاستنفار يجري في ظل مشهد سياسي ضبابي، حيث لا تزال الأزمات المتراكمة تلقي بثقلها على الحياة العامة، من الاقتصاد إلى المؤسسات، مروراً بحالة الإحباط الشعبي. ومع ذلك، تتعامل القوى السياسية مع الانتخابات بوصفها محطة مفصلية لإعادة تثبيت الأحجام، أو لتصحيح الخسائر، أو حتى لتحقيق اختراقات جديدة في بنية المجلس النيابي المقبل.

وفي هذا السياق، يبرز عامل الوقت كعنصر حاسم، فالأحزاب التي بدأت مبكراً تأمل في حصد ثمار الجهوزية، سواء عبر ضبط الإيقاع التنظيمي أو عبر استباق الخصوم بخطاب مدروس وحضور ميداني دائم. في المقابل، تبدو بعض القوى مترددة أو أقل حماسة، إما بانتظار اتضاح الصورة السياسية العامة، أو بسبب حسابات داخلية لم تُحسم بعد، أو لقناعة لديها بأنه سيُصار إلى تأجيل هذه الانتخابات.

الرهان الأساسي يبقى على مزاج الناخبين، الذي يبدو متقلباً ومتأثراً بالظروف المعيشية القاسية. من هنا، تحاول الأحزاب الموازنة بين الخطاب السياسي التقليدي وبين التركيز على القضايا اليومية، إدراكاً منها أن صناديق الاقتراع قد تعكس هذه المرة مستوى عالياً من المحاسبة.

وهكذا، يدخل لبنان عملياً في مرحلة ما قبل الانتخابات، حيث تتقدم الحسابات الانتخابية على ما عداها، ويصبح كل تحرك سياسي جزءاً من معركة طويلة النفس، عنوانها: الاستعداد المبكر لمعركة يُفترض أنها حاصلة لا محالة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى