افتتاحية اليوم: الحرب ممكنة أم تهويل؟

مرت سنة على واحدة من أعنف مراحل التصعيد العسكري التي شهدها لبنان في تاريخه الحديث. فهي لم تكن مجرد مواجهات حدودية أو رسائل نارية متبادلة، بل لحظة انكشاف كامل لاحتمال اندلاع حرب شاملة، مع ما رافقها من دمار، نزوح جماعي، وشلل شبه كامل في مفاصل الدولة.
اليوم، وبينما تُستعاد مشاهد الأيام التي وصفت بأنها “مفصلية”، يبرز سؤال لا يزال مطروحًا بقوة: هل ما حدث كان حرباً استثنائية أم مقدّمة لموجة قادمة؟ وهل العودة إلى سيناريو الحرب لا تزال واردة، أم أن الظروف تغيرت بما يكفي لتحييد هذا المسار؟
ان التجربة التي عاشها لبنان قبل عام أثبتت أن الأرضية اللازمة لنشوب حرب واسعة لم تختفِ، بل على العكس، ازدادت هشاشة الواقع الداخلي، في مقابل استمرار قابلية التفجير من بوابة الميدان. ففي الحسابات الاستراتيجية، لا يعود اندلاع الحروب بالضرورة إلى وجود رغبة مباشرة، بل إلى تفاعل متسارع لسلسلة من الأخطاء أو التصعيد غير المضبوط، وهو ما يجعل احتمال المواجهة في أي لحظة قائمًا، حتى وإن لم يكن هناك قرار مسبق بخوضها.
كما ان التصعيد المؤقت لا يعني بالضرورة حربًا، فما حدث في مثل هذا التوقيت من العام الماضي أظهر كيف يمكن أن تنزلق الوقائع إلى تصعيد واسع النطاق دون أن يتطور إلى حرب شاملة. هذه المفارقة تعني أن هناك ضوابط ضمنية أو غير مباشرة تُبقي التصعيد ضمن حدود معينة، وهذه “الضوابط” لا تعني الاستقرار، لكنها تُمثل نوعًا من التفاهم الضمني على أن الحرب الشاملة مكلفة وغير مربحة لأي طرف. ورغم أن هذه الضوابط ليست مكتوبة، إلا أنها تبدو فاعلة في كثير من اللحظات الحرجة. من هنا، فإن التلويح بالحرب قد يكون أداة ضغط، أو محاولة لتحقيق مكاسب سياسية أو نفسية، وليس بالضرورة مقدّمة فعلية لمعارك ميدانية مفتوحة.
نخلص لنقول: في الوقت الراهن، لا يبدو أن هذا المسار قد وصل إلى النقطة الحرجة التي تفصل بين التصعيد والانفجار الشامل، فصحيح ان الاحتمال قائم… لكن الحرب ليست وشيكة، والحديث عن عودة الحرب إلى لبنان ليس مبالغًا فيه بالكامل، لكنه أيضًا ليس حتميًا كما يُروج له أحيانًا.