أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: “الحرب الباردة”

يعيش لبنان ما يشبه “الحرب المؤجلة”، الانفجار الداخلي ليس حتميًا، لكنه أيضًا ليس مستبعدًا. غياب الحلول السياسية، وتعمق الانهيار الاقتصادي، وانتشار السلاح، وتآكل مؤسسات الدولة، كلها مؤشرات تنذر بالخطر.
لكن الرهان على تعب اللبنانيين من الحروب قد لا يكون كافيًا هذه المرة، فاليأس الشديد قد يولّد العنف، خاصة حين يشعر كل طرف في لبنان أنه مهدد في وجوده.
وحيال ذلك فالمرحلة المقبلة تتطلب جهدًا داخليًا كبيرًا لإعادة بناء الدولة، إلى جانب دعم دولي غير مشروط بالإملاءات، وإلا فإن لبنان، الذي لطالما وصف بـ”وطن الرسالة”، قد يتحول إلى ساحة مفتوحة لصراعات الآخرين من جديد.
فرغم غياب المواجهات المسلحة الواسعة، إلا أن البلاد تشهد حالة من “الحرب الباردة” الداخلية، تتجلى في التراشق السياسي، والتوترات في الشارع، وطالما أن لبنان بلدٌ قائم على التوازنات الطائفية الدقيقة، فأي اختلال في هذه المعادلة قد يشعل فتيل النزاع، لأن استمرار تصاعد الخطاب الطائفي بين الفرقاء، يجعل الأرضية خصبة لانفجار داخلي، خاصة إذا ترافقت مع تطورات إقليمية في اكثر من مكان.
وبمعزل عن كل ذلك، هناك عناصر رادعة تحول دون اندلاع حرب أهلية في لبنان على غرار ما حصل في 1975 ومنها، التجربة الأليمة للحرب السابقة، والتي لا تزال محفورة في ذاكرة اللبنانيين، تشابك مصالح القوى السياسية مع الاقتصاد، حيث أن الفوضى الشاملة ستقوّض امتيازات معظم الأطراف. واخيرا الرقابة الإقليمية والدولية، التي لا تزال تسعى وإن بشكل غير فعّال إلى إبقاء الوضع تحت السيطرة، اضافة الى ان “حزب الله” ما زال رغم كل ما حصل في حرب الـ66 يوما لاعب مهم على الأرض، ما يجعل القوى الأخرى تفتقر إلى توازن يُمكّنها خوض مواجهة، اللهم الا اذا كانت مدعومة من قوى خارجية بشكل مباشر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى