افتتاحية اليوم: الأملاك البحرية ثروة ضائعة في زواريب السياسة

لا يختلف إثنان في لبنان على انه في حال تمت معالجة مخالفات الأملاك البحرية في لبنان فإن ذلك سُيدخل ملايين الدولارات الى الخزينة، لكن هذا الأمر من الصعب تحقيقه ما لم تتوافر إرادة سياسية قوية وتعاوناً بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الوزارات المعنية، البلديات، لتنفيذ القوانين التي صدرت حول هذا الأمر من قبل المجلس النيابي، الذي ناقش هذا الملف من كون أن الأملاك البحرية العامة في لبنان تعتبر من أبرز الأصول العقارية الطبيعية التي تمتلكها الدولة، وتمتد على كامل الشاطئ اللبناني بطول 220 كلم. إلا أن هذه الأملاك تعرّضت خلال العقود الماضية لا سيما في فترة الحرب لتعديات جسيمة من قبل شركات خاصة وأفراد محظيين بغطاء سياسي ومن نافذين، وهو ما أدى إلى حرمان الدولة من إيرادات ضخمة.
ووفق تقارير رسمية وغير رسمية فإن ما يزيد عن 1100 تعدٍ على الأملاك البحرية قائم حالياً، معظمها دون ترخيص قانوني. وتشمل هذه التعديات مطاعم، منتجعات سياحية، نوادٍ خاصة، وأبنية سكنية فاخرة، من قبل المشغّلين لا يدفعون أي بدل إشغال للخزينة، ما يعني أن هناك ثروة عامة تُستغل وتنهب لصالح قلة من النافذين الذين في حال فرضت الدولة الرسوم عليهم فإنها يمكن أن تجني سنوياً ما لا يقل عن 18 مليون دولار، أما في حال إعادة تقييم بدلات الإشغال لتتناسب مع القيمة السوقية الحقيقية للعقارات البحرية، فقد تتجاوز العائدات السنوية 100 مليون دولار.
لكن ورغم وجود القانون رقم 64 الصادر عام 2017، الذي نظّم تسوية أوضاع التعديات البحرية وفرض رسوم وغرامات، فإن تنفيذه ما زال متعثراً بسبب ضغوط سياسية وتضارب في الصلاحيات بين الوزارات. كما أن ضعف الرقابة وعدم تحديث جداول التخمين العقاري يحد من فاعلية تحصيل البدلات.
نختم لنقول ان الأملاك البحرية تشكل مصدرا مالياً ضخماً يمكن أن يسهم في تقليص العجز المالي المزمن في لبنان، غير أن تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية واضحة، وتفعيل الرقابة، وتحرير هذه الأملاك من نفوذ أصحاب المصالح الخاصة، وما فُقد خلال عقود يمكن استرجاعه، إن صفت النوايا وتوفّرت الشفافية، فهل هذا يتحقق في العهد الجديد فلننتظر لنرى.؟