أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: إعتذار… واختبار

أثار اعتذار وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي عن زيارة طهران بناء لدعوة نظيره الايراني عباس عرقجي سلسلة من التساؤلات حول مستقبل العلاقات اللبنانية–الإيرانية في مرحلة إقليمية شديدة الحساسية. فالخطوة، رغم بساطتها الشكلية، حملت أبعاداً سياسية ودبلوماسية تتجاوز إطار البروتوكول، لتتحول إلى مؤشر على مسار أكثر تعقيداً بين البلدين.
الزيارة في حال تلبيتها كانت فرصة لإعادة ضبط التواصل الرسمي بين بيروت وطهران، خصوصاً في ظل توازنات دقيقة يعيشها لبنان داخلياً، وتقاطعات إقليمية متشابكة تحكم موقعه السياسي. ولذلك جاء الاعتذار ليخلق فراغاً في اللحظة التي تتطلب وضوحاً في الخيارات اللبنانية إزاء ملفات استراتيجية تتراوح بين الأمن والتجارة.
من الجانب اللبناني، قد يُقرأ الاعتذار كرسالة مزدوجة: حرص رسمي على عدم الانخراط في أي محور سياسي بشكل يفاقم الانقسامات الداخلية، وسعي إلى إعادة ترتيب الأولويات بما يتناسب مع الضغوط الدولية التي تحيط بالبلاد. أما من المنظور الإيراني، فالخطوة قد تبدو محاولة لبنانية للموازنة بين علاقاتها مع طهران وبين علاقتها مع الدول العربية والغربية ولا سيما الأميركية، دون الإخلال بخطوط التواصل التقليدية القائمة.
لكن رغم الحساسية الظاهرة، من غير المتوقع أن يؤسس هذا التطور لقطيعة بين البلدين. فالعلاقة الممتدة بين بيروت وطهران تتجاوز الزيارات البروتوكولية، وتستند إلى شبكة مصالح ومعادلات سياسية يصعب تفكيكها بسهولة. ومع ذلك، فإن الاعتذار ألقى الضوء على الحاجة إلى إعادة تعريف شكل العلاقة الرسمية بين البلدين، على نحو يراعي تعقيدات المشهد اللبناني ويستجيب في الوقت نفسه للتحولات الإقليمية.
قد لا يشكل اعتذار الوزير رجي حدثاً مفصلياً بحد ذاته، لكنه يعكس مناخاً سياسياً مضطرباً، ويضع العلاقات اللبنانية–الإيرانية أمام اختبار جديد في مرحلة مفتوحة على احتمالات متعددة.
ويبقى السؤال: هل تكون هذه الخطوة فاصلاً مؤقتاً، أم بداية لإعادة رسم حدود الدور الإيراني في لبنان عبر قنوات أكثر هدوءاً .؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى