افتتاحية اليوم: “أسبوع الحسم”

تدخل الساحة اللبنانية هذا الأسبوع مرحلة دقيقة من التفاوض السياسي والأمني، مع عودة المبعوث الأميركي الخاص، توم براك، إلى بيروت، آتيًا من تل أبيب، حاملاً ما وُصف بـ”الردّ الإسرائيلي الرسمي” على الورقة الأميركية التي وافق عليها لبنان، والتي تتناول بند نزع سلاح حزب الله، مقابل انسحاب إسرائيلي وضمانات دولية لإعادة الإعمار.
توم براك، الذي اختتم زيارة لعدّة أيام لإسرائيل، التقى مسؤولين أمنيين وسياسيين إسرائيليين، ناقش معهم الوضع اللبناني، قبل أن يعود إلى بيروت مع بداية هذا الأسبوع، حيث يبدأ جولة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة وقادة الأجهزة الأمنية، في محاولة لدفع الملف نحو التنفيذ.
من المعلوم أنّ لبنان كان قد قدّم، في تموز الماضي، ردَّه الرسمي على الورقة الأميركية التي تتضمّن خارطة طريق لنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام، ضمن خطة من أربع مراحل تبدأ بوقف العمليات العسكرية، مرورًا بانسحاب إسرائيلي من النقاط المحتلّة، ووصولاً إلى مؤتمر دولي لدعم إعادة إعمار لبنان.
وقد اشترطت الحكومة انسحابًا إسرائيليًّا كاملًا، وضمان وقف الاعتداءات الجوية، مع التأكيد على أن أي خطوة تنفيذية ستتم ضمن توافق وطني وتحت إشراف الجيش اللبناني، الذي كُلّف بإعداد خطة شاملة لحصر السلاح بيد الدولة بحلول 31 آب الجاري.
ووفق مصادر وزارية، فإن براك قد يطلب، في زيارته الحالية، البدء العملي في تطبيق التزامات الدولة اللبنانية، مقابل تعهّد أميركي بنقل مطالب بيروت إلى مجلس الأمن، والتوسط لدى إسرائيل لسحب قواتها من المواقع الجنوبية التي احتلّتها مؤخرًا، كإجراء أوّلي لبناء الثقة.
في المقابل، نقلت تقارير إعلامية إسرائيلية عن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن حكومة تل أبيب أعطت “موافقة مبدئية” على الانخراط في خطة التهدئة، لكنها اشترطت بدء خطوات لبنانية واضحة في مسألة نزع السلاح، بما يشمل حصر القرار الأمني بيد الدولة، وتعزيز انتشار الجيش جنوب نهر الليطاني.
وبحسب المصادر الوزارية، فإن واشنطن أبلغت الجانبين أن “الفرصة قد لا تتكرّر”، وأن المجتمع الدولي مستعد لتقديم دعم اقتصادي ومالي للبنان، شرط إظهار التزام فعلي ببنود الورقة الأميركية، التي تسعى إلى إنهاء حالة المواجهة غير المباشرة بين إسرائيل وحزب الله.
فيما تسير الحكومة نحو الانخراط التدريجي في تنفيذ الورقة، تتصاعد في المقابل لهجة حزب الله الرافض لأي بحث في سلاحه خارج إطار “مواجهة الاحتلال”، حيث حذّر مسؤولون في الحزب من أن “أي محاولة لنزع سلاح المقاومة بالقوة أو تحت ضغط خارجي ستؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاستقرار الداخلي”.
حيال ما تقدّم، فإن الساعات المقبلة ستكون حاسمة، في ظلّ انتظار لبنان لمعرفة مدى جدّية إسرائيل في الالتزام بخطة الانسحاب ووقف التصعيد، مقابل ضغوط داخلية لبنانية تنادي بضرورة تثبيت وحدة القرار، وتفادي الانقسام الداخلي.