افتتاحيات الصحف الصادرة صباح اليوم
الاخبار
ميقاتي يفوّض سلامة حماية حقوق المودعين!
«كابيتال كونترول» يهبط بالـ«باراشوت» على اللجان المشتركة
في الأيام القليلة الماضية، جرى التداول بصيغة جديدة لاقتراح قانون يهدف إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة، من دون أن يحمل أي توقيع. لكن جهات متقاطعة لفتت إلى أن البصمات الأساسية فيه تعود إلى نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، فيما أكدّت مصادر قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «القانون هو نتاج المفاوضات مع صندوق النقد وبالتوافق معه على تفاصيله، وبناء على توصية من الصندوق بالتركيز على مسألتين: ضبط الإنفاق لناحية خفض الاستيراد والاستهلاك، وإبقاء هامش من المرونة في القانون يسمح بإدخال تعديلات عليه وبالتعامل مع حالات وصفها الصندوق بالخاصة». يومها سُجلّت الملاحظات خلال الاجتماعات باللغة الإنكليزية، بحسب المصادر، إلا أن «ترجمة النص إلى العربية حوّرت بعض النقاط وأفضت إلى مغالطات أبرزها تلك المتعلقة بالصادرات، لذا عمل الشامي بالتعاون مع فريق من مستشاري ميقاتي في اليومين الماضيين على إعداد مسودة معدلة سيجري توزيعها على النواب قبيل جلسة اللجان المشتركة اليوم».
وتتركز التعديلات على المادة السابعة المتعلقة بإعادة الأموال المتأتية عن الصادرات، خصوصاً الشق الذي يتحدث عن عدم اعتبار عائدات التصدير أموالاً جديدة (أو بمعنى آخر «فريش») على أن يعود «للجنة» المعنية بتطبيق القانون تقرير آلية استخدام العملات الأجنبية الناتجة من عائدات التصدير. فالاقتراح بشكله المتداول، سيؤدي إلى وقف الصناعيين عن العمل، وإقفال باب الاستيراد نهائياً أو أقله ربطه برأي اللجنة وبما تراه مناسباً، وسيقضي على أي أمل بمحاولة تصحيح الخلل في الميزان التجاري. وثمة من يقول، في المقابل، إن ثمة حاجة لضبط حركة أموال التجار الذين «هربوا» الدولارات عبر إبقائها في الخارج وأن القانون المترجم بطريقة خاطئة يهدف إلى ضبط هذه الدولارات ومنع إخراجها وتحديد وجهة استخدامها في شراء المواد المحددة بإشراف من اللجنة.
هنا يفترض الإشارة إلى أن الاقتراح، المكتوب بلغة ركيكة وعلى عجل، يركز في بدايته على تحديد أهداف القانون وتعريفات المصطلحات الواردة فيه من دون أن يذكر من هي اللجنة، بل استمر في ذكرها بين مزدوجين إلى أن أوضح هوية أعضائها ومهامها في المادة الثامنة! ووفق القانون، اللجنة التي ستنشأ مؤلفة من «وزير المالية، وزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير». وتحوز اللجنة صلاحيات استثنائية وتشريعية ملزمة ونهائية تماماً كتلك التي طلبها وزير المال يوسف خليل في قانون الموازنة، أي لتفرض سطوتها وقرارها على حركة «نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري وبعمليات القطع وتحديد سقوف للحسابات النقدية وبإعادة الأموال المتأتية عن عائدات الصادرات وغيرها من التدابير الخاصة المتعلقة بسعر صرف العملات الأجنبية، ويتم نشر القرارات التي تعدها من خلال تعاميم تصدر عن مصرف لبنان».
المشروع يمنح اللجنة المعنيّة بتطبيقه صلاحيّات استنسابية واسعة من دون تحديد واضح لمهامها
منتقدو المشروع يرون أن اللجنة التي تضم الأشخاص والجهات نفسها التي أوصلت البلاد إلى الانهيار، وكانت سبب تبديد الودائع وإجراء هيركات عليها، وأبرزهم رياض سلامة، هي من ستفوّض بإدارة الحل المرتقب للأزمة عبر فرض «كابيتال كونترول». لكن هناك وجهة نظر ثانية، تشير إلى أن الطروحات المتعلقة بتطبيق القانون، تتمحور حول ثلاثة خيارات: أن يطبقها مصرف لبنان، أو أن تطبقها لجنة مشتركة كالمطروحة في هذا المشروع، أو أن تطبق من قبل جهة ثالثة «حيادية»، وهذا دونه عقبات واسعة قانوناً ومنطقاً. لذا، الاقتراح الأفضل أن تكون هناك لجنة من الجهات المعنية، حتى لو كان بعض من يشغلها حالياً مشتبها في أنه يعمل لحساب سلامة أو تحت إمرته أو ضمن أهدافه.
على أي حال، يأتي هذا القانون بعد تهريب مبالغ ضخمة تصل إلى 19 مليار دولار بعلم وموافقة سلامة نفسه. وقد استمرت المصارف بممارسة التهريب حتى الساعة، فيما تحرم المودعين الصغار من دولاراتهم! هنا يحضر تساؤل بارز حول أهمية قانون مماثل؛ فإذا لم يكن هذا القانون جزءاً من خطة تعاف مالي، من سيستفيد منه باستثناء المصارف طالما أنه ينص على «ليلرة» الودائع في المادة السادسة، أي تأكيد بأن الدولارات طارت وتحميل مغبة هذه الخسائر للناس وتحديد سقف سحوباتها في المادة الخامسةبـ 1000 دولار شهرياً؟ ففي غياب أي سعر موحد للدولار، ستتعرض الودائع لمزيد من «الهيركات» عبر ربط سحبها بمنصة صيرفة في حين أن سعر السوق الموازية قد يكمل ارتفاعه بلا سقف. المشكلة الرئيسية، وفقاً للخبراء، ليست في اللجنة ومهامها بل في الأشخاص، «فمن الطبيعي أن يكون مصرف لبنان طرفاً أساسياً في أي قانون يتعلق بالسحوبات المصرفية والنقدية ولكن لأن اسم حاكم المصرف هو رياض سلامة، ولأن رئيس اللجنة هو رئيس الحكومة الراعي الرسمي لسلامة والمصارف وحارس هيكلهم، عندها يصبح الاعتراض مبرراً». الأمر نفسه ينسحب على الموظف لدى الحاكم، وزير المال يوسف خليل. وتشير المعلومات إلى أن فريق رئيس الحكومة والمفاوضين اقترحوا في البداية أن يكون مصرف لبنان ووزارة المالية هما الطرفان المعنيان بتطبيق هذا القانون، إلا أن صندوق النقد اعترض على هذا الطرح فتمّ اقتراح هذه اللجنة. كذلك من ضمن التعديلات التي سيجريها الشامي وفريق ميقاتي على القانون تقصير مدته من 5 سنوات إلى 3 سنوات.
مواقف الكتل: الغالبية ضدّ!
قوبل القانون المتداول به بطريقة غير رسمية برفض غالبية الكتل النيابية التي ستناقشه في اللجان المشتركة اليوم. المسودة «هبطت» فجأة من دون أن يكون لها «أب»، لكن جرى التسويق له من فريق ميقاتي، وبشكل أدق سعادة الشامي، باعتباره قانون «صندوق النقد»، وإزاء ذلك، سجّلت الكتل النيابية المواقف الآتية:
– كتلة الوفاء للمقاومة ستجتمع قبل جلسة اللجان، للبحث في الاقتراح، مؤكدة أنه لا يمكن الموافقة عليه بشكله الحالي.
– التيار الوطني الحر رفض المشروع، وقال النائب إبراهيم كنعان لـ«الأخبار» إن الصيغة المتداولة مرفوضة لأنها تمنح اللجنة صلاحيات استثنائية ولا تحمي حقوق المودعين وتجمّد أموالهم ولا تسمح لهم سوى بسحب ألف دولار شهرياً. ويؤكد كنعان أن الاقتراح لم يصل حسب الأصول وفق مشروع قانون مقدم من الحكومة أو بإمضاء أحد النواب عليه بل «سقط» من حيث لا ندري. وعما إذا كان على علم أنه يحمل موافقة صندوق النقد، أجاب أن التيار ضدّ هذه المسودة ولو كانت تحمل موافقة الصندوق، مشيراً إلى «أنهم» كل ما أرادوا تمرير مشروع يدّعون أنه من صندوق النقد. وقال النائب ألان عون: «إننا بانتظار المسودة الجديدة التي يعملون عليها وسنتخذ موقفاً منها بعد دراستها».
– النائب ياسين جابر، لفت إلى أن الرئيس نبيه بري وحركة أمل مع «الكابيتال كونترول ومع كل ما يحمي أموال المودعين». ويؤكد أن «الاقتراح المعجّل بحاجة إلى تعديل لأنه غير مقبول كما هو»، مشدداً على أن هذا الموقف يعبر عن موقفه الشخصي فقط.
– يعارض الحزب الاشتراكي الصيغة المطروحة. إذ يقول النائب بلال عبدالله لـ«الأخبار» إن «الاشتراكي مع الكابيتال كونترول بالطبع ولكن بالمقترح المتداول نحن ضد كل ما يطاول المودعين وخصوصاً الصغار منهم وضد إلزامهم بالليرة اللبنانية، ونعترض على الصلاحيات الواسعة جداً لهذه اللجنة».
– كتلة تيار المستقبل ستعقد اجتماعاً لاتخاذ الموقف من هذا القانون الذي لم يصلها إلا ليل أمس.
– «الأخبار» حاولت الاتصال بالنائب في حزب القوات اللبنانية جورج عدوان لكنه لم يجب.
اللواء
إرباك نيابي بمواجهة «الكابيتال كونترول».. وسلامة بمواجهة التوقيف!
الراعي يتخوف من تطيير الانتخابات عبر «القضاء المحزن».. وإدانة للإعتداءات على السعودية
قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع بشهرين وثقت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (Lade) عشرات المخالفات المرتكبة من المرشحين حزبين، ومستقلين، خلال الفترة ما بين 1 و15 آذار الذي يقترب من نهايته في غضون أيام قليلة، على اجندتها ملفات بالغة الحساسية من الكابيتال كونترول، بشروط صندوق النقد الدولي، اليوم في جلسة اللجان النيابية، وغداً في الجلسة النيابية، وقبل ذلك اختبار أزمات المحروقات والقمح والدواء، مع بقاء الأنظار مشدودة إلى حديثين قضائيين، يتصدران ما قبل نهاية المشهد: ماذا سيفعل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الخميس المقبل، حيث حدَّدت له جلسة بصفته مدعى عليه بالتهم إياها التي اوقف على أساسها شقيقه رجا سلامة، ولا يزال، وماذا سيفعل القاضي فادي صوان في مسألة الادعاء، على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
واعتبرت مصادر سياسية ان امعان الفريق الرئاسي في استعمال بعض القضاة، الدائرين بفلكه، لغايات سياسية وتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، كما يحصل في الآونة الاخيرة زاد من الشكوك حول اهلية القضاء ككل في تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه في الانتخابات النيابية المقبلة، وهي مسؤولية، مهمة واساسية تتعلق بسلامة وصحة نتائج العملية الانتخابية كلها.
وقالت المصادر ان الفريق الرئاسي الذي يتولى توجيه القضاة المحسوبين عليه، لفبركة ملفات الملاحقات القضائية، تارة بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورؤساء مجالس بعض المصارف، وقبله ملف شركة ميشال مكتف واخرين لا يدينون بالولاء السياسي للعهد وتياره، اصبحت مكشوفة الغايات والاهداف وكلها تصب في خانة ضرب صدقية القضاء واثارة اكبر قدر من الضجيج السياسي والشعبي، لاسقاط اهليته في تولي المهام المنوطة به للإشراف والبت بنتائج الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي تأجيل مواعيد الانتخابات النيابية الى موعد لاحق، وهو ما يسعى اليه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من وراء الكواليس، بعدما تيقن بأن نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، لن تكون لصالحه.
وتوقعت المصادر ان تتوالى سيناريوهات تركيب الملفات لخصوم التيار، وتتدرج من ملف لآخر، كلما اقترب موعد الانتخابات، ولن يكون ملف الادعاء على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع آخرها، بل هو حلقة ضمن هذه السلسلة.
مجلس وزراء ومجلس دفاع
حكومياً، وفيما تردد أن جلسة مجلس الوزراء قد تنعقد بعد غد الأربعاء في السراي الحكومي، لفتت مصادر وزارية إلى أن بعض الوزراء لم يتبلغوا بأي أمر بعد حتى أن بعضهم توقع أن تنقل ال قصر بعبدا .
ورأت المصادر نفسها أن جلسة مجلس النواب غداً قد تحمل معها مؤشرا في ما خص الجلسة المقبلة. وأشارت إلى ان سلسلة اتصالات ولقاءات يشهده الأسبوع الحالي لا سيما في ما خص ملفات مالية فضلا عن مباحثات وفد صندوق النقد الدولي في بيروت .
إلى ذلك لم يعرف بعد ما إذا كان المجلس الأعلى للدفاع قد يعقد اجتماعاً هذا الأسبوع أيضا لاسيما أن مدة التعبئة العامة بشأن كورونا تنتهي نهاية الشهر الحالي.
وبالتزامن، تبدأ غداً جولة جديدة من لقاءات وفد صندوق النقد الدولي للتباحث في ما يمكن فعله، والمرتكزات التي على أساسها يمكن مساعدة لبنان للخروج من ازمته.
وأنهى الرئيس نجيب ميقاتي زيارته الى قطر امس، والتي شارك فيها في منتدى الدولة للطاقة وكانت له لقاءات مهمة لا سيما مع كبار المسؤولين القطريين ووزراء خارجية دول خليجية، صدرت عنها اجواء ايجابية جداً حيال عودة العلاقات الى طبيعتها تدريجياً مع دول الخليج ستكون اولى خطواتها حسب المرتقب عودة سفيري المملكة العربية السعودية والكويت الى بيروت. فيما يُرتقب ان يكون هذا الاسبوع مجالاً لمعالجة بعض المسائل العالقة مالياً وقضائياً، سواء عبر جلسة مجلس الوزراء التي دُعي اليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، او اقرار اللجان النيابية المشتركة في جلسة اليوم مشروع الكابيتال كونترول ليتسنى إدراجه على جدول اعمال الجلسة التشريعة غدا الثلاثاء.
لقاءات ميقاتي
استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في مقر «منتدى الدوحة» في العاصمة القطرية أمس، وجرى عرض للعلاقات بين لبنان وقطر، إضافة الى العلاقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي.
كذلك إستقبل رئيس وزراء قطر الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني الرئيس ميقاتي وتم البحث في الوضع اللبناني والعلاقات اللبنانية- القطرية.
وفي المعلومات ان ميقاتي نقل عن أمير قطر أن وزير الخارجية القطري سيزور بيروت، ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان. زيارة وزير الخارجية القطري المرتقبة الى لبنان لبحث حاجات لبنان. وقد تكون تمهيداً لعودة العلاقات بين لبنان ودول الخليج وخاصة السعودية. حسب ما قال مقربون من ميقاتي.
وبعد اللقاءين، عقد رئيس مجلس الوزراء مؤتمراً صحافياً قال فيه: إن لبنان بحاجة دائما الى هكذا رعاية عربية، وقطر الى جانب لبنان وباذن الله كل الدول العربية ودول الخليج بالذات ستعيد علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن بحاجة الى هذا الاحتضان العربي لوطننا».
وردا على سؤال قال: «ما جرى في الفترة الماضية كان غيمة صيف مرت وباذن الله ستزول مع الزيارات التي ساقوم بها الى الدول العربية، ومع اعادة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج الى طبيعتها، ونحن بحاجة الى هذه العلاقات خاصة مع المملكة العربية السعودية.
وكان ميقاتي قد التقى وزراء خارجية قطر الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، والكويت أحمد ناصر المحمد الصباح، وسلطنة عمان بدر بن محمد البوسعيدي. حيث المح الوزير الكويتي الى ترحيب دول الخليج بموقف لبنان الرسمي من المبادرة الكويتية– العربية، لا سيما حول مسألتي «ألّا يكون لبنان منصة لأي عدوان لفظي او فعلي، او ان يخرج من لبنان اي امر يمكن ان يعرّض امن المنطقة او يقوض من امن واستقرار المنطقة، ومسؤولية الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية في هذا المجال».
الوزير الكويتي قال بعد الاجتماع: نقلت الى الرئيس تحيات وترحيب الكويت بالبيان الذي ادلى به اثر الاتصال الذي جرى بيننا وكذلك بيان مجلس الوزراء اللبناني الذي رحب بالمبادرة الكويتية والافكار التي نقلناها نيابة عن الاشقاء في دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية والمجموعة الدولية، في اطار بناء الثقة مع لبنان مجددا. وكذلك نقلت الثناء والاشادة بالالتزام الذي ادلاه رئيس الوزراء بالنسبة الى التزام الحكومة اللبنانية بالورقة الكويتية، وكذلك الى التزام لبنان بقرارات الشرعية الدولية والتجاوب معها.
واضاف: كلها امور، ان شاء الله، ستفضي مجددا لعلاقة مستدامة مع لبنان وشعب لبنان الشقيق اساسها الاحترام المتبادل في كافة الامور المتعلقة بالاخوّة والتعاون بين لبنان ومحيطه العربي والاقليمي وبما يصب في خير لبنان والمنطقة ومصلحتهم وازدهارهم.
واستقبل ميقاتي امس، وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين. وطلب رئيس الحكومة من الوزير الجزائري نقل تمنياته الى الحكومة الجزائرية باعفاء لبنان من قرار منع تصدير السكر، وذلك في اطار مساعدة لبنان على مواجهة تداعيات الحرب في أوكرانيا.
واستقبل أيضاً رئيس الوفد الايراني الى» منتدى الدوحة» وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي.
وإستقبل رئيس الحكومة رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية باتريك بويانيه، وبحث معه مسار الاتفاق المتعلق بين لبنان وتوتال للتنقيب عن النفط الغاز في المنطقة رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، والعراقيل التي تؤخر بدء التنقيب.
كما تطرق البحث الى موضوع قرار لبنان اجراء مناقصة لاستدراج عروض لانشاء محطة لتسييل الغاز في الزهراني.
لبنان وصندوق النقد
على الصعيد المالي والتشريعي، صدر عن مكتب نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بيان جاء فيه: خلال الأسبوع (الماضي) تواصلت الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي وتركزت بمعظمها على مشروع قانون «الكابيتول كونترول» لاخذ راي الصندوق وملاحظاته، بناء على طلب اعضاء مجلس النواب. وقد أحيل المشروع على اللجان المشتركة في مجلس النواب لمناقشته يوم الاثنين ووضع على جدول جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل.
اضاف: وخلال الأسبوع أيضا دعا نائب رئيس الحكومة إلى اجتماعات استشارية لمناقشة الخطوط العريضة لخطة التعافي الاقتصادي والمالي والتي على أساسها يتم التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ولهذه الغاية عقدت ثلاثة اجتماعات مع ممثلين عن المودعين ونقابة العمال ونقابات المهن الحرة، ومع مجموعة من الاقتصاديين وخبراء في الشأن المالي ومع ممثلين عن الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف. وكانت هذه الاجتماعات مفيدة للغاية وستؤخذ بعين الاعتبار الملاحظات والاقتراحات التي قدمت في هذه الاجتماعات لمناقشتها مع بعثة صندق النقد الدولي التي ستبدأ عملها في بيروت الأسبوع المقبل.
وكان رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان قد غرّد عبر «تويتر» قائلاً: ان مسودة الكابيتال كونترول المتداولة على شبكة التواصل الاجتماعي «هبطت» علينا كالعادة من خارج الاصول، ولا تمت الى اقتراحنا بصلة، ونرفضها كما نرفض اي صيغة لا تحمي حقوق المودعين وتعطي صلاحيات مطلقة «للجنة» تضم الحكومة ومصرف لبنان بدل تكريس هذه الحقوق في متن القانون.
لكن عضو كتلة الوسط المستقل النائب نقولا نحاس توقع أن «يوافق مجلس النواب على قانون الكابيتال كونترول لأن صندوق النقد قد ساهم في صياغته».
وأكد أن «هذا القانون سيخلق القاعدة الاساسية لإعطاء المودع حقه في هذه الظروف، وسينظم علاقته مع المصارف ويسمح بإعادة بناء الاقتصاد من جديد».
ويعود مجلس النواب مجدّداً إلى مناقشة ودرس مشروع الكابيتال كونترول في جلسة يعقدها غداً الثلاثاء، بعدما تأكد استحالة موافقة صندوق النقد على خطة التعافي من دون اقرار هذا القانون الاصلاحي.
وأعلن نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي عن أن اللجان المشتركة سوف تجتمع اليوم الاثنين لدرس مشروع الكابيتال كونترول، مع الاشارة الى ان نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي اعد صيغة جديدة للقانون اخذت بملاحظات صندوق النقد الدولي وهي التي ستناقش في اللجان.
وتحدّد الصياغة المقترَحة للمشروع بـ»إعادة الاستقرار المالي وقدرة المصارف على الاستمرار اللذين يشكلان شرطيْن أساسيين لاستئناف العمليات المالية، وبالتالي فإنه يهدف إلى إدخال ضوابط على عمليات التحاويل إلى العملات الأجنبية بشكل شفاف لمنْع المزيد من تدهور سعر الصرف، حمايةً لاحتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية كما ولاستعادة السيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه».
«نيو كابيتال كونترول» يتضمّن تطوّراً لافتاً في تحديد مرجعيّة القرار النّقدي، حيث يقترح إنشاء لجنة خاصّة مؤلّفة من وزير الماليّة، وزير الاقتصاد والتّجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير. وتكون هذه «اللّجنة» مسؤولة عن إصدار التّنظيمات التّطبيقيّة المتعلّقة بهذا القانون، في ما خص خطة حظر نقل الأموال عبر الحدود، وتحديد سقوف للحسابات النّقديّة.
وبخصوص قيود السحوبات، فهي تتيح سحب ما لا يزيد عن ألف دولار أميركي للفرد الواحد شهرياً، بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدده «اللجنة». كما تتم المدفوعات والتحاويل المحلية كافة بين المقيمين وبين المقيمين وغير المقيمين بالليرة اللبنانية، باستثناء الحالات التي تحددها اللجنة الخاصة.
الانتخابات: تراجع مرشحين
على صعيد الانتخابات، وفيما تقترب مهلة الانتهاء من تشكيل اللوائح وتسجيلها رسمياً، بدأت عمليات سحب الترشيحات لشخصيات سياسية معروفة، ولبعض مرشحي المجتمع المدني لتعذر تشكيلهم لائحة او الانضمام الى احدى اللوائح. وكان من ابرز العائدين عن ترشحهم النائب والوزير الاسبق عاصم قانصوه والنائب الاسبق غسان مخيبر.
رسالة اللهيان
كشفت مصادر دبلوماسية، ان زيارة وزير الخارجية الايراني عبد الامير اللهيان الى لبنان، حملت في طياتها، نقل رسالة محددة من القيادة الايرانية الى حزب الله، تضمنت توجهات القيادة في المرحلة المقبلة، في ضوء نتائج مفاوضات الملف النووي الايراني التي تنحو باتجاه ايجابي في الاسابيع المقبلة، وكذلك بالنسبة لمسار اللقاءات بين ايران والمملكة العربية السعودية، والتي تتقدم الى الامام، استنادا الى المصادر المذكورة، برغم بعض الخلافات التي تتطلب مزيدا من الوقت للتفاهم عليها بين الجانبين.
واشارت المصادر الى وزير الخارجية الايراني، ابلغ من التقاهم من الحزب بعيدا عن الاعلام، بمرحلة جديدة من تعاطي بلاده مع ملفات المنطقة ومن ضمنها لبنان، في ضوء ما يحصل، وهي مرحلة تتطلب مقاربة مختلفة عن السابق، وتتطلب آلية ونهجاً مختلفاً، يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية والدولية، ونهج الحوار والاتفاقات المرتقبة، مع الدول الفاعلة والقريبة.
ولاحظت المصادر ان زيارة اللهيان الى لبنان هذه المرة، لم تحظ بالضجيج السياسي والاعلامي، كما هي زياراته او اي مسؤول ايراني آخر، بل كانت محصورة بكبار المسؤولين علنا، بينما بقيت لقاءاته الاخرى بعيدا عن الضوضاء الاعلامية.
سياسياً، ووطنياً، وفيما سُجل على وزارة الخارجية امتناعها عن إدانة الهجمات الحوثية على السعودية، شجب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيان، العدوان على المملكة العربية السعودية واستهداف المنشآت النفطية في شمال مدينة جدة. وقال «الاعتداء على السعودية من قبل الحوثيين هو إجرام موصوف ينتهك كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، فأمن المملكة العربية السعودية من امن واستقرار المنطقة العربية ومن أمن جميع العرب والمسلمين في العالم»، داعيا الى «التضامن والوقوف الى جانب بلاد الحرمين الشريفين لصد الإرهاب الذي تتعرض له دول الخليج العربي». بدوره، دان «تيار المستقبل» في بيان، «تمادي جماعة الحوثي الإيرانية الإرهابية، في الاعتداء على أراضي المملكة». واعتبر أن «هذا التمادي الإيراني في تنفيذ الاعمال الاجرامية يتجاوز استهداف المملكة العربية السعودية إلى تهديد الأمن والاستقرار الإقليميين، والاعتداء الجبان على كل العرب، الذين ضاقوا ذرعا من أذرعة إيران التخريبية، ويقفون مع مملكة الحزم صفا واحدا في مواجهتها والتصدي لها، مهما بلغت التحديات والتضحيات». من جهته، كتب وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي في تغريدة عبر تويتر: إن استهداف أمن المملكة العربية السعودية هو استهداف ارهابي واضح ومباشر للشرعية العربية. نقف كما دائماً الى جانب المملكة في التصدي للتحديات التي تواجه أمننا العربي المشترك وفي وجه أي اعتداء يطال سيادة المملكة وأمنها بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية.
الجميل: المسؤولية ثلاثية
إلى ذلك، حمل رئيس حزب الكتائب مسؤولية الوضع الاقتصادي الحالي إلى المنظومة السياسية التي صنعت عجز الدولة، وحزب الله والسياسة النقدية لمصرف لبنان.
وتخوف الجميل من عمل القاضية غادة عون، فما تقوم به صحيح، لكن من جهة أخرى نخاف من الاستنسابية، وطالب القضاء بأن يحكم ما إذا كان سلامة قد ارتكب جرائم مالية، وكان من المفترض ان يتم كف يده فهو ملاحق دولياً وداخلياً.
الراعي يحذر
وفي السياق، اعتبر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أنّنا «نقف أمام حالة القضاء المحزنة»، متسائلًا: «أين القضاة ليحموا الجسم القضائي، وهل الهدف من هذه الإجراءات الصارمة هو تطيير الانتخابات النيابية وعدم إجرائها في موعدها»؟
الراعي وفي كلمة له خلال عظة الأحد، شدّد على عدم التفكير بتأجيل الانتخابات أو تطييرها، داعيًا رئيس الجمهورية المقبل إلى «انتشال لبنان من المحاور»، وقال: «لبنان ليس ملكًا لأحد».
كما توجّه الراعي إلى المسؤولين بكلامه، متسائلًا: «ماذا تفعلون لتقصّروا هذا الليل الحالك الظالم؟ أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لتسيّب الحدود والجمارك والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما للفقر والجوع والبطالة أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتخابي والسياسي أن ينجلي»؟
تابع: «أما لتجميد التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت أن ينجلي، ولليل الخروج عن الدولة أن ينجلي، ولليل ضرب المؤسّسات الأساسية والمصارف أن ينجلي؟ إلى متى أيها المسؤولون، تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه في التعبير والشكوى والمعارضة».
هذا ورأى الراعي أن «حقّ التعبير عن الرأي يولد مع الانسان»، محذّرًا «من المسّ به، ونقل البلاد إلى نظام بوليسيّ»، مؤكّدًا أنّ هذه «الأساليب لا تشبه لبنان والتمادي في القمع يؤسّس لانتفاضة شعبية».
هل تنفرج ازمة المحروقات اليوم؟
وبالنسبة للهم اليومي للمواطن، وفيما ارتفع سعر الدولار خلال عطلة نهاية الاسبوع وقارب الـ 25 الف ليرة، وبعدما اقفلت معظم محطات البنزين ابوابها، أعلن رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس حلّ أزمة البنزين بعد الإتفاق مع وزارة الطاقة على إصدار تسعيرة جديدة اليوم الإثنين تراعي مطالب المستوردين».
كما أشار رئيس مجلس إدارة شركتي «كورال» و«ليكويغاز» أوسكار يمين إلى أنّ «كميات المحروقات التي تحتاجها الاسواق متوافرة، وسيتم اعتبارًا من صباح الاثنين بدء التسليمات لكافة المناطق اللبنانية ما سيؤدي إلى حلّ الأزمة.
بدوره، علق ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا على أزمة المحروقات وقال «نتمنى ان يكون الفرج قريبًا ونتمنى ان يتجاوب وزير الطاقة وان يصدر جدول الاسعار اليوم، على ان تعود الامور الى طبيعتها».
290 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 290 إصابة جديدة بفايروس كورونا و6 وفيات، ليرتفع العدد التراكمي إلى 1090782 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
*****************************
الديار
لا إجراءات حكوميّة جدّية لتطويق الأزمة المعيشيّة
كارثة غذائيّة في الأفق… ولبنان على طريق التفكّك
ملف العقوبات… ألمانيا لن تتخلّى عن الغاز الروسي؟
لا يُخفى على أحد أن الحرب الروسية – الأوكرانية أظهرت إلى العلن خطر التركيز في الإستيراد خصوصًا في مجال الطاقة في دول أنظمتها جاهزة لإستخدام القوة العسكرية في حل المشاكل (سواء كان ذلك عن وجه حق أو عن غير وجه حق). التعلّق الكبير للدول الأوروبية (خصوصًا ألمانيا) بالغاز الروسي، وغياب الخيارات الأخرى أمام إستبدال هذا الغاز، سمح للكرملين بأخذ قرارات موجعة على هذا الصعيد أولها حجب ثلث صادرات روسيا من الغاز الطبيعي عن أوروبا في وقت تتزايد فيه المواجهات العسكرية في الداخل الأوكراني. وهو ما خفّض تخزين الغاز في أوروبا إلى مستويات تاريخية ورفع من الأسعار بشكل غير مسبوق.
الأوروبيون رهينة
الروس الذين يُحاولون الضغط في الملف الأوكراني، وردًا على العقوبات التي فرضتها كلٌ من الولايات المُتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي على روسيا، يُحاولون الضغط من اليد الموجعة أي من باب الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية. الجدير ذكره أن كل من بلغاريا، وإستونيا، وفنلندا، ولاتفيا، والسويد تتعلّق بنسبة 100% بالغاز الروسي في إستهلاكها للغاز الطبيعي؛ وتشيكوسلوفاكيا بنسبة 80.5%، وسلوفاكيا بنسبة 63.3%، وسلوفينيا 57.4%، واليونان 54.8%، وبولندا 54.2%، والنمسا 52.2%، وهنغاريا 49.5%، وبلجيكا 43.2%، وألمانيا 39.9%، وكرواتيا 37.1%، واللوكسمبورغ 27.9%، ورومانيا 24.2%، وإيطاليا 17.2%، وفرنسا 17.2%، وهولندا 5.2%.
عمليًا تُعتبر ألمانيا المُستورد الأول على مُستوى العالم، للغاز الطبيعي الروسي تليها تركيا، وإيطاليا، وبيلاروسيا، وفرنسا، والصين… ونظرًا إلى وزن ألمانيا الإقتصادي، 4 تريليون دولار أميركي (الرابعة عالميًا بعد الولايات المُتحدة الأميركية 20.5، والصين 13.4، واليابان 4.97)، فإن تأثير حظر الغاز الروسي على ألمانيا قد يكون موجعًا بالنظرة الأولى.
ألمانيا والغاز الروسي
في دراسة نشرها عددٌ من الباحثين (Bachmann et al. 2022)، إنكشاف ألمانيا على قطاع الطاقة الروسي من ناحية الإستهلاك الأولي للطاقة يتوزّع على الشكل التالي: النفط 34%، الغاز 55%، الفحم 26% مع معدّل 30% من إجمالي الإستهلاك الأولي للطاقة. وبالتالي قام الباحثون بوضع فرضيات على قطع الغاز الروسي عن ألمانيا لمعرفة الكلفة على الإقتصاد الألماني وإستخدموا نماذج إقتصادية (Baqaee-Farhi model, and ad-hoc model) ليتوصّلوا إلى أن نسبة هذه الكلفة إلى الناتج المحلّي الإجمالي تتراوح بين 0.5 و3% في أقصى الحالات، أي ما يوازي 80 إلى 1000 يورو خسائر على كل مواطن ألماني.
وبالتالي، فإن الإستغناء عن الطاقة الروسية بكل مكوناتها مُمكن، لكنه يفرض عددًا من الإجراءات: إستبدال مصادر الطاقة، والبحث عن مصادر أخرى للتوريد، وخفض الإستهلاك، وخفض مدة التأقلم، والقيام بإجراءات إستباقية، وقبول فترة من الأسعار المرتفعة، وزيادة فعالية البنى التحتية الحرارية، ومُساعدة العائلات الفقيرة.
في المُقابل، فإن فرض العقوبات بالكامل على قطاع النفط والغاز الروسي، سيحرم روسيا من مداخيل سنوية لا تقلّ عن 200 مليار دولار أميركي على إجمالي 490 مليار دولار أميركي مجموع الصادرات الروسية في العام 2021 منها 240 مليار دولار لقطاعي الغاز والنفط. وهو ما قد يُشكّل مُشكلة كبيرة لروسيا على المديين القصير والمتوسّط.
تطويق روسيا إقتصاديًا
لكن هذا الأمر لا يعني تطويق روسيا إقتصاديًا بهذه السهولة، حيث يبقى هناك مادتين أساسيتين لهما تداعيات كارثية على الإقتصاد العالمي هما النفط والمواد الغذائية. فروسيا التي تُعتبر من المصدرين الأساسيين في قطاع النفط، ستحجب عن السوق العالمي ما يوازي الـ 4.5 مليون برميل في اليوم وهو ما يعني إرتفاعا في سعر برميل النفط إلى مستويات تتخطى الـ 200 إلى 250 دولارًا أميركيًا مع إحتمال إرتفاع السعر أكثر من ذلك نتيجة المضاربة. وبالتالي فإن الإعتماد الأساسي يبقى على الدول الخليجية الوحيدة القادرة على تغطية هذا النقص نظرًا إلى أنها الوحيدة من بين دول الأوبك التي استثمرت وتستمر بالإستثمار في منشآتها النفطية. إلا أن العائق أمام هذا الأمر هو العلاقات الأميركية – الخليجية التي تمر في مرحلة صعبة نتيجة المواقف الأميركية في الملف الإيراني والملف الحوثي. وبالتالي فإن أي رغبة أميركية بتطويق روسيا على صعيد النفط مقرونة حكمًا بتحسين العلاقات الأميركية مع الدول الخليجية.
تبقى النقطة الثانية الأساسية إنسانيًا وأخلاقيًا، وهي مُشكلة المواد الغذائية الأولية. فروسيا وأوكرانيا تحتلان المراتب الأولى عالميًا من ناحية تصدير الحبوب والزيوت خصوصًا إلى الدول الفقيرة. وبالتالي فإن أي حظر من قبل الولايات المُتحدة الأميركية أو قرار عدم تصدير من قبل روسيا سيكون كارثيًا على الصعيد الإنساني نظرًا إلى التعلّق الهائل لبعض الدول بالصادرات الغذائية الروسية والأوكرانية (على مقال لبنان، واليمن، وسوريا، ومصر..).
الحل لهذه الأزمة لا يُمكن أن يكون إلا من باب البرنامج الغذائي التابع للأمم المُتحدة ومُنظمة الفاو. عمليًا، التنسيق وحجز حصص للدول الفقيرة هما عنصران جوهريان نظرًا إلى أن القصر في المعروض سيرفع من الأسعار وهو ما لا قدرة للدول الفقيرة على مواجهته.
ثمن مُرتفع لبنانياً
من ناحية لبنان القابع تحت أزماته المُتتالية في ظل إنقسام سياسي مُرعب، فهو يُعتبر من أكثر المُتضررين عالميًا ومن المُرجّح أن يكون في المراتب العالمية الأولى على هذا الصعيد. إرتفاع أسعار النفط العالمية، رفعت من أسعار المحروقات ومن أسعار السلع والمواد الأولية سواء صناعيًا أو زراعيًا، وهو ما ينعكس تلقائيًا على المواطن اللبناني الذي يواجه نقصًا حادًا في دولار الإستيراد معطوفًا على إحتكار موصوف وفساد مستشرٍ.
الدولار في السوق السوداء عاد إلى الظهور مع تزايد الطلب عليه نتيجة إرتفاع الأسعار عالميًا ومع التطويق القضائي للقطاع المصرفي. وبالتالي فإن الإنعكاس على أسعار السلع والبضائع الأخرى يكون فوريا في سوق «فلتان» من الرقابة وسوق لا يُمكن ضبطه من باب أخذ الناس رهينة على مثال ما يحصل على محطات الوقود.
أزمة المحروقات المُستجدة في اليومين الأخيرين مردّها ليس النقص في المحروقات، بل نتيجة رغبة من قبل قطاع المحروقات في لبنان بدولرة كاملة للقطاع على مثال ما حصل في المازوت بالإضافة إلى تحرير السعر وعدم تحديده من قبل وزارة الطاقة والمياه. والأصعب في الأمر أن هذا القطاع لا يُريد التعامل إلا بالكاش وهو ما يُعقدّ حياة المواطن التي هي أصلًا صعبة نتيجة تآكل قدرته الشرائية.
لكن الأخطر يبقى من دون أدنى شكّ الأزمة الثلاثية الأبعاد التي دخل فيها لبنان ومُرشّحة بقوة إلى التعاظم، عنيت بذلك مُشكلة الكهرباء، مُشكلة المواد الغذائية، ومُشكلة دولار الإستيراد. إذ من المتوقع أن يسوء وضع التغذية الكهرباء الآتية من مؤسسة كهرباء لبنان بشكل دراماتيكي نتيجة نقص الفيول بالتوازي مع إرتفاع أسعار المازوت الذي سيرفع حكمًا من قيمة فاتورة المولدات الخاصة على المواطن وحتى لن تكون هذه المولدات قادرة بدورها على الإستمرار على نفس وتيرة التغذية نظرًا إلى حاجتها إلى الإستثمار وهو ما لا يحصل حاليًا.
أمّا غذائيًا وعلى الرغم من كل التصريحات بتأمين القمح والحبوب وغيرها من المواد التي تأثرت بالأزمة الروسية – الأوكرانية، فلا شيء عمليًا تمّ التوصّل إليه بإستثناء بعض المساعدات الدولية على مثال الإعلان عن المساعدة التركية (500 طن). وبالتالي فإن النقص سينعكس في الأسواق تدريجيًا على شكل إرتفاع في الأسعار وهو ما سيحصل على أبواب الشهر الفضيل من دون أي قدرة للدولة اللبنانية على مُساعدة شعبها وتبقى الأنظار مُسلّطة على المساعدات الخارجية ومساعدات القوى السياسية على أبواب الإنتخابات النيابية.
أما على صعيد الإستيراد عامة، فإن المُشكلة تتمحور بنقص في دولار الإستيراد والذي يُترّجم تلقائيًا بظاهرة من إثنتين: إمّا إرتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء أو نقص كبير في السيولة بالليرة اللبنانية في حال كان هناك إستمرار بتطبيق تعميم 161.
هذه المشاكل الثلاث والتي تؤثر بشكل كبير على حياة المواطن وقد تؤدّي إلى التأثير على مجرى الإنتخابات النيابية، لا تأخذ حيزًا كافيًا في القرارات الحكومية، وغطّت عليها الملاحقات القضائية في القطاع المصرفي وحجبت الرؤية عن الكارثة المُقدمين عليها. وللذكر، فإن دولة مصر قامت بطلب مساعدة صندوق النقد الدولي لتجاوز هذه المرحلة الصعبة بالنسبة إليها كما قامت بتخفيض سعر صرف عملتها مقابل الدولار الأميركي في حين أننا في لبنان عاجزون عن إنجاز إتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي!
قانون الكابيتال كونترول
على صعيد الكابيتال كونترول، يلتئم المجلس النيابي غدا الثلاثاء لدارسة مشروع قانون الكابيتال كونترول بعدما تأكد إستحالة موافقة صندوق النقد على أي خطة للتعافي من دون اقرار هذا القانون الاصلاحي. ومع توقّعات ببروز خلافات واضحة بشأن اللجنة المرجعية التي يقترحها المشروع وتتعلّق بمبدأ المُحاصصة المعطوفة على خلفيات سياسية وطائفية، يسود تفاؤل حذر من ناحية إقرار هذا المشروع الذي سيكون بمثابة مبادرة إيجابية من قبل الدولة اللبنانية تجاه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي خصوصًا أن بعثة صندوق النقد الدولي تصل إلى بيروت خلال الأسبوع المقبل، بهدف استكمال المفاوضات بشأن ملفات محورية مع إلتزام الحكومة اللبنانية بإتمام الخطوات القانونية والإجرائية التي من شأنها تسريع طرح الخطة الحكومية للإنقاذ والتعافي. ويُعتقد أن إجتماع اللجان المُشتركة اليوم لإقرار هذا المشروع ورفعه إلى الهيئة العامة، يهدف قبل كل شيء إلى توحيد المواقف بين القوى السياسية وخصوصًا موضوع اللجنة المرجعية.
لا حلول في الآفق
في الواقع، كل المؤشرات المتوافرة سواء سياسيًا أو إقتصاديًا أو ماليًا أو نقديًا أو قضائيًا، تُشير إلى أن لا حلول في الآفق. ولعل المؤشرات السياسية هي الأكثر تعبيرًا حيث أن الإنتخابات النيابية وإن استطاعت التغيير قليلًا في المشهد النيابي إلا أنها لن تُغيّر في الجوهر خصوصًا أن توازن القوى، بحسب خبراء الإحصاءات الإنتخابية، باقية على ما هي عليه! وبالتالي فإن الصراعات السياسية والتي تنسحب حكمًا على الإقتصاد والمالية العامة والنقد والقضاء باقية على ما هي عليه. وهذا يعني أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإن كانت التصريحات الإيجابية تُشير إلى أنها على السكة الصحيحة، إلا أن الواقع اللبناني يفرض واقعية أخرى وهي أن هناك إنقساما عاموديا بين القوى السياسية في لبنان ينعكس حكمًا في الإقتصاد والمال والنقد والقضاء ويمنع الإصلاحات المطلوبة.
النظرة التشاؤمية هذه سببها كان وسيبقى الإنقسام السياسي الكبير وبالتالي يُمكن الجزم أنه إذا لم تُنتج الإنتخابات النيابية أكثرية نيابية ذات رؤية إقتصادية مُوحدّة، فإن لبنان الذي نعرفه سيُكمل مسيرة التفكك التي بدأها منذ عامين ونصف!
*******************
اساس ميديا
التعيينات القضائية: خسارة عبّود… والبيطار؟
بعد سلسلة اجتماعات كادت تنتهي بالفشل بسبب تجاذبات بين رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود وسائر أعضائه، نجح المجلس في الاتّفاق على ملء الشغور في رئاسات بعض غرف محاكم التمييز، فتمّ تعيين القضاة ناجي عيد، ماجد مزيحم، سانيا نصر، أيمن عويدات، حبيب رزق الله ومنيف بركات، رؤساء لتلك الغرف.
جاء توافق عبود والمدّعي العام التمييزي غسان عويدات على خلفيّة تردّي العلاقة بينهما وبين رئيسيْ الجمهورية والحكومة، ورفضهما تلبية دعوة إلى حضور جلسة لمجلس الوزراء. من جهته، يرغب رئيس الجمهورية بتصحيح ما يعتبره خطأه، وتعيين بديل عن عبود، فيما يرغب رئيس الحكومة بتعيين بديل عن عويدات. من جهة أخرى، تشكّ أجواء قصر العدل في أن تكون مثل هذه التعيينات قد فرضها التهديد الذي تعرّض له عبود وعويدات بإقالتهما.
كان الهدف من التعيينات ملء شواغر رئاسات غرف التمييز التي يؤلّف رؤساؤها الهيئة العامّة لمحكمة التمييز. والأخيرة تبتّ طلبات مخاصمة الدولة جرّاء الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها القضاة وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية. وملف هذه الدعاوى سبق أن اندرج في سياق الضغط السياسي والشعبي لإعادة ضخّ الحياة في مسار التحقيق في انفجار المرفأ.
مصادر قضائية لـ”أساس”: سبب إعاقة التعيينات سابقاً كان سببه رغبة القاضي عبود بتعيين رؤساء لغرف التمييز من بين القضاة المحسوبين عليه، وهم ناجي عيد ورندة كفوري وجانيت حنا
تقول مصادر قضائية لـ”أساس” إنّ سبب إعاقة التعيينات سابقاً كان سببه رغبة القاضي عبود بتعيين رؤساء لغرف التمييز من بين القضاة المحسوبين عليه، وهم ناجي عيد ورندة كفوري وجانيت حنا، فيكون له معهم أربعة من أصل عشرة أصوات، مقابل الأربعة الآخرين الذين عُيّنوا، وهم القضاة حبيب مزهر وميراي حداد والياس ريشا وداني شبلي، المحسوبين على تحالف الثنائي الشيعي – التيار الوطني الحر، إضافة إلى مدّعي عامّ التمييز غسان عويدات ورئيس هيئة التفتيش القضائي بركان سعد اللذين يرجّحان كفّة الأكثرية متى دعت الحاجة.
جاءت الموافقة على تعيين القاضي ناجي عيد (ماروني) رئيساً لإحدى الغرف، لكنّ غسان عويدات وضع فيتو على رندة كفوري بعدما أقدمت على قبول طلب ردّ ضدّ المحامي العامّ لدى محكمة التمييز غسان الخوري، وتمّ استبدالها بمنيف بركات مدّعي عامّ البقاع.
بقي الخلاف قائماً حول رئيس الغرفة من الطائفة الأرثوذكسية، إذ تمسّك التيار الوطني الحر بتعيين كارول غنطوس رئيسة محكمة استئناف جنح بعبدا، لكن خالفه عبود مقترحاً تعيين جانيت حنا، وفي محاولة لفضّ الخلاف اقترح عفيف الحكيم، العضو الدرزي في مجلس القضاء الأعلى، سانيا نصر رئيسة محكمة الاستئناف المدنية في بعبدا، وأيّده في ذلك عضو مجلس القضاء الأعلى داني شبلي المحسوب على التيار الوطني الحر. واللافت في هذا السياق أنّ غسان عويدات وافق سهيل عبود على تعيين جانيت حنا، إلا أنّ مصلحة الجميع كانت تقتضي الحسم لمصلحة سانيا نصر. وقد تمّ تعيين أيمن عويدات خلفاً للقاضية رولى المصري التي بلغت السنّ القانونية، ومرّ تعيين القاضي ماجد مزيحم رئيساً لإحدى الغرف من دون أيّ إشكالات، وسيتمّ تعيينه وسامية نصر عضوين في مجلس القضاء الأعلى.
من مواقع رفيعة إلى مواقع أدنى
يعكس هذا الانتداب عدم التوافق على إجراء التشكيلات القضائية في المرحلة اللاحقة. وقد توضّحت خارطة الأحلاف في المجلس، فهناك حلف يتألّف من الياس ريشا وميراي حداد وحبيب مزهر وداني شبلي وماجد مزيحم وسامية نصر مقابل حلف سهيل عبود وناجي عيد، فيما يتمايز الأعضاء الثلاثة الباقون، رئيس هيئة التفتيش القضائي بركان سعد ومدّعي عام التمييز غسان عويدات والقاضي عفيف الحكيم. وبذلك يكون البساط قد سُحِب من تحت أقدام عبود في إجراء تشكيلات قضائية وفق توجّهاته وتعيين قضاة من المحسوبين عليه في المواقع القضائية المهمّة.
يبقى التساؤل عن مصير التحقيق في تفجير المرفأ، وعمّا إذا كانت قد تبلورت صيغة تسوية للخروج من المراوحة في الملفّ من خلال تعيين قاضٍ ثانٍ كمساعد للبيطار، في قضايا معيّنة، منها البتّ في طلبات إخلاء السبيل، بعدما أمضى الموقوفون فترة السجن المنصوص عليها في القانون بتهمة الإهمال الوظيفي… دون أن يدخل في صلب صلاحياته المسّ بأسس التحقيق، على أن يعيّن باقتراح من وزير العدل يرفعه إلى مجلس القضاء الأعلى..
******************************
الشرق الاوسط
الراعي يرفض تحويل لبنان إلى «استبدادي بوليسي»
انتقد تسييس القضاء وحذر من تطيير الانتخابات النيابية
انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي «تسييس» القضاء اللبناني، متحدثا عن «تلفيق اتهامات ودعاوى مسيسة وانتقائية» وعن استغلال «السلطة لبعض القضاة». وفيما حذر من أن يكون الهدف تطيير الانتخابات النيابية، أمل أن يقوم رئيس الجمهورية المقبل بمهمة النهوض بالبلاد وانتشالها من المحاور إلى الحياد. كما رفض من جهة أخرى المس بحق التعبير عن الرأي ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة.
وتوجه الراعي إلى المسؤولين في عظة الأحد قائلاً: «ماذا تفعلون أيها المسؤولون السياسيون، أكنتم في الحكم أم خارجه؟ أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لليل الانهيار وتسيب الحدود ومداخيل جمارك المطار والمرافئ والضرائب والفواتير والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما لليل الفقر والجوع والبطالة أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيس والمركبة ملفاته مسبقاً أن ينجلي؟ أما لليل تلفيق الاتهامات والدعاوى والسكوت عن أخرى ساطعة أن ينجلي؟ أما لليل تجميد التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت أن ينجلي؟ أما لليل الخروج عن الدولة والشرعية والجيش أن ينجلي؟ أما لليل الهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق أن ينجلي؟ أما لليل ضرب المؤسسات الأساسية والمصارف وحجز أموال المودعين وضرب الاقتصاد الحر أن ينجلي؟ أما لليل تلوين كل شيء بالطائفية والمذهبية أن ينجلي؟ أما لليل طمس حقيقة مرض لبنان السياسي القتال أن ينجلي؟ أما لليل مفهوم الدولة أن ينجلي بمكوناتها الثلاثة: أرض وشعب ومؤسسات، وبوظائفها الأربع: وحدة القوة المنظمة، ووحدة العلاقات الدبلوماسية، ووحدة فرض الضرائب وجبايتها، ووحدة إدارة السياسات العامة؟».
وتابع الراعي سائلاً: «إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان؟»، مؤكدا أن «حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان»، ومحذرا «من المس به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته، إن التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها».
ووصف حالة القضاء في لبنان بـ«المحزنة والخطرة»، متسائلاً: «أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقا. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حدا لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل».
*****************************
نداء الوطن
“حزب الله” يخوض الانتخابات لتأمين “أكثرية تحمي السلاح”
بكركي تفضح قضاء “الثنائي الحاكم” وتستعجل “الخلاص” من ولاية عون
غداة حملة الاستثمار العوني في “زيارة الفاتيكان”، وما شهدته من محاولات معيبة ومفضوحة لتأليب الموقف البابوي على طروحات بكركي السيادية والوطنية، و”قولبته” ضمن إطار داعم للطروحات “الأقلوية” ولنظريات الانحياز لمحور الممانعة وإيكال مهمة حماية المسيحيين لأنظمة هذا المحور في المنطقة ولسلاح “حزب الله” في لبنان… لم تتأخر الحاضرة الفاتيكانية في إحباط هذه الأجندة وتنزيه الموقف البابوي عن الدسائس والغايات السياسية المشبوهة، فشكّل “عيد سيدة البشارة” مدخلاً عريضاً لإعادة تصويب البوصلة وتظهير الصورة على حقيقتها، من خلال كيل المديح الفاتيكاني في هذه المناسبة للبطريرك الراعي وإضفاء “البركة الرسولية” على خطواته وتوجهاته الكنسية والوطنية، حسبما جاء في “رسالة التهنئة” التي نقلها السفير البابوي جوزف سبيتاري للراعي من أمين سر الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين، فضلاً عن تلقيه رسالة ثناء مماثلة من المسؤول عن الشؤون الكنسية العامة في أمانة السر الفاتيكانية.
وكما دأبُها عند الاستحقاقات الوطنية المصيرية، تواصل بكركي السير في مقدمة المدافعين عن الدولة وسيادتها والتصدي بصلابة وعزيمة للهجمة الشرسة على الهوية والكيان، فتضرعت بالأمس لكي ينجلي “ليل الفتن والأحقاد والانهيار والهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق والخروج عن الدولة والشرعية وضرب المؤسسات” الذي خيّم على لبنان تحت سطوة الطبقة الحاكمة، وسلطت الأضواء في هذا المجال على “القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيّس والمركبة ملفاته مسبقاً”، لتفضح بشكل خاص قضاء “الثنائي الحاكم” الذي يتحرك بإيعاز من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لغايات انتقامية وانتخابية، وفق ما قرأت مصادر مراقبة في عظة البطريرك الراعي أمس، سواءً لجهة إدانة أداء القاضية غادة عون، أو لناحية التنديد بادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في قضية أحداث الطيونة – عين الرمانة، مقابل التحذير الصريح من مغبة أن يكون الهدف “تطيير الانتخابات” من وراء تصعيد أجواء التوتير ونقل البلاد “إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة”.
على أنّ الرسالة الأمضى في دلالاتها، تجلت بتصويب عظة الأحد مباشرةً على “الخلل في الأداء الرئاسي العوني”، كما لاحظت المصادر، لا سيما وأنّ البطريرك الماروني “ربط بشكل مباشر بين إنقاذ لبنان وبين انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، ومن هذا المنطلق لم يُخفِ استعجاله “الخلاص” من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، داعياً إلى تفعيل المادة 73 من الدستور و”انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية عون”، على أمل بأن “ينهض الرئيس الجديد بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار”، وفق تعبير الراعي، منوهاً عقب زيارته الأخيرة للقاهرة بـ”الحوكمة الرشيدة والإصلاحات الضرورية” التي انتهجها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشدداً على أن “دولة لبنان تنتظر مثل هذا الرئيس المستنير والحكيم لينقذ شعبها”.
أما على الضفة المقابلة، وبينما عاجلت القاضية عون البطريرك الماروني بتغريدة مناهضة لمواقفه، مؤكدةً مضيّها قدماً على طريق “الجهاد القضائي”، سطّر مسؤولو ونواب “حزب الله” خلال نهاية الأسبوع المزيد من المواقف الانتخابية، فتمحورت في خلاصتها حول تخوين الخصوم السياسيين باعتبارهم عملاء لإسرائيل وأميركا، وتأكيد سعي “الحزب” وحلفائه إلى تحقيق هدف مركزي وهو الفوز بأكثرية نيابية تتولى مهمة “حماية سلاح المقاومة”.
وبهذا المعنى، كان تشديد رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين على أنّ الاقتراع في صندوق الانتخابات سيصبّ في خانة “دعم خيار المقاومة والدفاع عنها”، في مواجهة “بعض الداخل المرتبط بالأميركي، أو بعض الداخل الجبان والخائف من أميركا”، مع تنبيهه إلى أنّ “المعطيات في المنطقة تبدّلت والمعادلات في العالم تتغير ولبنان سيكون حتماً متأثراً بكل ما يحصل والذي سيكتب مستقبله هو القوي وليس الضعيف”.
وتحت العناوين الانتخابية نفسها، شدد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على ضرورة التمسك بسلاح “حزب الله” على اعتبار أنّ هذا “السلاح وحده هو الكفيل بحفظ سيادة لبنان”، وأردف: “ما يعنينا في الاستحقاق الانتخابي أن ننتصر للخط الذي يحفظ المقاومة”. وكذلك سار عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق على النهج التخويني الانتخابي نفسه، معتبراً أنّ “الحزب” يخوض المعركة الانتخابية ضد “أدوات السفارات ومن يخدمون إسرائيل”، بهدف حماية “هوية لبنان المقاومة”… في حين لخّص المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان موقف الثنائي الشيعي حيال الاستحقاق الانتخابي بعبارة معبّرة تختزن الكثير من الدلالات، قائلاً: “شروط النقد الدولي فلتذهب إلى الجحيم… المعركة ليست بالبقاع والجنوب بل على طول الدوائر الإنتخابية لتأمين غالبية نيابية تنتشل القرار السياسي من مخالب واشنطن وأصحاب المصالح الخارجية”، مضيفاً في معرض توجيهه الرسائل المضادة لتوجهات بكركي السيادية: “للبعض أقول إنّ لبنان رسالة سلام يحميها سلاح المقاومة، ولا وجود للبنان من دون سلاح المقاومة”.