حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
في خضم العدوان الاجرامي المتمادي على قطاع غزة وارتكاب المجازر بحق المدنيين، ينتظر ان تهب في الداخل الاسرائيلي عاصفة سياسية وقضائية بوجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في اليوم التالي التي تهدأ فيه جبهات القتال مع حركة حماس، حيث يفترض ان تشكل لجان تحقيق اسرائيلية مهمتها التحقيق بالاسباب التي ادت الى نجاح عملية “طوفان الاقصى” وحصول ما حصل في العديد من المستوطنات التي سقطت بسرعة قياسية بيد المهاجمين من “كتائب القسام” ووقوع اعداد كبيرة من الضباط والجنود في الأسر وهو ما لم تعرفه تل ابيب منذ ان اغتصبت فلسطين الى اليوم.
ومع ان ملفات الفساد التي فتح القليل منها بوجه نتنياهو، فإن ما تبقى من ملفات ستفتح، الى جانب ان اصابع الاتهام ستوجه اليه لجهة التقصير في كشف عملية الاعداد للهجوم قبل وقوعه كون ان معلومات تحدثت عن جهات حذرت القيادة العسكرية الاسرائيلية بأن عمل امني يحضر لكن لم تعطى هذه المعلومات الاهتمام اللازم وجرت مقاربتها بسرعة، واتفق على المتابعة في اليوم التالي غير ان حركة حماس كانت اسرع ونفذت الهجوم مع ساعات فجر السابع من تشرين.
وفق مصادر سياسية عليمة فان الحكومة الحالية سرعان ما ستتفكك بعد ان تضع الحرب اوزارها، وستقع تل ابيب في دوامة ازمة سياسية يكون الخاسر الاكبر فيها نتنياهو الذي سيكون موضع مسائلة في الكثير من الملفات التي فيها الاتهام ثابت عليه، وان السجن سيكون في انتظاره ما لم يسعفه الحظ بحصول حدث ما يجنبه ذلك.
وتعتبر المصادر ان نتنياهو الذي لم يستفق بعد من صدمة “طوفان الاقصى” ويتصرف مثل “الثور الهائج” يخوض اليوم معركته الشخصية فهو يريد تحقيق مكاسب في الميدان متسلحا بالدعم الاميركي اللامحدود، وفي حال فشل في ذلك ربما يحول المواجهة الى حرب استنزاف طويلة الأمد، ربما تستغرق اربعة او خمسة اشهر، وهو بذلك يريد ان يؤخر قدر الامكان معركة القضاء والرأي العام معه لعلمه بأن هذه المعركة سيخسرها وهي التي ستكون السبب في نهاية مسيرته السياسية.
وتلفت المصادر الى ان زعيم المعارضة في إسرائيل، رئيس الحكومة السابق يائير لابيد وهو احد الشهود، في قضايا الفساد والرشوة وخيانة الأمانة التي يحاكم فيها نتنياهو، لن يتوانى بعد ان تهدأ جبهة غزة التي وحدت القوى السياسية بشكل مؤقت من اكمال مواجهة نتنياهو، وهو الذي واجهه فيما يعرف باسم “الملف 1000” الذي اتهم فيه رئيس الوزراء بالاحتيال وخيانة الأمانة، جراء تلقيه هدايا فاخرة من السيغار والشمبانيا والمجوهرات بقيمة 700 ألف شيكل (180 ألف يورو) بين الأعوام 2007 و2016 من أثرياء، مقابل خدمات مالية أو شخصية، بمن فيهم صديقه المنتج الإسرائيلي في هوليود أرنون ميلتشين، حيث ينتظر ان تستغل المعارضة احداث غزة وتداعياتها على الداخل الاسرائيلي وتستخدم ذلك كسلاح قوي في المعركة مع نتنياهو وهي التي وصفت عودته الى رئاسة الحكومة بـ “اليوم الأسود للديمقراطية الإسرائيلية”.
وتعرب المصادر عن تقديرها بان اسرائيل قبل السابع من تشرين لن تكون هي ذاتها عما كانت عليه قبله، فالزلزال الذي احدثته عملية “طوفان الاقصى” ستبقى ارتداته تسمع على مدى طويل في الاروقة السياسية والمقرات العسكرية في تل أبيب، وهو سيسبب شرخا قويا على هذين المستويين، وبذلك فان ازمة سياسية سترافق الاسرائيليين لسنوات طويلة، مهما كانت نتائج الحرب على غزة، ناهيك عن الازمة الاقتصادية والمعيشية التي بدأت تطل برأسها، حيث تعرض “الشيكل” الاسرائيلية الى اكبر عملية انهيار منذ العام 1948، وان هذه الازمة ستخلق ازمة اخرى تتمثل بالهجرة المعاكسة، حيث ان الألاف من الاسرائليين بدأوا بالمغادرة وان هناك من يستعد للرحيل النهائي عن اسرائيل، على اعتبار ان الحياة فيها لم تعد تطاق وانهم ليسوا على استعداد لتعريض ارواحهم للخطر بفعل السياسات الخاطئة المعتمدة من الحكومات المتعاقبة على شتى الصعد.