شؤون دولية

استهداف أوكرانيا مرافق الطاقة الروسية رد «منصف» وأهداف عسكرية مشروعة

تفيد أوكرانيا بأن استهدافها مرافق الطاقة الروسية رد «منصف» على الهجمات الروسية على البنى التحتية التابعة لها المخصصة للكهرباء، والتي أدت إلى غرق ملايين السكان في الظلام، وهو أمر يتفق معه كثيرون في الغرب. وقال مسؤول غربي رفيع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته: «نتحدّث عن منتجات مكررة يستخدمها الجيش، لذلك فإنها أهداف عسكرية مشروعة تماماً». وأضاف: «يضغط ذلك على آلة الحرب الروسية».

لكن مع تواصل الحرب على مدى عامين ونصف العام، تفيد تقارير بأن الجانبين يشعران بالإنهاك من استهداف مواقع الطاقة. وذكرت «واشنطن بوست» في منتصف أغسطس (آب)، أن الجانبين أرادا التوصل إلى اتفاق بشأن وضع حد للهجمات على منشآت الطاقة في إطار «وقف جزئي لإطلاق النار»، لكن هجوم أوكرانيا على منطقة كورسك أخرج الخطط عن مسارها. وقلل مصدر في الرئاسة الأوكرانية من أهمية المقترح، قائلاً إن كييف خططت لاجتماع بشأن أمن الطاقة، لكن مع البلدان التي شاركت في قمة يونيو (حزيران) للسلام في سويسرا فحسب، وهو اجتماع لم تُدعَ إليه روسيا. وقال مسؤول في الاستخبارات العسكرية الأوكرانية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الضربات ستتواصل في الوقت الحالي». وأضاف أن «عددها ومداها يزدادان».

ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع قولها السبت، إن قوات روسية ضربت منشآت للطاقة في أوكرانيا الليلة الماضية، مستخدمة أسلحة عالية الدقة وطائرات مسيرة. وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الجمعة، خلال زيارة لكييف، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم إقراض أوكرانيا 35 مليار يورو (39 مليار دولار) من فوائد الأصول الروسية المجمدة لديه مع اقتراب فصل الشتاء، بينما تواصل روسيا هجماتها على البنى التحتية للطاقة في البلاد.

وحذرت الوكالة الدولية للطاقة الخميس، من أن الشتاء المقبل سيكون «الاختبار الأشد حتى الآن» لشبكة الطاقة في أوكرانيا، بينما أعلن الاتحاد الأوروبي عن مساعدات إضافية لتمكين البلاد من الصمود في وجه هجمات روسيا على البنى التحتية للطاقة.

وبحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة فإنه في عامي 2022 و2023 «نحو نصف قدرة توليد الطاقة في أوكرانيا، إما تم احتلالها من قبل القوات الروسية أو تدميرها أو تخريبها، وتضرر نحو نصف محطات الشبكة الكبيرة بسبب الصواريخ والطائرات من دون طيار». وقال التقرير: «نجحت منظومة الطاقة بأوكرانيا في اجتياز الشتاءين الماضيين (…) لكن هذا الشتاء سيكون، إلى حد بعيد، أصعب اختبار لها حتى الآن».

ومع خسارة أوكرانيا أكثر من ثلثي قدرتها على إنتاج الكهرباء منذ بدء الحرب، حذر التقرير من «فجوة هائلة بين إمدادات الكهرباء المتاحة والطلب في أوقات الذروة».

وعندما أطلقت أوكرانيا عملية عسكرية كبيرة لاستهداف منشآت النفط والغاز الروسية قبل 9 أشهر، كانت أهدافها واضحة: الإضرار بموسكو مالياً وتعطيل البنى التحتية المستخدمة لدعم الغزو. لكن بينما حدّت الضربات من إمكانات التكرير الروسية، كان التأثير الأوسع على القطاع محدوداً حتى الآن.

وتعدّ مصافي التكرير ومخازن النفط قوة هائلة محرّكة للاقتصاد الروسي، إذ ولّدت عائدات تصدير بقيمة أكثر من 17 مليار دولار في يوليو (تموز)، بحسب كلية كييف للاقتصاد. ومنذ ضربت محطة أوست-لوغا الروسية الضخمة للوقود المطلة على بحر البلطيق في يناير (كانون الثاني)، أعقبت أوكرانيا التحرّك بعدة هجمات استهدفت 10 مصافٍ روسية على الأقل.

وخفضت الضربات مجتمعة إمكانات التكرير الروسية بنحو «16 في المائة» بمرحلة ما في مارس (آذار)، أو ما يعادل نحو 1.1 مليون برميل يومياً، بحسب رئيس قسم الطاقة الروسية لدى شركة «إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس» (S&P Global Commodity Insights) للتحليل، ماثيو سيغرز.

وردّت شركات النفط الروسية سريعاً على الهجمات المتكررة، إذ سارعت لإعادة تشغيل المصافي والحصول في بعض الحالات على أنظمة دفاعية خاصة بها.

وقال سيرغي فاكولنكو من مركز «كارنيغي لروسيا وأوراسيا»: «عاد كثير من المصافي للعمل بعد أسبوعين أو ثلاثة من أعمال الصيانة»، رغم أنه حذّر من أن الأمر يعتمد على حجم الأضرار. كما تمكّنت شركات كبرى من إعادة تحويل النفط إلى مواقع بعيدة عن أوكرانيا، بحسب سيغرز. وفي بعض الحالات «استخدمت دفاعاتها الخاصة بها». وقال: «اشتروا أسلحة نارية مضادة للطائرات، وثبّتوا وجلبوا شبكات معدنية مضادة للمسيّرات».

وقال الكرملين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الضربات الأوكرانية كان لها تأثير «محدود للغاية». لكن نائب رئيس الوزراء المعني بشؤون الطاقة ألكسندر نوفاك، أقر بأن منعها «بنسبة 100 في المائة أمر مستحيل».

ومددت الحكومة الروسية أيضاً حظراً لصادرات البنزين حتى نهاية العام، في خطوة تقول إنها نتيجة خضوع المصافي إلى «أعمال صيانة مقررة مسبقاً». لكن محللين ربطوا القرار بهجمات كييف.

وبعد أعمال الصيانة التي تم القيام بها في الأشهر الأخيرة، تراجع حجم إمكانات التكرير الخارجة عن الخدمة «إلى صفر في المائة تقريباً»، بحسب سيغرز، باستثناء منشأة كبيرة استُهدفت في موسكو مطلع سبتمبر (أيلول). لكن الضربات بقيت موجعة بالنسبة لموسكو.

وقال سيغرز إن تكلفة الأضرار «تتراوح من بضعة ملايين إلى عشرات ملايين الدولارات» لكل ضربة.

ويقع أكثر من 60 في المائة من مصافي روسيا الكبيرة البالغ عددها 30 أو نحو ذلك (وهي مجمّعات كبيرة عادة يسهل استهدافها)، ضمن مسافة 1300 كيلومتر عن مواقع إطلاق المسيّرات في أوكرانيا.

وبالنسبة لأوكرانيا، فإن القدرة على تعطيل المصافي باستخدام «من 5 إلى 50 كيلوغراماً من المتفجرات» تتجاوز في أهميتها بأشواط تكلفة تنفيذ الضربات بالمسيّرات، بحسب فاكولينكو الذي أعد تقريراً في هذا الشأن. وقال إن «كل هجوم يكلّف على الأرجح ما بين مليون و5 ملايين دولار لكل غارة وموقع، وهو ثمن ضئيل نسبياً لمهاجمة هدف بمليارات الدولارات».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى