رأي

استمرار الدعم الأردني وتقديم العون للأشقاء في غزة

كتب د. كميل الريحاني في صحيفة الدستور.

يواصل الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مواقفه الثابتة والراسخة في دعم الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة الذي عانى ما عانى من دمارٍ ومعاناةٍ إنسانية كبيرة. فرغم إعلان وقف إطلاق النار، لم تتوقف الجهود الأردنية يوماً عن تقديم الدعم والعون للأشقاء في غزة، سياسياً وإنسانياً وطبيّاً، حتى وإن تجاهل البعض حجم هذا الدور النبيل الذي تقوم به المملكة بصمتٍ وصدقٍ وإخلاص.

دعم مستمر لا يعرف التوقف

منذ الأيام الأولى للأزمة، كان الأردن في مقدمة الدول التي سارعت إلى مدّ يد العون لأهالي غزة، عبر قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية والطبية التي لم تنقطع حتى بعد وقف إطلاق النار. فالموقف الأردني ليس مرتبطاً بالحدث أو العنوان السياسي، بل هو موقف مبدئي وإنساني نابع من عقيدة الهاشميين في نصرة المظلومين ودعم الأشقاء وقت الشدّة.

تواصلت القوافل الأردنية بإشراف الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، وبالتنسيق مع وكالة الأونروا والمنظمات الإنسانية الدولية، حاملة المواد الغذائية والطبية والإغاثية إلى داخل القطاع. كما استمر عمل المستشفيات الميدانية الأردنية التي أقيمت في غزة منذ سنوات، لتقدّم الرعاية والعلاج للجرحى والمرضى، وتخفف من معاناتهم اليومية.

العمل بصمت… بعيداً عن الأضواء

ما يميز الجهد الأردني أنه لا يسعى إلى الاستعراض الإعلامي أو الظهور على حساب معاناة الآخرين، بل يعمل في الميدان بصمتٍ وإخلاص، واضعاً نصب عينيه واجبه الإنساني قبل أي اعتبار آخر.

ففي الوقت الذي انشغل فيه البعض بتبادل الاتهامات وتسجيل المواقف، كانت فرق الإغاثة الأردنية تعمل ليل نهار داخل غزة، تمدّ يد المساعدة، وتعيد الأمل إلى قلوب المنكوبين.

وقد قال جلالة الملك عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة:

«نحن لا نبحث عن شكرٍ أو إشادة، بل عن إنقاذ أرواحٍ وإنهاء معاناةٍ مستمرة، فهذه هي رسالتنا ومسؤوليتنا تجاه أشقائنا في فلسطين.»

الدور الطبي الإنساني الأردني

تعدّ المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة من أبرز مظاهر هذا الدعم الإنساني المتواصل، إذ قدّمت خدماتها لعشرات الآلاف من المرضى على مدار السنوات الماضية، دون تمييز أو انقطاع حتى في أحلك الظروف. وتعمل الطواقم الطبية الأردنية باحترافٍ وتفانٍ، مقدّمة نموذجاً فريداً في الطب العسكري الإنساني الذي يجمع بين المهنية العالية والروح الأخوية.

كما أن المساعدات الطبية والغذائية التي أرسلها الأردن بعد وقف إطلاق النار جاءت لتسدّ النقص الكبير في المواد الأساسية داخل القطاع، وتساعد المستشفيات المحلية على استعادة قدرتها في تقديم الرعاية للمدنيين.

موقف ثابت ومبادئ راسخة

إن دعم الأردن لغزة ليس موقفاً طارئاً أو مرتبطاً بتطورات سياسية آنية، بل هو امتدادٌ لموقف تاريخي ثابت منذ تأسيس الدولة الأردنية. فالقضية الفلسطينية في وجدان الأردنيين ليست مجرد قضية عربية، بل قضية شرف وكرامة وهوية، ولذلك يحرص الأردن على إبقائها حيّة في ضمير الأمة مهما تغيّرت الظروف. وقد أكّد جلالة الملك مراراً أن السلام العادل لا يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وبينما يسعى الأردن لتثبيت وقف إطلاق النار، فإنه يعمل أيضاً على ضمان استمرار تدفق المساعدات، ودفع المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته تجاه إعادة إعمار القطاع.

تجاهل لا يغيّر الحقيقة

قد يتجاهل البعض حجم الدعم الأردني لغزة، إما عن قصدٍ أو جهلٍ، إلا أن الحقائق على الأرض لا يمكن إنكارها.

فالمستشفيات الأردنية تعمل، والقوافل الأردنية تصل، والدبلوماسية الأردنية تتحرّك، والقيادة الأردنية تواصل نداءها للعالم من أجل إنهاء المأساة الفلسطينية.

إنها أفعال تتحدث بصوتٍ أعلى من الكلمات، ومواقف تؤكد أن الأردن لا يطلب الثناء، بل يعمل من أجل الواجب والمبدأ.

يستمر الأردن، رغم كل التحديات، في نصرة غزة ودعم صمود شعبها، ماضياً على درب الهاشميين في العمل بصمت، والوفاء بالوعد، والإخلاص للأشقاء.

فالدعم الأردني لغزة لم يكن يوماً فعلاً موسمياً، بل هو نهج دولة وضمير شعب يرى في مساعدة الفلسطينيين واجباً أخوياً قبل أن يكون التزاماً سياسياً.

ورغم تجاهل البعض لهذا الدور، تبقى الحقيقة واضحة:

الأردن كان وما يزال السند الأقرب والأصدق لغزة، صوت الحق في وجه الظلم، ويد الخير الممتدة في زمن الحاجة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى