استقالة وزراء “التيار” ونوابهم… على الطاولة
كتب رضوان عقيل في “النهار”: يمر”التيار الوطني الحر” في مخاض سياسي أكثر من صعب حيث لم يعد في استطاعة كتلته النيابية وكوادره وقواعده اخفاء هذا الكم من التحديات التي يواجهها قبل أربعة اشهر من الانتخابات النيابية، وهو يستنزف عناصر قوته جراء التهديدات التي تلاحقه من كل حدب وصوب. وكان أشدها اخيراً خسارته الطعن الذي قدمه امام المجلس الدستوري، ولا سيما في مسألة تصويت المغتربين المسجلين حيث سيكون لهم تأثير كبير في الخارج على المقاعد المسيحية الـ 6 وعدم حصر تأثير هذه الكتلة الناخبة الوازنة في الدياسبورا بثلاثة مقاعد مسيحية من اصل 6 التي طارت بفعل التعديلات التي ادخلت على قانون الانتخاب. ومن غير المستغرب هنا الحسم والقول ان “التيار الوطني الحر” يتعاطى مع الاستحقاق المقبل على شكل حياة او موت. ولم يأت عون في كلمته امس بمواقف جديدة تخرج عن الادبيات التي ينادي بها منذ انتخابه رئيساً والتي لم يسع الى تحقيقها منذ انتخابه، لكنه حمل في شكل واضح ثنائي “أمل” وحزب الله” مسؤولية تعطيل الحكومة وحصيلة خلاصة ما وصل اليه “الدستوري” التي لم تصب في مصلحته. ومن المتوقع ان لا تؤدي دعوته لعقد طاولة حوار بين الافرقاء الى نتيجة، لأن ثمة جهات عدة لن تستجيب لمثل هذ الدعوة. ويبقى في مكان ما وكأنه سلم بالانهيار الحاصل مع اعلان تبرئته من المنظومة الحاكمة في البلد مع تغاضيه انه كان في مقدم أركانها.
وكان عون عبر عن مكنوناته هذه في بكركي وشكا للبطريرك بشارة الراعي عدم قبوله بالتفرج على هذا المشهد المفتوح في البلد والذي يتجه نحو المزيد من الانهيارات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. ولم يخف في “اعترافاته السياسية” هذه امام سيد بكركي ان فريقه مهدد وان مسؤوليته الوطنية تدعوه الى قول كامل الحقيقة ووضع النقاط على الحروف. وصارحه بأنه لن يقبل السكوت بعد اليوم على كل ما يرافق هذه الحالة السيئة التي تهدد المواطنين حتى لو كلفه هذا الامر الافصاح عن كلام شديد اللهجة في حق حليفه “حزب الله”.
ومن المؤكد ان عون لن يقدم على فك ارتباط فريقه السياسي مع “حزب الله” ولن يصل معه الى حدود تفجير تفاهم مار مخايل على اساس ان هذا الموضوع يعود الى “التيار” ورئيسه جبران باسيل الذي سيتطرق الى هذه النقطة في الاسبوع الاول من السنة الجديدة. ومن المتوقع ان لا يخفي عون هنا عتبه على حليفه الحزب الذي كان الفريق السياسي الاول في ايصاله الى الرئاسة. وبات من الواضح ان العونيين لا يخبئون ان استمرار تعطيل الحكومة سيضعهم في موقع لا يحسدون عليه ولا يستطيعون تحقيق ما سيسعون اليه لانطلاقة مشاريع اصلاحية لجبه الفساد والاظهار انهم من خارج المنظومة التي ينتقدونها. ويريد قياديون عونيون فك الارتباط مع الحزب الامر الذي يحررهم في الوقت نفسه من الانتقادات التي يتلقونها في البيئة المسيحية ، لكن في المقابل فان سلوك هذا الخيار دونه عقبات في الانتخابات النيابية، ولا سيما ان اكثر من مقعد نيابي لن يستطيع العونيون تأمين حاصله من دون الاصوات الشيعية.
وعلى خط الحكومة يعتبر “التيار” انه أول الخاسرين انطلاقا من جملة من المسائل في حال لم تلتئم الجلسات الوزارية مع تحميله الرئيس ميقاتي عبء هذه المسؤولية. وان مواصلة هذا المناخ القائم مع مرور الايام من الرزنامة الرئاسية في سنتها الاخيرة سيوصل العونيين الى معركة انتخابية سيكون اول الخاسرين فيها على عكس بقية الافرقاء داخل الحكومة الذين سيحافظون على حضورهم وعدم خسارتهم مقاعدهم النيابية.
ويشار بحسب رؤية عونية الى ان وطأة عدم انعقاد الحكومة لا يضر بقية مكوناتها كما يصيب الفريق العوني الذي يفتش عن تحقيق انجاز في التدقيق الجنائي المالي اوغيره من الملفات ليثبت لقواعده اولا واللبنانيين ثانيا، انه أول من يحمل “خشبة الاصلاح” وانه بريء من القوى الاخرى التي تربطها مصالح مالية واقتصادية مع مصرف لبنان واصحاب المصارف وانها تتعاون جميعها لتمرير الوقت في انتظار انهاء ولاية عون.
ولذلك هناك اجماع داخل “التيار” يقول ان التكيف مع هذا الستاتيكو قد يدفعه الى الطلب من الوزراء الذين يمثلونه في الحكومة الاستقالة وان لا يكتفوا بذلك بل قد يفعلون الفعل نفسه في مجلس النواب وعلى لسان النائب جبران باسيل بهدف تحميل الجميع مسؤولياتهم. وفي هذه الحالة تصبح الحكومة مستقيلة وفي حالة تصريف الاعمال. ومن هنا وصل العونيون الى هذه الخلاصة حيث يعتبرون ان اقسى الضربات تسقط على رؤوسهم وتستهدفهم من حلفاء لهم زائد خصومهم في البيئة المسيحية.