رأي

استقالة حكومة اشتية ـ ضغوط أم ترتيبات لما بعد حرب غزة؟

DW:

قبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس استقالة حكومة اشتية التي تشكلت عام 2019 وكان في صلب مهامها المصالحة الفلسطينية والتحضير للانتخابات، لكن ذلك لم يتحقق. لكن ما مغزى الاستقالة في هذا التوقيت بالذات في أوج الحرب في غزة؟

أعلنت رئاسةالسلطة الفلسطينية في بيان اليوم الاثنين (26 فبراير/ شباط 2024) أن رئيس السلطة محمود عباس قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية وتم تكليفه وحكومته بتسيير أعمال الحكومة مؤقتا، إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وكان اشتية قد أعلن في وقت سابق اليوم استقالة حكومته، مشيرا الى أن هذه الخطوة تأتي “على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس”.

وأضاف “أرى أن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحّة إلى توافق فلسطيني فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين”. وتعتبر حكومة أشتية الثامنة عشر منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في عام 1994، حيث إنها تشكلت في نيسان/ أبريل 2019، وأوكلت لها مهمة المصالحة الفلسطينية والتحضير للانتخابات التي تأجلت لاحقا، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق.

وتمثل الحكومة ائتلافا سياسيا يضم قوى من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وهي: حركة فتح، وحزب الشعب الفلسطيني، وحزب فدا، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وشخصيات مستقلة.

ضغوط خارجية على السلطة

تأتي استقالة حكومة اشتية في ظل ضغوط أمريكية متزايدة على عباس لإجراء تغييرات في السلطة الفلسطينية، وفي وقت تتناول الاتصالات الدبلوماسية التي تشارك بها دول عدة حول مرحلة ما بعد الحرب مسألة “إصلاح السلطة الفلسطينية” التي يرأسها عباس (88 عاما) منذ عام 2004.

وتراجعت شعبية عباس كثيرا منذ سنين في أوساط الفلسطينيين ويتعرض لانتقادات بسبب “عجزه” إزاء الحرب الدائرة في قطاع غزة والتصعيد المستمر في الضفة الغربية المحتلة. وهو يرأس حركة فتح التي طُردت من قطاع غزة إثر مواجهات مع حركة حماس التي تحكم القطاع منذ عام 2007. 

ويرى المحلل السياسي خليل الشقاقي أن الحكومة الفلسطينية “تعرضت لضغوط للإقدام على هذه الخطوة، يبدو أن عباس يريد أن يظهر للعالم أنه مستعد لإجراء بعض التغييرات … لكن الإصلاح الحقيقي الوحيد سيكون بتنحيه”. وأضاف لوكالة فرانس برس “هذه أول خطوة يقوم بها منذ السابع من (تشرين الأول/أكتوبر)، فهو لم يحمِ شعبه في الضفة الغربية ولم يحرك ساكنا من أجل غزة”. وبحسب الشقاقي “سيحصل عباس على حكومة موالية له، هذا عرض رجل واحد”.

أما المحلل السياسي غسان الخطيب فقال إن استقالة حكومة اشتية لم تأت من باب التحدي لعباس، بل هي وسيلة للسلطة الفلسطينية تدفعها نحو إجراء إصلاحات وخصوصا ما بعد الحرب في غزة ، معتبرا أنه يريد أن يظهر استعداده لتشكيل حكومة تكنوقراط “تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد الحرب”.

ترحيب أمريكي بإصلاح السلطة نفسها

ويمكن فهم الموقف الأمريكي في هذا السياق، حيث أشادت الولايات المتحدة بالإصلاحات التي تنفذها السلطة الفلسطينية باعتبارها خطوة نحو إعادة توحيد الضفة الغربية مع قطاع غزة بعد استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر لصحافيين “نرحب بالخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لإصلاح نفسها وتجديدها”.

وأوضح ميلر أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن شجع السلطة الفلسطينية على “اتخاذ تلك الخطوات” خلال محادثات مع عباس. وأضاف “نعتقد أن هذه الخطوات إيجابية. ونعتقد أنها خطوة مهمة لتحقيق إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية”.

ودعا بلينكن السلطة الفلسطينية ومقرها رام الله إلى بسط سيطرتها على قطاع غزة بعد الحرب، وهي فكرة لم تؤيدها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

أسئلة مفتوحة

ورأى الخطيب أن عباس “يريد أن يظهر للوسطاء أنه مستعد للمضي في هذا الطريق”، مقدرا أن الحكومة الفلسطينية الجديدة ستشمل وزراء من حركتي فتح وحماس. وأضاف لوكالة فرانس برس “إذا توصل عباس وحماس إلى اتفاق، فستكون هذه مرحلة جديدة في المشهد السياسي الفلسطيني، هذا مهم لأن الحركتين حاولتا مرارا التقارب دون جدوى”.

ولكن الخطيب لا يستبعد إمكان “فشل هذه الخطوة بشكل كامل لأن هناك عدة أسئلة لم تجد إجابات مثل تركيبة حكومة التكنوقراط وحجم مسؤوليات حماس في غزة”. بيد أن إسرائيل تتعهد بالقضاء على حماس وتقول إنها لن تقبل أن تحكم السلطة الفلسطينية قطاع غزة بعد الحرب لأسباب أمنية.

يذكر أن  حركة حماس ، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

ويقول زعماء فلسطينيون إن قدرة السلطة على ممارسة الحكم بفعالية عرقلته فعليا القيود الإسرائيلية التي شملت حجب عائدات الضرائب المستحقة بموجب اتفاقات أوسلو. ولم تتمكن السلطة منذ أشهر من دفع رواتب موظفي القطاع العام كاملة بسبب خلاف حول رفض وزارة المالية الإسرائيلية الإفراج عن جزء من الأموال.

ويرى البعض أن رحيل اشتية يمثل تحولا رمزيا يؤكد تصميم عباس على احتفاظ السلطة الفلسطينية باضطلاعها بالقيادة مع تزايد الضغوط الدولية لإحياء جهود قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. ويرفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو “الاعتراف الأحادي الجانب” بدولة فلسطينية. ويقول إن التسوية مع الفلسطينيين لن تتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، دون تحديد ذلك الطرف الفلسطيني.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى