رأي

استجواب الرئيس ما له وما عليه

كتب م. عادل الجارالله الخرافي في صحيفة السياسة.

في استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء، كان الاثنان، المستجوِب والمستجوَب، حالفهما التوفيق، وكان مشهد المساءلة السياسية من المشاهد المهمة في تعزيز الرقابة البرلمانية، واسلوب التجاوب معها، فكان الاستجواب علنيا، وتجاوب معه سمو الرئيس في الحال، وقدم الإجابة عن محاوره وبالاهتمام المطلوب.
لعل أبرز ما بيّنه الاستجواب ان رئيس مجلس الوزراء اكتسب خبرة في الحوار، لم نشهدها في خطاباته السابقة، رغم ان البعض توقع، في ضوء ذلك، ان يحصل بعض التعثر، إلا أن رئيس مجلس الوزراء بيّن قدرة في الخطاب بأريحية.
وقد كان الرئيس السابق لمجلس الوزراء لديه خبرة في هذا المجال وأثبتت أهمية الخبرة في المنصب القيادي، لكن، رغم ما ذكرت، فإن لكل حسام هفوة، فهفوة سمو الرئيس أضرت بردوده، وتلك الهفوة “تحبني” أو “تكرهني” أو “يبي راسي”، وهي مفردات غير محمودة في الخطاب السياسي البرلماني، فما بالنا ان تكون من رئيس مجلس وزراء، مما نقل الحوار من اسلوب المساءلة السياسية الجادة إلى منحى العلاقة الشخصية، بل استطرد في ذلك لتحويل مسببات الاستجواب إلى أسباب شخصية، وهو ما كان ينبغي على سمو الرئيس اللجوء اليه بعد أن كان قد أبلى بلاء حسنا فيما سبق ذلك.
ربما سبب ذلك يعود الى ما ينقل الى سمو الرئيس من المحيطين به، من وشايات الخصومة والعداوة، التي ينبغي ان ينتبه اليها سموه، فيحسن الاختيار من ذوي المصداقية والخبرة، وعلى العكس من ذلك، كانت مداخلات النائب المضف موضوعية وسلسة التناول والعرض، إلا أن كليهما لم يلتزم بمحاور الاستجواب.
وأيا كان ما قيل عما سبق الاستجواب من قرارات، فإنه يتعين على الجميع، النائب والوزير، الحذر من تحويل الاستجواب من أداة رقابية إلى أداة سياسية بغرض الابتزاز، أو تحقيق أهداف لا علاقة لها بالاستجواب، فذلك، بالفعل، ما يلحق ضررا بهذه الأداة، وإذا ما تمت الاستجابة للابتزاز وضغوط الاستجواب، فإن ذلك ستكون له نتائج كارثية على سلامة الممارسة الديموقراطية.
ايا كانت نتائج استجواب النائب المضف، فإنه يفضي الى مجموعة من الدروس والعبر التي يتعين أخذها بالاعتبار، أولها: ضرورة الرد على الأسئلة البرلمانية، وعدم تجاهلها، فهي اهم أداة للرقابة البرلمانية ووسيلة للعلنية والشفافية، ولا ينبغي أن يُقيد فيها النائب. ثانيها: يجب عدم الركون الى دعم الاغلبية في كل الأحوال، وكذلك يجب الموازنة بينها وبين الأقلية حتى لا يكون القرار رهينا لها.
أما ثالثها: فهو أن الاستجواب، مهما كانت القواعد والضوابط الدستورية المحددة له، فهو فرصة لعرض الخطاب السياسي، وتبادل الاطروحات والرؤى الوطنية بين المؤيد والمعارض، والشعب الكويتي في نهاية المطاف هو من يقرر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى