اتفاق على تطيير الـ«كابيتال كونترول»
كتبت ندى ايوب في “الاخبار”:
لا يمكن فهم ما جرى في جلسة اللجان المشتركة أمس، خارج إطار تطيير قانون الـ«كابيتال كونترول». فلو كانت النيّة موجودة، لكانت الدعوة إلى اللجان المشتركة تضمنت عرض الصيغ الثلاث للمشروع، وليس فقط تلك التي هبطت بـ«الباراشوت» على اللجان. يعكس هذا الأمر رغبة السلطة في إقرار القانون، أو المماطلة فيه. إذ يمكن أن تناقش اللجان كل الصيغ وتعديل أي منها ولو تطلّب الأمر بضع جلسات. لكن، حصراً، عُرض مشروع نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ما سهّل إسقاطه شكلاً قبل النقاش في المضمون. لا بل يقال إن الخلاف مصدره الأساسي بين الوزراء الذين بغالبيتهم كانوا يرفضون إقرار مشروع الشامي، وأنهم تناقلوا مجموعة تسجيلات صوتية على الواتساب بهذا الخصوص.
وكما غطّ المشروع الهجين في مجلس النواب، طار عائداً إلى الحكومة. فمعظم النواب شدّدوا على أن يرِدَ وفق الأصول من الحكومة، وأن يتضمن أسباباً موجبة تحدّد ضرورة هذا القانون في سياق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أي أن يكون إقراره شرطاً من شروط الصندوق لتوقيع اتفاق برنامج تمويلي معه. ولا يرى النواب أن هذا الأمر سبب لإهمال الصيغتين المعدّتين في لجنتَي «المال والموازنة» و«الإدارة والعدل»، اللتين لم تعرضا على اللجان المشتركة بعد رغم أن هيئة رئاسة مجلس النواب فضّلت عرض الصيغ الواردة بلا توقيع وبشكل مخالف للأصول. فهذه هي المرّة الثانية التي تعرض فيها صيغة لقانون الكابيتال كونترول أعدّت في مطبخ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، من دون أن تعرض على مجلس الوزراء بحجّة أنها تتضمن ملاحظات صندوق النقد، ومن دون أن يتبنى أحد أنها تتضمن هذه الملاحظات أو حتى يتبناها بشكل واضح. وهذه الملاحظات تتمحور حول ضبط تقييد الاستيراد والاستهلاك.
هكذا ولدت الصيغة الثانية المعدّة على يد سعادة الشامي ــــ نقولا نحاس. وزّعت قبل أيام نسخة أولية، ثم وزّعت نسخة معدّلة مساء أول من أمس. أثارت فكرة عدم تبنّي هذه النسخة الكثير من الانتقادات. كان أول المتحدثين رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، فاعتبر الأمر مخالفاً للنظام الداخلي لمجلس النواب، إذ يتعيّن على النائب أن يسجّل اقتراح القانون وأن يُرسل ضمن جدول أعمال الجلسة قبل 48 ساعة من انعقادها. في الشكل أيضاً، اعترض كنعان لكون المادة 18 من الدستور تمنح المبادرة التشريعية للحكومة ولمجلس النواب، بينما الاقتراح المعروض للنقاش غير متبنّى من أيٍّ من المؤسستين. ورفض كنعان «اختصار الدولة بكل مؤسّساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية بلجنةٍ تمنح صلاحيات استنسابية لمدة 5 سنواتٍ، وهي على هواها تقرر من تلاحق ومن لا تلاحق». هدد كنعان بالانسحاب من الجلسة في حال عدم ختم النقاش بهذا الموضوع، وطلب من الحكومة إحالة مشروع قانونٍ يتّفق عليه مجلس الوزراء، ويحدد في أسبابه الموجبة حقيقة الوضع مع صندوق النقد الدولي.
بعدها انتقل الكلام إلى النائب جورج عدوان. النائب القواتي وصفها بـ«اللقيطة» متوافقاً مع كنعان في الملاحظات الشكلية، ومطالباً الحكومة بإرسال مشروعٍ «ينكبّ المجلس على دراسته ليل نهار، شرط أن يحمي حقوق المودعين ويشرح كيفية استعادة ودائعهم». إذ إن ما يطرح برأيه «هو تغيير النظام المالي برمّته من قبل لجنة وليس من قبل الحكومة، ووضع المجلس النيابي أمام خيارَين: إما تشريع عملية الاستيلاء على أموال المودعين عبر هذا الاقتراح، وإما القول إن المجلس لا يريد الكابيتال كونترول»، منتقداً عدم إعلام النواب بالخطة التي يجري التفاوض عليها مع صندوق النقد بقوله: «نائب رئيس الحكومة يكلّمنا عن خطة لا تزال سرية، ولا أحد يعلم بها إلا من أوصل البلد إلى ما هو عليه اليوم».
كنعان: مشروع يختصر الدولة بلجنةٍ تُمنح صلاحيات استنسابية لمدة 5 سنوات
وبانتهاء مداخلة عدوان، أخذ النائب حسن فضل الله الكلام، وفي محاولةٍ لإعادة تصويب النقاش، طالب فضل الله نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي بالإجابة عن الاعتراضات الشكلية لكل من عدوان وكنعان، لـ«وضع الأمور في نصابها»، فقدّم الفرزلي شرحه وفحواه بأن «لا مخالفة للأصول، إذ إن اللجنة تناقش اقتراح قانون كان معروضاً في الهيئة العامة للمجلس ووصل إلى اللجان المشتركة وبناءً على طلب النواب رأي الحكومة حول إذا ما كان الاقتراح يتناسب وملاحظات صندوق النقد، أُرسلت هذه الورقة كإجابة». وتوقّف فضل الله عند ضرورة أن يوقّع رئيس الحكومة النسخة المرسلة، مشيراً إلى أن لبنان بحاجة إلى «كابيتال كونترول»، وليس «كابيتال فورمات»، إذ إن المشروع المعروض «أشمل ويتعارض مع الكثير من القوانين النافذة». وركّز معارضته على أمرين: سقف السحوبات، وعدم حفظ القانون لأموال المودعين, وشدّد على أن إمرار اقتراح كهذا لن يحصل تحت ضغط الوقت، و«إن كان التسريع بإقرار قانون يوقف التحويلات المستمرّة، ويقترن بخطة التعافي أكثر من ضرورة».
من حيث المبدأ، لا يعارض فضل الله تشكيل اللجنة، إنما تقلقه «الصلاحيات الكبيرة»، واتساع المدى الزمني لتطبيق هذا القانون، مشيراً إلى ضرورة تقليصه إلى سنة واحدة كحدٍّ أقصى بدلاً من خمس سنوات. وكان لافتاً أن موقف النائب سمير الجسر تعارض مع زميله في تيار المستقبل محمد الحجار، إذ طالب الأخير ومعه النائب ميشال ضاهر بنقاش المضمون انطلاقاً من أن المصارف بحاجة إلى قانون كهذا.