رأي

إيكونوميست: هل تستطيع ليز تراس حل مشاكل بريطانيا المتعددة.. الراديكالية في الخطاب لا تكفي

نشرت مجلة “إيكونوميست” افتتاحية حول قدرة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس على حل مشاكل بريطانيا، مضيفة أن طاقم حملتها أرسلوا تغريدة أثناء معركة التنافس على رئاسة الوزراء: “ستتعامل مع الوضع منذ اليوم الأول”، وتم التعامل مع المنشور بنوع من النقد، ورغم تعديله إلا أنه أشار وعن غير قصد لحجم المشاكل التي تواجه رئيسة الوزراء الجديدة.

وبعد دخولها 10 دوانينغ ستريت أمام تراس وظيفة ضخمة. وتأتي أزمة الطاقة على رأس كومة من الأولويات، كما هو الحال مع الحكومات الأوروبية. وتعتبر ورطة بريطانيا أسوأ من أماكن أخرى، لأنها تعتمد على الغاز. وزاد التضخم بمعدلات عالية وبأرقام مزدوجة. وتوقع البعض أن يصل إلى 20% في 2023.

وقبل أن تفوز تراس بفترة قصيرة توقع “ريزليشين فاونديشين” وهو مركز بحث أن الانخفاض في الدخل الحقيقي سيمحو كل النمو في الدخل منذ عام 2003. وتؤثر الاضرابات على شبكات النقل والنظام الجنائي، وتعاني أجزاء من نظام الصحة الوطنية (أن أتش أس) من ترهل، وهناك حوالي ألف مريض ينتظرون أكثر من 12 ساعة في غرف الطوارئ. وخلف كل هذا محاولة إنعاش النمو والإنتاج البريطاني الذي ظل في مكانه منذ 15 عاما، بشكل أثر على مستويات الحياة وكفاءة الخدمات العامة. ولا أحد يمكنه حل كل هذه المشاكل في الفترة المتبقية للانتخابات العامة المتوقعة في كانون الثاني/يناير 2025. لكن هل تستطيع تراس البدء في إعادة حركة البندول؟.

والمتشككون لديهم أسباب حقيقة للشك، فسجلها في الحكومة ليس قويا. فقد حصلت على أقل دعم بين النواب المحافظين ضمن النظام الحالي، وقضت معظم الصيف وهي تقدم الوعود التي لا تستطيع الوفاء بها حتى لأعضاء الحزب. ومثل بقية حزبها تتمسك بخيال أن الخروج من الاتحاد الأوروبي كان جيدا. إلا أن الإجهاد من 12 عاما متتالية من حكم المحافظين يبدو واضحا في حكومة تراس التي ملأتها بالموالين، فيجب على وزير التجارة جاكوب ريز- موغ أن يوضع في المتحف بدلا من تكليفه بأي شيء. وفي الوقت نفسه فإن التقليل من قدرات تراس هو خطأ نقادها وعلى حسابهم.

وتتفق الصحافة مع موقف تراس لتقوية النمو الاقتصادي وأنه يجب أن يكون أولوية الحكومة. ويمكن لرؤساء الوزراء تحديد مسار الطقس من خلال رسائل مبسطة. فجونسون سلف تراس المتهور كانت رسالته هي “تعديل المستوى”، وكان هدفه هو التقليل من عدم المساواة بين المناطق، ويمكن أن تتبنى تراس رطانة كهذه من أجل خدمة النمو. ولديها ميزة من الراديكالية التي تتناسب مع خطورة المشاكل التي تواجه بريطانيا. وهي لا تتحلى بالصبر مع التقاليد التي تتطلبها الخزانة، وزارة المالية التي يجب أن تكون متطابقة مع وزيرها الجديد، كواسي كوارتينغ. وهي مستعدة لمساءلة الطريقة التي تدار فيها السياسات المالية، من ناحية تنظيمات المنفعة وصلاحيات بنك إنكلترا. ولديها الدهاء الذي مكنها من النجاة في الوزارات منذ ديفيد كاميرون. ولديها القدرة لإثارة الدهشة، وتحسن أداؤها منذ بداية حملتها لقيادة الحزب. ولكن الامتحان الرئيس لتراس هو كلفة المعيشة.

ويبدو أن خطة تراس هي التمسك بتعهداتها في الحملة ومعارضة تقديم المساعدات بل وتدخل الدولة من خلال حزمة مساعدات للسيطرة على الأزمة بقيمة 100 مليار جنيه، وستكون أكثر المساعدات السخية في أوروبا. وحقيقة قيام سيدة بالتعامل مع فاتورة الطاقة مهم، فصدمة الفواتير للعائلات والشركات تتطلب تدخلا قويا. ولكن الخطر، هو أن تتحول البراغماتية إلى تهور وتجاهل لمبادئ السوق الحر والمسؤولية المالية.

فهي تريد وضع حد للفواتير ومن الأفضل لو منحت المستهلكين خصما بدلا من التحكم الكامل. وزيادة في الاقتراض قد تجبر بنك إنكلترا على زيادة سعر الفائدة. وتقول المجلة إن رغبة تراس في تحفيز النمو، خلق “أمة ملهمة” كما قالت لا تزال بحاجة لتفاصيل. والخطر في أن تكون الصيغة التي تقترحها للنمو هي مزيج كاريكاتوري من تخفيض الضرائب ورفع القيود وتوبيخ بروكسل.

وتراهن تراس على العناوين في الأخبار حول تخفيض الضريبة كوسيلة لتحفيز النمو، مع أن الأدلة حول هذا غامضة في الأغلب، وما اقترحه ريشي سوناك، منافسها كان يعطي منطقا أفضل من ناحية تحفيز الإستثمار والإعفاءات الضريبية. كما أن تعهدها بالتخلص من كل قوانين الاتحاد الأوروبي بنهاية 2023 قد تفرح دعاة البريكسيت لكنها لن تكون مفيدة للتجارة. وهناك فرصة للتحول عن الاتحاد الأوروبي في مجالات معينة لكن التخلص منه بطريقة عشوائية ليس جيدا. وكما أن إثارة المشاكل مع الاتحاد الأوروربي حول وضعية إيرلندا الشمالية هو بمثابة تمثيل إيمائي راديكالي. وبدلا من إظهار البطولة في الخارج يجب إظهار الشجاعة في الداخل وفتح المجال أمام الجرافات للبناء وتسهيل عمليات الإنشاء للبيوت والمختبرات وطواحين الهواء حيث يحتاج إليها. والمصلح الحقيقي هو من يقوم بفتح مجال للنقاش حول الصحة الوطنية، وبخاصة أنها لم تشر إلا قليلا لدولة الرفاه باستثناء الحديث عن رفضها لضرائب جديدة وعدم خفض الخدمات العامة. والراديكالي الحقيقي هو من يتصدى لقاعدته ويزيد ضريبة الميراث ويصلح نظام المعاشات. ولو التزمت تراس بتوجيه وزرائها نحو تشجيع النمو وفتح المجال أمام رأس المال وتحقيق السياسات فربما فاقت التوقعات، لكن لو التزمت بأساليب الثمانينيات المتمثلة بخفض الضريبة وفرض المحاذير فسيتم تذكرها بالرجعية لا الراديكالية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى