إيقاف الحرب في غزة لصالح الجميع

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان واضحاً عندما قال مؤخراً «الجميع يريدون عودة الرهائن من غزة إلى ديارهم، وانتهاء الحرب»، وأردف قائلاً: إن بلاده تسعى إلى «إيجاد حل لهذه المشكلة لصالح الشرق الأوسط وإسرائيل وجميع الأطراف».
وقف الحرب بات ضرورة ملحة في ظل استمرار هذه المأساة في غزة قرابة العامين، والتي لم تبقِ بشراً أو حجراً إلا وأتت عليه، وما زالت إسرائيل تبشر بما هو أسوأ على الرغم من كل ما اقترفته في حق غزة وأهلها وحق الإنسانية جمعاء.
الرئيس ترامب قال إن إسرائيل قد قبلت شروطه، وفي الوقت نفسه فإنه وجّه لحماس إنذاراً أخيراً، والأخيرة أعلنت أنها جاهزة للمفاوضات، ومستعدة لإطلاق جميع الأسرى. طالما توفرت الإرادة الأمريكية التي طُولِب بها كثيراً لكي تتوقف هذه الحرب، فبالإمكان الذهاب بعيداً، ليس فقط بخصوص صفقة تضمن إطلاق المحتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل، وإنما السير قدماً في طريق وقف العمليات العسكرية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، والسماح بإدخال الاحتياجات المعيشية لأهالي غزة، هذه الاحتياجات التي تمثل أحد حقوقهم الأساسية، والتي ما كان لها أن تتوقف.
قطاع غزة ليس فقط في حاجة إلى الغذاء والماء والكهرباء والدواء، وهو ما منعته عنه إسرائيل، ومن ثم كانت النتيجة ما نراه من مجاعة رسمية، وانهيار قطاعات الخدمات، وعلى رأسها الصحة والتعليم، وإنما في حاجة إلى أن يشعر الناس بالسكينة والاطمئنان بعد عامين من النزوح المتكرر المصحوب بألم الفقد وآلام الجراح، وألم الجوع، ومن ثم الشروع في عملية بناء وإعادة إعمار.
التسريبات التي حملتها وسائل إعلام إسرائيلية حول المقترح الأمريكي الجديد تشير إلى أنه يتضمن نقاطاً مهمة إلى جانب موضوع الأسرى، من بينها أنه سيتم وقف العملية العسكرية الإسرائيلية المعروفة بعربات جدعون 2، وكذلك وجود مسار تفاوضي يشرف عليه الرئيس الأمريكي حتى تتوقف الحرب كلية.
ينبغي أن يكون ذلك مقدمة لعملية تفاوض حقيقية من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة استناداً إلى الحق الفلسطيني الأصيل في تقرير المصير، وإلى المرجعيات الدولية الواضحة في هذا السياق. ومعلوم أن هذا يحتاج إلى وقف الشطط الإسرائيلي المتعلق بضم الضفة الغربية المحتلة، كما أن أي عملية تفاوض مستقبلية تحتاج إلى الثقة الإقليمية والدولية، تلك الثقة التي عصفت بها إسرائيل كثيراً في غزة والضفة وفي كل المنطقة عبر انتهاكها لسيادة دول عربية، وحديث قادتها الصريح عن «إسرائيل الكبرى».
هناك ثوابت وخطوط حمراء عربية ودولية من بينها رفض تهجير الفلسطينيين، وحقهم في تقرير مصيرهم، وحقهم في إقامة دولتهم، ورفض العدوان أو التهديد به ضد دول المنطقة. هذه الثوابت وتلك الخطوط الحمراء عبرت عنها الدول العربية بكل حسم، كما أن المنظمات الدولية ما فتئت تطالب بالالتزام بها، والغالبية العظمى من دول العالم مُجمعة عليها.
وقف إطلاق النار هذه المرة لا ينبغي أن يكون مؤقتاً، ولا كما يقول بعض جنرالات إسرائيل وسياسيها لنسترد أسرانا ثم نعود إلى الحرب، ومن ثم فالحاجة ماسة إلى ضمانات أمريكية حقيقية للجم هذا المنطق الإسرائيلي المنفلت.
المصدر: الخليج