رأي

إيران وإسرائيل من حلف وصداقة إلى عداوة لدودة

كتبت شابنام فون هاين في DW.

في تطور خطير، أطلقت إيران وابلا من الصواريخ الباليستية على إسرائيل الثلاثاء (الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024)؛ إذ انطلقت صفارات الإنذار في أنحاء إسرائيل وسُمع دوي انفجارات في القدس وغور الأردن.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن نحو 200 صاروخ أطلقت من إيران على إسرائيل، بينما أشار الحرس الثوري الإيراني إلى أن الهجوم الصاروخي استهدف “ثلاث قواعد عسكرية” في محيط تل أبيب.

وتصاعد التوتر في إيران وإسرائيل في أعقاب مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الجمعة (27 سبتمبر/أيلول) في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحركة التي تسلحها وتمولها إيران.

وتعتبر دول عديدة حزب الله أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ “منظمة إرهابية”.

وتسلط التطورات الأخيرة الضوء على حجم العداء الشديد بين البلدين، فمنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي أصبحت الدولتان  “ألد أعداء” وفي الوقت الذي تهدد فيه إيران بمحو إسرائيل من الخريطة تعتبر الأخيرة طهران أشد خصومها، فما جذور العداء بين البلدين؟

متى كانت إيران وإسرائيل حليفتين؟

قبل قيام ثورة الخميني الإسلامية في إيران عام 1979 كانت إسرائيل وإيران حليفتين، فقد كانت طهران من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل بعد قيامها عام 1948 وفي حين اعتبرت إسرائيل حينئذٍ إيران حليفة لها ضد الدول العربية رأت طهران في إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة ثقل توازن مقابل الدول العربية في المنطقة.

وأثمر هذا التعاون عن قيام إسرائيل بتدريب خبراء إيرانيين في مجال الزراعة وأيضا المساعدة في إنشاء القوات المسلحة الإيرانية وتدريبها. وكان الشاه الإيراني يقوم بدفع الثمن عن طريق شحن دفعات من النفط الإيراني إلى إسرائيل التي كان اقتصادها في ذاك الوقت بحاجة إلى النفط.

وفي تلك الحقبة كانت إيران موطنا لثاني أكبر طائفة يهودية خارج إسرائيل، لكن عقب قيام الثورة الإسلامية غادر العديد من اليهود إيران فيما تقول تقديرات إن أكثر من 20 ألف يهودي مازالوا يعيشون في إيران.

متى تغيرت العلاقة بين إيران وإسرائيل؟

وعقب قيام الثورة الإسلامية -بقيادة آية الله الخميني- ألغت إيران كافة الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل بالتزامن مع توجيه قائد الثورة انتقادات شديدة لإسرائيل بسبب احتلالها أراضيَ فلسطينية. وبمرور الوقت تبنت إيران لهجة خطاب عنيفة ضد إسرائيل بهدف كسب تأييد مواطنيها والدول العربية، فالنظام الإيراني كان حريصا على تعزيز نفوذه الإقليمي.

وفي عام 1982 حين أرسلت إسرائيل قواتها إلى جنوب لبنان -لاجتياحه من أجل التدخل في الحرب الأهلية اللبنانية- قام الخميني بإرسال عناصر من الحرس الثوري إلى بيروت لدعم الميليشيات الشيعية. ويقول خبراء إن ميليشيا حزب الله -التي كانت إحدى ثمار هذا الدعم الإيراني- باتت الآن تلعب دور وكيل إيران الرئيسي في لبنان.

ومع تولي آية الله علي خامنئي قيادة البلاد ظلت إيران على نفس القدر من العداوة تجاه إسرائيل فيما شكك المرشد الإيراني وقادة البلاد في عدة مناسبات في وقوع الهولوكوست.

ومن أجل تعزيز موقفها ضد إسرائيل والسعودية، دعمت إيران حزب الله في لبنان و حماس في غزة. كما تدخلت في الحرب بسوريا عبر دعم الرئيس بشار الأسد. وفي اليمن والعراق، تمضي طهران قدما في دعم الحوثيين وما يُطلق عليه اسم “حركة المقاومة الإسلامية في العراق”.

تصاعد التوتر

وكان يقف وراء ما يمكن وصفه بـ “حرب الظل” قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري والمكلف بالتخطيط وتنفيذ العمليات الخارجية لإيران والذي قُتل في غارة أمريكية بطائرة مسيرة مطلع عام 2020.

ويرى مراقبون أن إسرائيل لم تفعل الكثير للحد من التوتر مع إيران. فعلى سبيل المثال، قارن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في عدة مناسبات إيران بألمانيا النازية، قائلا إن طهران تهدد وجود بلاده.

وعقب إبرام الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5 + 1) التي تضم الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا عام 2015، اعتبر نتنياهو الاتفاق “خطأ تاريخيا”. وأضاف أن بلاده سوف تمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية بكل الوسائل المتاحة فيما سعت في عدة مرات إلى تخريب البرنامج النووي الإيراني.

وخلصت تحقيقات لصحيفتي “نيويورك تايمز” و “الغارديان” إلى وجود أدلة تشير إلى أن اغتيال العالم الإيراني النووي، محسن فخري زاده، عام 2020 جرى على يد عناصر من وكالة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد”. ولم تؤكد إسرائيل أو تنف وقوفها وراء عملية القتل.

دور المجتمع المدني؟

ويقول مراقبون إن قضية العداء لإسرائيل لا تحظى بدعم كافة الإيرانيين وهو ما بزر من تصريحات سابقة أدلت بها الناشطة الإيرانية فائزة رفسنجاني ابنة الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني.

وخلال مقابلة أُجريت عام 2021 قالت فائزة إنه “يجب على إيران إعادة تقييم علاقتها مع إسرائيل لأن موقفها لم يعد يتماشى مع العصر”، مضيفة أنَّ أقلية الإيغور المسلمة في الصين ومسلمي الشيشان في روسيا يتعرضون للاضطهاد ورغم ذلك فإن “علاقة إيران بموسكو وبكين وثيقة”.

وفي مقابلة مع DW عام 2022 انتقد المفكِّر الإيراني البارز صادق زيباكلام -الذي يدرِّس في جامعة طهران – سياسة بلاده تجاه إسرائيل، قائلا إن “هذا الموقف أدى إلى عزل إيران على الساحة الدولية”.

وداخل إسرائيل، خرجت أصوات متضامنة مع الشعب الإيراني فيما تعد حملة “إسرائيل تحب إيران” التي أطلقها نشطاء إسرائيليون على موقع الفيسبوك عام 2012، المثال الأبرز على ذلك. ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل في عام 2023 حرى تدشين حملة مماثلة لدعم الاحتجاجات الإيرانية عقب مقتل مهسا أميني.

وسياسيا، تصاعدت وتيرة التوترات بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق عقب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 وما تلى ذلك من عمليات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى