شؤون دولية

إيران تستبعد تعرض منشآتها النووية لضربة إسرائيلية

استبعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن تبادر إسرائيل إلى توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية، رداً على ثاني هجوم صاروخي مباشر شنه «الحرس الثوري» على الأراضي الإسرائيلية.

ونقلت وكالات رسمية إيرانية عن عراقجي قوله في تصريحات صحافية: «نشك في أن إسرائيل تجرؤ على مهاجمة منشآتنا النووية».

وكرر عراقجي تحذيرات المسؤولين الإيرانيين بشأن جاهزية بلاده للرد على أي هجوم محتمل من إسرائيل، قائلاً: «سنواجه أي إجراء برد مناسب وأقوى من قبل». وأضاف: «نشك في أن إسرائيل تجرؤ على مهاجمة منشآتنا النووية».

وكانت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أعلنت، الأربعاء، تأمين مراكزها تحسباً لأي هجوم إسرائيلي محتمل.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، قائلة إنها كانت رداً على هجمات إسرائيلية قتلت قادة من «حزب الله» و«حماس»، المدعومين من إيران، في بيروت وطهران.

وجاءت تصريحات عراقجي وسط تكهنات بشأن طبيعة الرد الإسرائيلي على هجوم إيران الباليستي الذي استهدف ثلاث قواعد عسكرية ومقراً للموساد في إسرائيل.

وأشار محللون غربيون إلى احتمال هجوم إسرائيل على مواقع استراتيجية في إيران، بما في ذلك المنشآت النووية، والمنشآت البتروكيمياوية لإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الإيراني المتداعي جراء العقوبات الأميركية.

تهديدات إسرائيلية

وبعد ساعات على الهجوم على إسرائيل، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، الأربعاء، إلى ضربة حاسمة تدمّر منشآت إيران النووية. وقال بينيت على منصة «إكس»: «علينا التحرّك الآن لتدمير برنامج إيران النووي ومنشآتها المركزية للطاقة، ولشل هذا النظام الإرهابي بشكل يقضي عليه»، وأضاف: «لدينا المبرر. لدينا الأدوات. الآن، بما أن (حزب الله) و(حماس) باتا مشلولين، أصبحت إيران مكشوفة». وفي بيان منفصل، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن على إيران أن «تدفع ثمناً باهظاً وكبيراً» بعد الهجوم. وقال: «تعرف طهران بأن إسرائيل قادمة. يتعيّن بأن يكون الرد قوياً، ويجب أن يبعث رسالة قاطعة إلى محور الإرهاب في سوريا والعراق واليمن ولبنان وغزة وإيران نفسها».

وصرح الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه لن يدعم أي هجوم إسرائيلي على مواقع متعلقة بالبرنامج النووي الإيراني. وقال بايدن، الأربعاء: «الإجابة هي: لا»، عندما سُئل عما إذا كان سيؤيد مثل هذا الرد بعد أن أطلقت إيران نحو 180 صاروخاً على إسرائيل.

بنك أهداف

والاثنين، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران من أنه لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا يمكن لإسرائيل الوصول إليه.

ومن بين المنشآت النووية المهددة بالهجوم الإسرائيلي المتحمل، تبرز منشأة نطنز الرئيسية، التي تعرضت لخمس محاولات تخريب بعد عام 2003، بحسب المدير السابق للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية والنائب الحالي فريدون عباسي.

كما تواجه منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض، حيث تقوم طهران بتخصيب اليورانيوم 60 في المائة، احتمالات التعرض لضربة عسكرية.

وتملك طهران مفاعلين للأبحاث النووية في أصفهان وطهران، وكذلك محطة الطاقة الرئيسية في مفاعل بوشهر. وكذلك مفاعل أراك للمياه الثقيلة المحاط بالجبال في وسط البلاد.

ومن بين السيناريوهات المطروحة تعرض مصافي البترول والغاز، وأهمها في جنوب البلاد، عبادان المجاور لشط العرب، ومصفاة معشور للبتروكيمياويات، ومصفاة عسلوية للغاز الطبيعي، ومحطة بندر عباس، قبالة الخليج العربي.

أما المنشآت العسكرية، فقد تتجه الأنظار إلى منشآت صاروخية لـ«الحرس الثوري» في ضاحية جنوب شرقي طهران، وأهمها قاعدة «بارشين»، وكذلك قواعد صاروخية شرقي وجنوبي طهران، فضلاً عن قاعدة صاروخية في مدن تبريز وكرمانشاه وشيراز.

تحذيرات سابقة

وكان هجوم الصاروخي الإيراني، الثلاثاء، ثاني ضربة مباشرة يشنها «الحرس الثوري» على إسرائيل، بعد هجوم صاروخي وبالمسيّرات في أبريل (نيسان)، جاء رداً على غارة إسرائيلية دامية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق. وشنت إسرائيل هجوماً محدوداً مستهدفة منظومة رادار في مطار عسكري، قرب منشأة نطنز النووية، دون أن توقع خسائر بشرية.

وتصاعدت تهديدات إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وردت إيران بتصعيد لهجتها، مشيرة إلى أن منشآتها مؤمّنة بشكل تام، وأن أي هجوم سيقابله رد عسكري قوي، وفقاً لتصريحات مسؤولين في «الحرس الثوري» وقيادات عسكرية أخرى.

وبعد الهجوم الإيراني في 14 أبريل، أغلقت إيران منشآتها النووية بوجه المفتشين الدوليين، إثر إجراءات أمنية مشددة اتخذتها تحسباً للرد الإسرائيلي.

وأبدى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قلقه من احتمال استهداف إسرائيل للمراكز النووية الإيرانية.

وقال العميد أحمد حق طلب، قائد وحدة «الحرس الثوري» المكلَّفة بحماية المنشآت النووية، إنه «إذا أراد النظام الصهيوني استخدام التهديد بمهاجمة المراكز النووية بوصفه أداة ضغط فمن المحتمل مراجعة العقيدة والسياسات النووية للجمهورية الإسلامية، وتعديل الملاحظات المعلنة في السابق»، في إشارة ضمنية إلى التراجع عن «فتوى» المرشد الإيراني بشأن تحريم إنتاج الأسلحة.

ومع ذلك، قال حق طلب، إن بلاده على أهبة الاستعداد لصد أي هجوم إسرائيلي، مضيفاً أن المراكز النووية الإيرانية «تتمتع بأمن تام».

وهدد بتوجيه ضربات انتقامية للبرنامج النووي الإسرائيلي، قائلاً: «المراكز النووية للعدو الصهيوني تحت إشرافنا الاستخباراتي، ولدينا المعلومات اللازمة لكل الأهداف، أيدينا على زناد الصواريخ القوية لتدمير الأهداف رداً على إجرائهم المحتمل».

في أغسطس (آب) 2022، صرح رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، بأن إيران لديها القدرة التقنية على إنتاج قنبلة نووية، لكنه أكد أن ذلك ليس ضمن نيتها.

وأثارت تصريحات إسلامي الكثير من الجدل، خصوصاً مع تعليقات مماثلة من مسؤولين مثل كمال خرازي مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية، ومحمد جواد لاريجاني أحد المنظرين السياسيين في المؤسسة الحاكمة.

وفي نهاية فبراير (شباط) الماضي، حملت تعليقات رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية السابق، علي أكبر صالحي، نفس النبرة من التحذيرات والتلميحات حول إمكانية تغيير العقيدة النووية.

وقال صالحي في برنامج تلفزيوني: «لدينا كل (قطع) العلوم والتكنولوجيا النووية»، واحتج مدير الوكالة الدولية على تصريحات صالحي، وطالب طهران بمزيد من الشفافية حول أنشطتها.

في فبراير 2021، قال وزير الأمن السابق محمود علوي، إن إيران قد تتصرف كـ«قط محاصر» قد يتصرف بطريقة مغايرة إذا استمر الضغط الغربي.

وسبق لإسرائيل استهداف منشآت نووية في منطقة الشرق الأوسط. وأعلنت إسرائيل تدمير «مفاعل تموز» في العراق عام 1981، وأقرت في 2018 بأنها شنّت قبل 11 عاماً من ذلك ضربة جوية استهدفت مفاعلاً قيد الإنشاء في أقصى شرق سوريا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى